الصين تقتحم ميدان الاستثمار في الغاز المسال في أفريقيا

الصين تقتحم ميدان الاستثمار في الغاز المسال في أفريقيا


لندن – وضعت الصين خطة استراتيجية بعيدة المدى لاستثمار 7 مليارات دولار في محطات الغاز الطبيعي المسال العائمة تهدف إلى أن تصبح البائع الأقل تكلفة في العالم لتلك المحطات.

وتطمح بكين إلى تحقيق الصدارة عالميا في تطبيق تقنية ما زالت في مهدها حيث لا يوجد إلى الآن سوى مشروع واحد فقط للإنتاج التجاري.

وقدمت الحكومة الصينية قروضا وتعهدات بنحو 4 مليارات دولار لثلاثة مشاريع لمحطات الغاز الطبيعي المسال العائمة قبالة ساحل أفريقيا. وفي مشروعين آخرين بتكلفة إجمالية قدرها 3 مليارات دولار، تخطط لتقديم التمويل وبناء المحطات أيضا.

ومع ذلك، تتوخى البنوك الغربية الحذر حيال تلك المشروعات نظرا للظروف غير المواتية التي تمر بها أسواق النقل البحري والغاز، إضافة إلى الصعوبات الفنية في ضخ غاز مستخرج من تحت قاع المحيط وتحويله إلى سائل على محطة عائمة ثم نقله عبر ناقلات للتصدير.

ستيف لودن: نرى التزاما حقيقيا من الصين بمشروعات محطات الغاز الطبيعي المسال العائمة
وتحتاج الصين الغاز كبديل نظيف للفحم وفق توجه لتحسين جودة الهواء في مدنها وأقرضت بالفعل مشروع “يامال” التقليدي للغاز الطبيعي المسال في المنطقة القطبية بروسيا 12 مليار دولار مع إحجام البنوك الغربية خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية.

وقال ستيف لودن رئيس نيو إيدج، ومقرها جيرسي، التي تخطط لمشروعات محطات الغاز الطبيعي المسال العائمة قبالة سواحل الكونغو والكاميرون “نرى التزاما حقيقيا من الصين بمشروعات محطات الغاز الطبيعي المسال العائمة سواء من ناحية البناء أو من جانب استهلاك الغاز المسال حيث يعني انخفاض التكلفة في نهاية المطاف غازا أرخص”.

والمشروع الوحيد لمحطات الغاز الطبيعي المسال العائمة الذي بدأ التشغيل جرى إطلاقه في ماليزيا العام الماضي وتراوحت تكلفة المنصة العائمة بين 1.6 و1.7 مليار دولار.

ويقول مصرفيون إن تلك التكلفة لا تزال مرتفعة جدا وإذا استطاع الصينيون تقليصها إلى مليار دولار فسيهيمنون على السوق.

وتهيمن الصين بالفعل على السوق العالمية لألواح الطاقة الشمسية، وهي مورد رئيسي لمحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم مدعومة بتمويل أقل تكلفة وعمالة أرخص ودعم من الدولة.

والآن، ومع مضي بكين قدما في خطة الرئيس الصيني شي جين بينغ “حزام وطريق الحرير الجديد” لتعزيز الارتباط التجاري بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، فقد تحولت إلى مشروعات محطات الغاز الطبيعي المسال العائمة لجلب أعمال ذات تكنولوجيا متطورة إلى مرافئ بناء السفن وتوفير فرص عمل، في تحرك استراتيجي.

ويقول محللون إن مشروعات محطات الغاز الطبيعي المسال العائمة جذابة للدول الأفريقية الغنية بالموارد لكنها مثقلة بالديون، إذ أن تلك المحطات قادرة على الإبحار والرسو والتصدير بتكلفة تقل كثيرا عن المحطات البرية التي ارتفع سعرها إلى أربعة أمثال منذ 2003 وحتى 2013.

7 مليارات دولار ضختها الصين في مشروعات محطات الغاز المسال في سواحل أفريقيا
وهذه هي النظرية وإن كانت تكنولوجيا تلك المحطات ما زالت معقدة. فمحطة الغاز الطبيعي المسال العائمة الضخمة بريليود التابعة لرويال داتش شل على سبيل المثال ستكون على متن أكبر هيكل عائم في العالم لكن يجب تقليص المعدات لتشغل ربع المساحة التي تشغلها في المحطات البرية.

ولكن تلك العوامل ليست الوحيدة التي تقف عائقا أمام تلك الاستثمارات، إذ من الواضح أن حركة الأمواج وتيارات المحيطات تشكل عقبتين إضافيتين.

ويبدأ مشروع بريليود، الذي يتكلف 12 مليار دولار، التشغيل قبالة سواحل أستراليا العام المقبل، مطابقا للتصورات التي كانت سائدة خلال حقبة ارتفاع أسعار الطاقة.

وهبطت أسعار الغاز الطبيعي المسال 70 بالمئة منذ أوائل 2014. ومن المتوقع أن تظل تواجه ضغوطا أو تشهد مزيدا من التراجع نظرا لوجود إمدادات إضافية من محطات تقليدية جديدة في أستراليا والولايات المتحدة.

ومع استمرار ذلك الوضع، يعول بعض المنتجين والمشترين على انتهاء تخمة المعروض في الأسواق العالمية أوائل العقد القادم، إلا أنهم لا يريدون الاقتصار على المشروعات الكبيرة ويفضلون المشروعات الأصغر والأكثر مرونة مثل تلك التي في أفريقيا.

وأعلنت الصين الأسبوع الماضي عن نجاحها في استخراج 235 ألف متر مكعب من الجليد القابل للاحتراق من بحر الصين الجنوبي، ويتوقع أن هذه الطاقة بديلة للنفط والغاز الطبيعي في المستقبل.

وذكرت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” أن الصين استخرجت 16 ألف متر مكعب من الغاز خلال اختبارات بدأت منذ أواخر مارس الماضي.

والجليد القـابل للاحتراق عـادة مـا يتواجد في مناطق قاع البحر التي تتمتع بضغوط قوية ودرجة حرارة منخفضة لاستقراره، ويمكن إشعاله مثل الإيثانول الصلب، وهذا هو السبب في أنه يسمى الجليد القابل للاحتراق أو القابل للاشتعال.

وتوقع خبراء صينيون أن تقوم الصين باستغلال الجليد القابل للاحتراق لأغراض تجارية بحلول العام 2030، بعد أن أعلنت الدولة عن إحراز تقدم جوهري في استخراج هذه الطاقة الوافرة.

العرب اللندنية