القاهرة – سئم البرلمان المصري مناقشة قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية ساخنة، كارتفاع الأسعار وعلاوات الموظفين وعجز الموازنة وقانوني الاستثمار والأزهر، وبدأ أعضاؤه بمناقشة مسلسلات تلفزيونية من المقرر أن تعرض خلال شهر رمضان، إذ هدد أعضاء محافظون بمنع عرض بعضها لاعتبارات “أخلاقية”، في تحالف ضمني مع أفكار المتشددين.
ومؤخرا قال أعضاء في لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب إن “البرلمان يتابع جميع المسلسلات المقرر عرضها في رمضان، ويفتح نقاشا موسعا بشأن أي مسلسل غير مناسب”، مهددين بالمطالبة بوقف أي مسلسل إذا لزم الأمر.
وأرجع نواب مطلبهم بمراقبة المسلسلات التلفزيونية بالاستناد إلى ما أسموه “الرغبة الجماهيرية” في ضرورة السيطرة على “التردي” الذي تشهده الساحة الفنية في مصر.
وقال النائب تامر عبدالقادر عضو اللجنة “إن الموسم الرمضاني الماضي شهد عرض مسلسلات بلا هدف لم تشارك في تشكيل وعي المجتمع المصري بشكل سليم وابتعدت عن قيم الدين الإسلامي”.
وتحت شعار “انتهى زمن الإسفاف في الدراما” فتح النائب نادر مصطفى، أمين لجنة الثقافة والإعلام، الباب أمام المواطنين للإبلاغ عن أي مسلسل يعتقدون أنه ينشر الشعوذة والكذب أو يضر بالآداب العامة للمجتمع، وذلك من خلال “خط ساخن” على الهاتف تخصصه اللجنة لاستقبال الشكاوى الرافضة لأي من المسلسلات التي تبلغ كلفتها الإنتاجية الملايين.
ورفض نواب آخرون تفرغ البرلمان لمراقبة مسلسلات رمضانية، وقالوا إن خطط البرلمان الجديدة تتعارض مع اختصاصات المجلس الأعلى للإعلام، وهو مؤسسة تم تشكيلها مؤخرا، ويقوم على ضبط الإعلام والإنتاج التلفزيوني وفقا للدستور المصري.
والعام الماضي سارع نشطاء وسياسيون إلى التهديد برفع دعاوى قضائية لوقف عرض مسلسلات بمجرد إطلاق إعلاناتها الترويجية قبل عرضها خلال شهر رمضان، وقالوا إن هذه المسلسلات تعرض صورا عارية وألفاظا “خادشة للحياء”، في تناقض مع ما أسموه “أخلاقيات رمضان”.
وعادة ما كان يقود هذه الحملات رجال دين سلفيون ومتشددون آخرون عبر الإفتاء بتحريم مشاهدة بعض المسلسلات. لكن انتقال الهجوم على أعمال فنية إلى البرلمان أثار جدلا واسعا بين الكثير من المثقفين والفنانين والنقاد.
ورأى متابعون أنه من الضروري طرح القضايا الاجتماعية المختلفة بالمجتمع بجرأة، ومنها قضايا الشباب والطفل والمرأة خصوصا، حتى يتنبه المجتمع إلى العيوب والنواقص التي تجب معالجتها، وشددوا على أن الجمهور يجب أن يكون هو الفيصل في الحكم عليها بالنجاح أو الفشل.
وكان جهاز الرقابة على المصنفات الفنية (هيئة حكومية) أجاز حتى الآن عرض 22 مسلسلا من الأعمال الدرامية التي سيتم تقديمها في رمضان، ونبّه إلى ضرورة التزام صناع الدراما بعدم عرض ما يخدش الحياء العام، وناشدهم التوقف عن استخدام ألفاظ مثيرة للجدل وتوظيفها ضمن حبكة درامية.
وعبر نقاد عن تحفظهم على إعلانات ترويجية لمسلسلات، قالوا إنها تضم تلميحات جريئة. ومن بين هذه المسلسلات “الحرباية” بطولة المطربة اللبنانية هيفاء وهبي، التي تظهر فيها مرتدية ملابس جريئة.
وسرعان ما انتشرت فتاوى لقادة الدعوة السلفية بمصر تحرم مشاهدة المسلسلات خلال شهر رمضان، وشن بعض قادة الحركة هجوما حادا على المسلسلات والأعمال الفنية المنتظر عرضها ووصفوها بـ”الأعمال المنحرفة”.
وطالب عادل نصر المتحدث باسم الدعوة السلفية، في تسجيل صوتي نشره الموقع الرسمي للدعوة “أنا السلفي”، الجمهور بالامتناع عن المحرمات في رمضان وفي غيره، ومنها المسلسلات والأفلام التي وصفها بأنها “أعمال منحرفة تفسد الأخلاق وتؤخر الأمم”.
واستنكر أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إصدار الدعوة السلفية الفتاوى، مشددا على أن هناك جهات مسؤولة عن الشؤون الإسلامية في مصر تفتي وتصدر الأحكام المتعلقة بالشريعة، وتحريم السلفية مشاهدة مسلسلات رمضان خارج عن النصوص والقواعد الشرعية لأن الترويح عن النفس جائز شرعا.
العرب اللندنية