جعدة المغارة (سوريا) – أكد عاملون في القطاع الزراعي السوري أن حسابات محصول القمح هذا العام سوف تقل كثيرا عن تقديرات الحكومة التي اعتبرها مسؤولون وتجار ومزارعون مبالغا فيها.
وتضع تقديرات وزارة الزراعة السورية إنتاج محصول القمح لهذا العام عند مليوني طن. لكن مسؤولين في مجلس مدني يسعى إلى حكم مدينة الرقة رجحوا أن تبلغ الأرقام الفعلية نحو نصف تقديرات الحكومة.
ونقلت رويترز عن عمر علوش أحد أعضاء المجلس البارزين قوله إن “الإنتاج ضعيف ولن يكون مليوني طن… الإنتاج هذا العام لكل سوريا سيقارب المليون طن”، وهو ما أكده مصدر حكومي كذلك.
وقال المصدر لرويترز، لم تذكر هويته، إن “الأرقام الحقيقية ستتضح في الأسابيع الثلاثة القادمة أو نحو ذلك حين يبلغ موسم الشراء ذروته، لكن بإمكاني القول بكل تأكيد إنه سيقل كثيرا عن المليونين”.
1.3 مليون طن من القمح تم إنتاجها العام الماضي، وهو أدنى مستوى منذ نحو 27 عاما
وخضع جزء كبير من الأراضي الزراعية بشمال سوريا لسيطرة داعش منذ 2014 حين اجتاح التنظيم المنطقة واتخذ من الرقة معقلا رئيسيا له. وقد هجر الكثير من المزارعين أراضيهم، ويقول بعضهم إنهم لم يحصدوا محاصيل منذ ثلاث سنوات.
وبينما تطرد قوات مدعومة من الولايات المتحدة التنظيم تدريجيا من المناطق الخاضعة لسيطرته، أخذ المتطرفون يدمرون البنية التحتية الزراعية في المنطقة التي تنتج القدر الأكبر من محصول القمح بالبلاد.
ويحاول رئيس النظام السوري بشار الأسد تجنّب التعرض للضغوط من أجل ضمان استمرار تدفق إمدادات السلع الأولية الاستراتيجية مثل القمح إلى المؤيدين له في المناطق التي تخضع لسيطرته وتجنب خطر حدوث اضطرابات.
وتحتاج حكومته إلى ما يتراوح بين مليون و1.5 مليون طن من القمح سنويا لتوفير الغذاء لتلك المناطق. ولم تعلق وزارة الزراعة على ذلك.
واعتادت سوريا إنتاج 4 ملايين طن من القمح في عام وكانت قادرة على تصدير 1.5 مليون طن سنويا. لكن انخفاض الإنتاج حاليا يضع حكومة الأسد تحت ضغوط متزايدة لاستيراد الحبوب.
وتوصلت المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب “حبوب” الحكومية إلى اتفاق محمل بالمخاطر في أكتوبر الماضي لشراء مليون طن من القمح من شركة روسية غير معروفة لتوفير الغذاء للمناطق التي تسيطر عليها الحكومة ومنع حدوث نقص في الخبز بعد انخفاض حاد في الإنتاج المحلي للقمح.
1 مليون طن من القمح حجم المحصول المتوقع هذا العام مقارنة بتوقعات دمشق البالغة نحو مليوني طن
ولم يتم توريد قمح بعد منذ الاتفاق ويقول تجار إن الاتفاق قد لا يتحقق في ظل الظروف الحالية التي تمر بها الدولة.
وأجرت رويترز مقابلات مع مزارعين وتجار داخل وخارج سوريا وكذلك مسؤولين في المجلس المدني للرقة، أشاروا إلى أن البلاد ستواجه أزمة غذاء في السنوات القادمة وأن هناك احتمالا ضئيلا في أن يعود إنتاج القمح قرب مستويات ما قبل الحرب الأهلية.
وهجر الكثير من المزارعين في الشمال أراضيهم في مواجهة تقدم داعش بينما يواجه أولئك الذين ظلوا في مزارعهم صعوبات لتدبير قوت يومهم نظرا لعجزهم عن بيع القمح إلى الحكومة لكونهم في مناطق يسيطر عليها التنظيم، وهو ما كان يوفر لهم في السابق مصدرا مستقرا للدخل.
ويأمل البعض في إصلاح الأوضاع فور طرد المتشددين، لكن آخرين مثل حمادة موسى، يقولون إنهم تخلوا عن أمل استعادة أعمالهم.
وأوضح موسى، الذي كان يعيش حياة كريمة في قرية جعد المغارة خارج الرقة، أنه وأسرته محظوظون لنجاتهم حين هجروا مزرعتهم قبل ثلاث سنوات. وقال إن “داعش سرق مخزوناتي بعد فراري واستولي عليها… ليس لدينا جرار واحد أو مضخة ماء متبقية”.
ويقول مسؤولون ومزارعون إنه حين بدأت القوات الكردية والعربية المدعومة من واشنطن طرد التنظيم في الشمال، فإن مسلحي داعش أحدثوا أكبر قدر ممكن من الدمار خلال مغادرتهم.
وفي قرى مثل تل السمن، فجر المسلحون جسورا ودمروا قنوات الري التي جفت في الوقت الحالي. وجرى قطع الكابلات الكهربائية التي تمثل عنصرا حيويا للزراعة من محطات الكهرباء. وعلى مقربة جرى تدمير وإحراق مبنى كان في السابق يضم مخبزا.
وانخفض محصول القمح في سوريا بنحو النصف إلى 1.3 مليون طن العام الماضي، وهو أدنى مستوى له في 27 عاما، فيما تأثر فيه القطاع الزراعي سلبا بالقتال ونقص الأمطار.
وفي الوقت الحالي فإن منطقة الحسكة في الشمال والتي تضم إحدى أكبر صوامع القمح في سوريا باتت خاوية. وقالت هاجر عمر المسؤولة في الصوامع “توقفنا عن العمل”.
وتقتصر الإمدادات على 12 ألف طن شهريا يجرى شحنها من مدينة القامشلي من المصنع الذي ينتج كميات صغيرة من الخبز.
وينطبق ذلك أيضا على الصوامع في أنحاء شمال البلاد، والتي ترتفع فوق أرض عطشى. ونتيجة لهذا فإن احتياطيات القمح الرئيسية نفدت.
العرب اللندنية