مانشستر(المملكة المتحدة) – سلط الاعتداء الإرهابي في مدينة مانشستر الذي أودى بحياة 22 شخصا بينهم أطفال وإصابة أكثر من 50 آخرين، الضوء على البيئة الحاضنة للتطرف في المملكة المتحدة.
وتساءل بريطانيون مسلمون عن طبيعة التوحش الذي يمثله الإرهابي عندما يفجر نفسه بين أطفال صغار، وعن أي بيئة حاضنة تدفع لمثل هذا العمل، مشيرين إلى خطر الإسلام السياسي والتنظيمات التابعة له ليس فقط على البريطانيين بل على طبيعة حياة المسلمين في بريطانيا.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية الثلاثاء مسؤوليته عن اعتداء مانشستر في شمال غرب إنكلترا الذي استهدف حفلا غنائيا، وأسفر عن وقوع 22 قتيلا بينهم “الكثير من الشباب والأطفال” وإصابة 59 آخرين بجروح، بحسب الشرطة البريطانية.
ووقع الانفجار العنيف مساء الاثنين على أحد مداخل قاعة مانشستر أرينا التي تتسع لحوالي 21 ألف شخص في نهاية حفل لمغنية البوب الأميركية أريانا غراندي (23 عاما)، وأثار الهلع بين الجمهور الذي شمل عددا كبيرا من الشباب والأطفال.
وأحيا الهجوم الانتحاري الجدل حول الإجراءات الأمنية في أماكن الحفلات والفعاليات، إلا أن خبراء أشاروا إلى المهمة الصعبة التي تواجهها السلطات في منع المهاجمين.
وأثار الهجوم مقارنات مع هجوم قاعة باتاكلان في مدينة باريس في نوفمبر 2015 الذي أدى إلى مقتل 90 شخصا، إضافة إلى تساؤلات حول غياب الإجراءات الأمنية المشددة.
وصرح الشاهد كريس بولي لشبكة فوكس “لقد حضرت حفلات موسيقية في السابق وفي بعض الأحيان كان يتم تفتيشي جسدياً أو أن يُطلب مني إفراغ جيوبي. ولكن لم يتم أي شيء من هذا في حفل الليلة، فلم يتعد الأمر التأكد من تذاكرنا ودخولنا مباشرة”.
أما مستخدمة تويتر سيلي، فقالت إن “الإجراءات الأمنية لم تكن جيدة في صالة آرينا بمانشستر، فلم يفتش أحد حقائبنا أو ستراتنا”.
وقالت كيت نيكول المحللة الأمنية في شركة “آي إتش آس ماركت” إن “العديد من المؤشرات تدل على أن الهجوم تم التخطيط له بدقة، ويرجح أن يكون أكثر من شخص شاركوا فيه”.
وأضافت أن “الانفجار وقع في ذلك الوقت لإيقاع أكبر عدد من الضحايا في مكان مغلق. وفي الوقت نفسه تجنب الإجراءات الأمنية يشير إلى أن العملية تم التخطيط لها بدقة”.
ويقول اتسو ايهو من مركز “جينز لدراسات الإرهاب” إن المهاجم انتظر خروج الجمهور من منطقة الطوق الأمني قبل أن يفجر نفسه ما يظهر “أن مثل هذه التجمعات الكبيرة هي هدف سهل رغم الإجراءات الأمنية التي تتخذ في مثل هذه المواقع”.
المتفجرات تشكل تصعيدا في الهجمات التي شهدتها بريطانيا مؤخرا والتي استخدمت فيها أسلحة غير متطورة
وقامت شركات تنظيم الحفلات مثل شركة “لايف نيشن” التي تدير العديد من مواقع الاحتفالات في لندن، بتشديد الإجراءات الأمنية فيها بعد هجوم باتاكلان، إلا أنها لم تكشف تلك الإجراءات.
كما تخشى شركات الأمن أن تسبب الإزعاج للناس، بحسب سايمون باتيرسبي مدير مجموعة شوسيك التي تعتبر صالة آرينا مانشستر بين زبائنها.
ويوفر مركز تحليل الإرهاب المشترك التابع للحكومة إرشادات عامة بحيث يبلّغ المواقع المختلفة بمستوى التهديد في البلاد المحدد حالياً بـ”الشديد”، ما يعني أن وقوع هجوم هو أمر مرجح جدا.
وتساعد الإرشادات شركات توفير الحماية، إلا أنها لا تجبرها على تطبيق إجراءات معينة مثل وضع أجهزة رصد المعادن.
ويعتبر استخدام عبوة ناسفة تصعيدا في الهجمات التي شهدتها بريطانيا مؤخرا والتي استخدمت فيها أسلحة غير متطورة مثل السكاكين والعربات. ولا تشكل الأسلحة النارية تهديداً كبيرا في البلاد نظرا لتشديد قوانين حيازة الأسلحة في بريطانيا. ويقول الخبراء إن استخدام تلك العبوة يشكل مصدر قلق خاص نظراً للإجراءات المفروضة في البلاد والتي تمنع صنع القنابل.
وترى كيت نيكول “من الصعب جداً الحصول على المواد اللازمة لصنع عبوة ناسفة يدويا وفي الوقت نفسه تجنب رصد من يسعى الى الحصول عليها”.
واضافت “منذ تفجيرات لندن 2005 تم فرض إجراءات لتقييد شراء المواد التي يمكن استخدامها لصنع عبوات ناسفة”. ويرجح أن تتعرض أجهزة الأمن لضغوط بعد أن قالت رئيسة الوزراء تيريزا ماي إن الشرطة كانت تعرف هوية المهاجم.
وتعتقد السلطات أن هناك نحو 2000 جهادي محتمل في بريطانيا. ويرجح أن تثار مسألة إمكانات المراقبة، فيما تستعد البلاد لإجراء الانتخابات البرلمانية في الثامن من يونيو.
وأعلنت الشرطة الثلاثاء القبض على شاب يعتقد أنه على ارتباط بالهجوم، وقالت في بيان أنه “في إطار التحقيق المستمر بشأن هجوم على قاعة مانشستر أرينا، يمكننا التأكيد بأننا ألقينا القبض على رجل يبلغ من العمر 23 عاما في جنوب مانشستر”.
كما أعلن قائد شرطة مانشستر ايان هوبكنز أن منفذ الاعتداء قتل بينما كان يحاول تفجير “عبوة ناسفة يدوية”، مشيرا إلى أن الشرطة تسعى إلى معرفة ما إذا كان قام بالاعتداء “بمفرده أو إذا كان مدعوما من شبكة” معينة.
والثلاثاء أعلن تنظيم الدولة الإسلامية تبني اعتداء مانشستر في بيان تناقلته حسابات جهادية على مواقع التواصل الاجتماعي ذكر فيه “تمكن أحد جنود الخلافة من وضع عبوات ناسفة وسط
تجمعات للصليبيين في مدينة مانشستر البريطانية حيث تم تفجير العبوات في مبنى للحفلات الماجنة”، متوعدا بالمزيد من الاعتداءات.
ونددت رئيسة الوزراء البريطانية بـ”اعتداء إرهابي مروع”، معتبرة أن منفذه “جبان” لأنه “تعمد استهداف أطفال أبرياء ضعفاء”.
كما أعلنت تعليق الحملة الانتخابية التي تقوم بها استعدادا للانتخابات العامة في 8 يونيو، وكذلك فعل زعيم المعارضة جيريمي كوربن.
وما زالت الحصيلة مرشحة للارتفاع نظرا إلى العدد الكبير للجرحى بإصابات الخطيرة الذي نقلوا إلى ثمانية مستشفيات في المدينة لتلقي العلاج، بحسب ماي.
وندد وزير الداخلية البريطاني بالاعنداء ووصفه بأنه “اعتداء همجي يستهدف أشخاص بين الأكثر ضعفا في مجتمعنا. شباب وأطفال خرجوا لحضور حفل بوب”.
وقال نظيره الفرنسي جيرار كولون “إن المستهدف هو مجددا شبابنا ونمط حياتنا”، بعد عام ونصف على اعتداء جهادي استهدف قاعة حفلات في باريس وأسفر عن مقتل 90 شخصا.
ويعتبر هذا الاعتداء الأكثر دموية في بريطانيا منذ 7 يوليو 2005 حين فجّر أربعة انتحاريين أنفسهم في المواصلات العامة في لندن في ساعة الازدحام ما أدى إلى مقتل 52 شخصا وإصابة 700 بجروح.
العرب اللندنية