أساليب القضاء على الجوع تهدد بمجاعات أكبر في المستقبل

أساليب القضاء على الجوع تهدد بمجاعات أكبر في المستقبل


لندن – تتسع التحذيرات من الآثار السلبية لمعظم الأنظمة الزراعية والغذائية الحالية. وتطالب باعتماد تنمية تركز على دعم مزارعي الحيازات الصغيرة والحد من استخدام المبيدات وتعزيز أنماط الزراعة المستدامة.

ويرى جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن “مشاريع الزراعة الضخمة تفاقم قطع الأشجار وشح المياه واستنزاف التربة وترفع مستوى الانبعاثات الضارة بالبيئة”.

وأقر بأن النظم الزراعية ذات الاستثمارات الكبيرة ساهمت في زيادة الإنتاج الغذائي بصورة مستدامة، لكنه قال إن نجاحها كان على حساب صحة البيئة.

وشدد على ضرورة عدم التركيز على زيادة الإنتاج فقط، بل أيضا تحقيق ذلك بطريقة لا تضر بالبيئة. وأكد “ضرورة التوفيق بين توفير الغذاء والعناية بالكوكب، بما ينسجم مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 واتفاق باريس للمناخ”.

وقال إنه “يجب علينا أن ننتقل من أنظمة إنتاج قائمة على المدخلات المكثفة إلى أنظمة إنتاج قائمة على المعرفة المكثفة”.

غرازيانو دا سيلفا: من الضروري إيجاد طرق لزيادة الإنتاج الزراعي دون الإضرار بالبيئة
وحدد آخر تقرير لمنظمة فاو عن “مستقبل الأغذية والزراعة: الاتجاهات والتحديات” الآثار المترتبة للأنماط الزراعية على التغيّر المناخي والنزاعات والهجرة. وتناول بالتفصيل 10 تحديات ستواجه تحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة حول العالم.

وتواجه البشرية تحديات متضاربة حيث تؤثر جهود تكثيف الإنتاج الزراعي لمحاربة الفقر والجوع على البيئة، وبالتالي بشكل غير مباشر على مستقبل قدرة الأرض على العطاء الزراعي ما يؤدي لتدهور الإنتاج الزراعي في نهاية المطاف.

ويعدّ قطاع الزراعة من أكثر القطاعات تأثرا بتغيّر المناخ، وخاصة مزارعي الأسر من ذوي الحيازات الصغيرة في الدول النامية، رغم أن أنظمة الزراعة والغذاء مسؤولة عن نحو 30 بالمئة من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة.

وأكد ضرورة تقليل انبعاثات الغازات وبناء قدرة المزارعين على التصدي لتغير المناخ وتعزيز إمكانياتهم على التكيّف معه.

وينتج العالم اليوم ما يكفي من الغذاء لإطعام سكان العالم، لكن يتم إهدار ما يقارب ثلث هذا الطعام وتبديد الكثير من الموارد الطبيعية مثل المياه في نفس الوقت.

وحذّر تقرير فاو من أن قدرة البشر على إطعام أنفسهم في المستقبل معرضة للخطر بسبب الضغط الشديد على الموارد الطبيعية وتزايد عدم المساواة وآثار التغيّر المناخي.

ويقول التقرير إنه رغم تحقيق تقدم حقيقي وكبير في جهود تقليص الجوع في العالم خلال السنوات الثلاثين الماضية، إلا أن “كلفة التوسع في إنتاج الغذاء والنموّ الاقتصادي كانت غالبا باهظة على البيئة الطبيعية”.

وأشار التقرير إلى اختفاء حوالي نصف الغابات التي كانت تغطي الأرض في وقت تنضب فيه مصادر المياه الجوفية بسرعة ويتآكل التنوع البيولوجي بشكل كبير”.

منظمة الأغذية والزراعة: كلفة التوسع في إنتاج الغذاء على البيئة الطبيعية كانت غالبا باهظة
ومن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليار نسمة بحلول العام 2050. وفي ظل نمو اقتصادي معتدل سيرتفع الطلب على المنتجات الزراعية بنسبة 50 بالمئة مقارنة بالمستويات الحالية، حسب التقرير، وهو ما يزيد الضغوط على الموارد الطبيعية الشحيحة أصلا.

وترجّح تحوّلات أنماط الاستهلاك إلى تراجع تناول الحبوب وتزايد استهلاك اللحوم والفواكه والخضروات والأطعمة المصنعة، ما يؤدي لزيادة ضغوط إزالة الغابات وتدهور الأراضي وتزايد الانبعاثات.

وأشار التقرير إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى عوائق إضافية تؤثر على كافة جوانب الإنتاج الغذائي وتتضمن تقلبات هطول الأمطار وزيادة حالات الجفاف والفيضانات.

والسؤال الرئيسي الذي يطرحه تقرير فاو هو ما إذا كانت الزراعة ومنظومات الغذاء في العالم ستكون قادرة في المستقبل على تلبية حاجات البشر المتزايدة بطريقة مستدامة؟

وأكد أن تلبية تلك الاحتياجات ممكن فعليا لأن منظومات الغذاء قادرة على إنتاج ما يكفي من الطعام، لكن توفيره بشكل لجميع البشر على المدى الطويل يتطلب “تحولات كبرى”.

وتستهدف أجندة أهداف التنمية المستدامة القضاء على انعدام الأمن الغذائي المزمن وسوء التغذية بحلول عام 2030، لكن التقرير يرجّح بقاء الكثير من الجوعى في العالم بحلول ذلك التاريخ إذا لم يتم الاستثمار في إعادة هيكلة منظومات الغذاء.

وذكر أنه “من دون جهود إضافية لنشر التنمية لمصلحة الفقراء وتقليص عدم المساواة وحماية الفقراء فإنه سيكون هناك أكثر من 600 مليون شخص يعانون من نقص التغذية في عام 2030”. بل إنه رجّح ألا يكون معدل التقدم الحالي كافيا للقضاء على الجوع حتى بحلول عام 2050.

وأشار التقرير إلى دلائل مقلقة بينها انخفاض وتيرة نمو إنتاج المحاصيل الرئيسية. فمنذ تسعينات القرن الماضي لم يرتفع إنتاج الذرة والأرز والقمح على المستوى العالمي سوى بنحو واحد في المئة سنويا.

وحذّر من أنّ استمرار الوضع على ما هو عليه لن يتيح خيارات لمواجهة التحديات الشاقة لاستمرار توفير الغذاء على المدى البعيد.

العرب اللندنية