الكويت – كثّف الفرع الكويتي لجماعة الإخوان المسلمين من جهوده لحماية مواقعه القيادية في وزارة الأوقاف، ومنع تنفيذ برامج حكومية هادفة لتنقية الوزارة والمؤسسات التابعة لها من العناصر المتشدّدة المنتمية للجماعة ولغيرها من الحركات الدينية، والتي تمكّنت طيلة العشريات الماضية من التسرّب إلى تلك المؤسسات ذات التأثير الاجتماعي والديني الكبير وتجييرها لخدمة الجماعة والدعاية لطروحاتها.
وتحاول الجماعة الممثلة في الكويت بما يعرف بـ”الحركة الدستورية الإسلامية -حدس” استغلال تموقعها في مجلس الأمة (البرلمان) بفضل الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في نوفمبر الماضي، للضغط على الحكومة لوقف برنامج وضعته بهدف تطهير الوزارة من المتشدّدين وترشيد الخطاب الديني لتجنّب محاذير الطائفية ودعم الإرهاب، ولمراقبة عمل الجمعيات -بما في ذلك الإخوانية- العاملة تحت يافطة العمل الخيري لجمع تمويلات لأنشطة سياسية وحتى إرهابية.
ونقلت صحيفة الرأي المحلية الكويتية عن مصادر وصفتها بالمطّلعة قولها إنّ نواب “حدس” يسلّطون ضغوطهم على وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية محمد الجبري على خلفية تفويضه للوكيل فريد عمادي ويهدّدونه بالاستجواب في حال استمراره بإقصاء المنتمين للحركة من المناصب القيادية بالوزارة.
وشرحت ذات الصحيفة في تقريرها أن الخلاف بين قياديي “حدس” في وزارة الأوقاف والوكيل عمادي، بدأ منذ توليه المنصب خلفا للوكيل السابق عادل الفلاح أحد قياديي الحركة في فترة تولي يعقوب الصانع منصب وزير للأوقاف.
تهديدات باستجواب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في حال استمراره بإقصاء الإخوان من المناصب القيادية بالوزارة
وأوضحت أن عمادي استبعد الوكلاء المساعدين والمديرين المنتمين أو المحسوبين على “حدس” ولم يتبق غير عدد قليل منهم في المناصب القيادية والإشرافية، كما أقنع عمادي الوزير السابق الصانع بإحالة من اتُّهم بأمور مالية إلى النيابة.
وذكرت المصادر أن “نواب حدس عقدوا العزم على المواجهة وتصعيد النبرة الرقابية، بعدما نما إلى علمهم أن هناك حركة تدوير في الأوقاف ربما تطال ما تبقى من قياديي الحركة في الوزارة”، مؤكدة أن “القياديين أبلغوا النواب ضرورة التحرك لإيقاف حركة التدوير والضغط على الوزير الجبري حتى يقلّص من صلاحيات الوكيل عمادي”.
واعتبرت المصادر -وفق الصحيفة ذاتها- أن “من الواضح أن عين حدس على وزارة الأوقاف وتريد الهيمنة عليها، وإن كان الثمن تقديم استجواب لوزير الأوقاف، من أجل الضغط على الحكومة لتحقيق مطالبها ومصالحها، خصوصا بعد موقفها المؤيد في مناقشة استجواب رئيس الوزراء أخيرا”. وخلال الفترة الأخيرة عاد الاستجواب البرلماني ليظهر في الكويت بشكل أشدّ وضوحا من ذي قبل، لا كوسيلة رقابية على عمل الحكومة، ولكن كسلاح للضغط عليها وتوجيه برامجها وسياساتها وجهات معينة، وحتى لتصفية الحسابات ضدّ بعض أعضائها.
ويقول متابعون للشأن الكويتي إنّ جماعة الإخوان التي لا تعمل بمفردها على منصّة مجلس الأمّة بل بالتحالف مع شخصيات وحركات فكرية وسياسية أخرى وراء موجة الاستجوابات التي سبق أن أطاحت بوزير الشباب الشيخ سلمان الحمود وطالت مؤخرّا رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك ووزير الإسكان ياسر أبل.
وفي ظل أجواء المنطقة المحتقنة دينيا وطائفيا، والمهيأة لتصعيد موجة التشدّد والإرهاب، أظهرت الكويت خلال السنوات الماضية حرصا على حماية مجتمعها من النزعات المتشدّدة من خلال سلسلة من الإجراءات شملت ترشيد الخطاب الديني وتقييد نشاط الحركات الدينية، وخصوصا من داخل مؤسسات الدولة.
وسبق لوزارة الأوقاف أن شكلت لجنة لفحص شهادات خطباء وأئمة المساجد والتأكد من صحتها وإخضاع بعضهم للاختبار العشوائي لمعرفة نهجهم الفكري ما أفضى إلى إيقاف عدد منهم منعا لاستغلال المنابر والمساجد لأغراض حزبية وطائفية.
وحفّزت الظروف الإقليمية وما يميزها من تهديدات أمنية الكويت على انتهاج الصرامة في مراقبة عمل بعض الهيئات الدينية وأيضا الجمعيات ذات الطابع الديني وخصوصا الناشطة منها في مجال جمع التبرّعات مخافة تجيير نشاطها لتمويل الإرهاب.
العرب اللندنية