لندن – يكشف هجوم مانشستر الانتحاري عن أوجه القصور التي تعتري الاستراتيجيات البريطانية لمكافحة التطرف، وعقم البرامج الحكومية التي رصدت لها إمكانيات هائلة للحيلولة دون انجذاب الشبان المسلمين إلى الجماعات المتشددة.
وتستفيد جماعات إسلامية متشددة من مناخ الحريات في بريطانيا خصوصا والدول الغربية عموما لنشر أيديولوجياتها المتطرفة.
ويحذر خبراء في الأمن باستمرار من العبث الذي يميّز برامج الحكومات البريطانية المتعاقبة في مكافحة التطرف، في ظل وجود مساحات شاسعة تستثمرها جماعات متطرفة “كتنظيم الإخوان”.
ويؤكد هؤلاء أن إدارة حرب حقيقية ضد الإرهاب والتطرف يجب أن تتنقل إلى محاربة تلك الجماعات نفسها دون الاكتفاء بإجراءات غير فعالة كالتضييق عليها أو تشديد الرقابة على مواردها المالية.
ويقول محللون إن على الحكومة البريطانية بعد تعدد الضربات الإرهابية في الآونة الأخيرة، تعميق تعاونها الاستخباراتي مع دول رائدة في مجال مكافحة التطرف وتمتلك خبرات واسعة في تفكيك التنظيمات الإرهابية على غرار دول الخليج ومصر.
وعلى الرغم من التكتم الرسمي البريطاني تجاه منفذ عملية مانشستر، فإن العديد من وسائل الإعلام الليبية المحلية نشرت الكثير من التفاصيل بخصوص منفذ هجوم مانشستر سليمان العبيدي.
الأجهزة الأمنية الليبية سبق أن صنفت والد الانتحاري ضمن عناصر تنظيم القاعدة قبل لجوئه إلى بريطانيا
ولكن التكتّم البريطاني الرامي إلى منع تسرّب معلومات حساسة إلى جهات خارجية يُمكنها الاستفادة مما تحصل عليه من تفاصيل أو معلومات عبر الإعلام، قوبل على الجانب الليبي بموقف آخر، بعد أن ربط موقع “المرصد الليبي” بين والد الانتحاري الشاب الذي لم يتجاوز عمره 22 سنة، وبين الشبكات الإرهابية التي حظيت في وقت ما بدعم غربي كبير، وتحديدا الجماعة الليبية المقاتلة، الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في ليبيا بقيادة رئيس المجلس العسكري السابق في العاصمة طرابلس، عبدالحكيم بلحاج.
وقال الموقع إن العبيدي الأب هو القيادي السابق في الجماعة الليبية المقاتلة “أبوإسماعيل” أو رمضان بلقاسم العبيدي، المعروف لدى أجهزة الأمن البريطانية التي استقبلت العشرات من الفارين إليها.
ووفقا للموقع فقد صنفت الأجهزة الأمنية الليبية في عهد القذافي، ضمن عناصر تنظيم القاعدة، وهو من سكان منطقة قصر بن غشير بالعاصمة الليبية طرابلس قبل لجوئه إلى بريطانيا برفقة زوجته ليعود إلى بلده بعد سقوط نظام القذافي.
وذكرت وزارة الداخلية الفرنسية أن الانتحاري، هو طالب جامعي ترك الدراسة وله علاقات مؤكدة بتنظيم الدولة الإسلامية.
وولد سلمان لعائلة ليبية مسلمة محافظة في مانشستر، ثالث أكبر المدن البريطانية، وقال مسؤولون إنه معروف لدى أجهزة الأمن البريطانية، وذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” أنه تحول إلى الإسلام المتطرف. وكان العبيدي يتردد على مسجد في أحد أحياء مانشستر يرتاده الكثير من الطلاب، أما والده فهو شخصية معروفة وكان يقيم الآذان أحيانا.
وأكد وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب لشبكة “بي إف أم تي في” أنه وفقا لما أوضحته أجهزة الاستخبارات البريطانية للجانب الفرنسي، فإن المشتبه به “نشأ في بريطانيا وفجأة بعد رحلة إلى ليبيا ثم على الأرجح إلى سوريا، أصبح متطرفا وقرر تنفيذ هذا الاعتداء”.
وقال إنه “من المحتمل” أن يكون العبيدي تلقى مساعدة من أشخاص آخرين وأن علاقته بتنظيم الدولة الإسلامية الذي أعلن مسؤوليته عن الاعتداء “مؤكدة”.
وكشفت الشرطة البريطانية عن هوية العبيدي الثلاثاء، بعد الاعتداء الذي ارتكبه في نهاية حفل موسيقي للمغنية الأميركية آريانا غراندي.
وأعلنت رئيسة الوزراء تيريزا ماي أن “منفذ الهجوم يدعى سلمان رمضان العبيدي ولد ونشأ في بريطانيا”، واصفة الاعتداء بأنه “شرير وجبان”.
وزير الداخلية الفرنسي يقول من المحتمل أن يكون العبيدي تلقى مساعدة من أشخاص آخرين وأن علاقته بتنظيم الدولة الإسلامية “مؤكدة”
وذكرت وزيرة الداخلية أمبر رود أن العبيدي كان معروفا لدى أجهزة الأمن البريطانية، إلا أنها لم تكشف عن المزيد من التفاصيل. وكانت عائلة العبيدي تعيش في منطقة فولوفيلد جنوب مانشستر لمدة عشر سنوات على الأقل، بحسب صحيفة ديلي تلغراف.
وداهمت الشرطة موقعا في المنطقة في وقت سابق الثلاثاء وقامت عناصرها بتفجيره للدخول. واعتقلت شابا (23 عاما) في جنوب المدينة على خلفية الاعتداء.
ووصف بيتر جونز (53 عاما) أحد السكان المنطقة بأنها “هادئة وآمنة”.
ويعيش في مانشستر أكبر عدد من الليبيين يبلغ عددهم نحو 16 ألفا وفق “بي بي سي”، وكانت مركز الاحتفالات بسقوط نظام القذافي عام 2011. وذكرت تقارير أن العبيدي هو الولد قبل الأخير في العائلة وله شقيقان وشقيقة.
وكانت عائلة العبيدي مرتبطة بشكل وثيق بمسجد ديدزبيري الذي كان في السابق كنيسة صغيرة في ضاحية فولوفيلد، قبل أن يشتريها عدد من المتبرعين السوريين عام 1967.
إلا أن شخصية بارزة من المسجد تدعى محمد سعيد صرحت لصحيفة “الغارديان” بأنه عندما ألقى خطبة في المسجد مرة العام 2015 أدان فيها الإرهاب، ظهرت الكراهية على وجه سلمان. وقال سعيد إن “سلمان أظهر لي الكراهية بعد الخطبة”.
وأمام المسجد الأربعاء قال أحد المصلين ويدعى أظهر محمود إن عائلة العبيدي كانت تعارض أي نوع من أنواع التطرف. وقال “إنهم يعارضون مثل هذه الأمور. إنهم ليسوا متطرفين”. وعن سلمان قال “لا أعلم كيف أصبح متطرفا”.
وبدأ العبيدي دراسة الأعمال والإدارة في جامعة سالفورد في مانشستر عام 2014، بحسب ما صرح مصدر لوكالة “برس أسوشييشن” للأنباء، إلا أنه ترك الدراسة بعد عامين ولم يكمل دراسته.
ولم يسكن في مقر سكن الجامعة كما أنه لم يتسبب في أي مشاكل في الجامعة، كما لم يعرف عنه انتماؤه لجمعيات داخل الجامعة.
ونشرت السلطات البريطانية الجيش عند المواقع المهمة في البلد الأربعاء للحيلولة دون وقوع هجمات بعدما رفّعت مستوى التهديد إلى أعلى معدل عقب تفجير مانشستر وهو الأعنف في بريطانيا منذ يوليو 2005 عندما قتل أربعة انتحاريين بريطانيين مسلمين 52 شخصا في هجمات منسقة على شبكة المواصلات في لندن.
العرب اللندنية