القاهرة – بدأ وفد من حركة حماس زيارة للقاهرة الأحد في إطار استكمال المباحثات بين الطرفين لتطبيق التفاهمات التي تم التوصل إليها، جاء ذلك قبيل زيارة متوقعة هذا الأسبوع للرئيس الفلسطيني محمود عباس لمصر.
واللافت أن الوفد الزائر مشكل من أفراد في اللجنة التي أحدثتها حماس منذ أشهر لإدارة القطاع، والتي اعتبرها الرئيس محمود عباس النقطة التي أفاضت الكأس وتم بموجبها اتخاذ جملة من الإجراءات العقابية للضغط على الحركة لحلها وتسليم غزة لحكومة الوفاق.
ونفى مصدر دبلوماسي مصري لـ”العرب” فرضية وجود لقاء مشترك بين الرئيس الفلسطيني ووفد حماس، مؤكدا أن القاهرة قريبة من الطرفين، ولن تكون علاقتها مع طرف فلسطيني على حساب آخر.
ويرى محللون أن زيارة عباس الهدف منها إعادة الحرارة إلى العلاقة مع مصر في ظل استشعاره وجود نية لتقليم نفوذه المتضخم.
ونجحت مصر في فرض نفسها مجددا كرقم صعب لا يمكن تجاوزه في المعادلة الفلسطينية بعد أن تراجع تأثيرها نتيجة تداعيات ثورتي 20 يناير و30 يونيو، وبروز منافسين إقليمين.
وراجت معلومات أن القاهرة ترى فرصة مناسبة للقبض على زمام الأمور الفلسطينية، قبل الدخول في مفاوضات لتسوية القضية، تحاول الولايات المتحدة الترتيب لها في ما يعرف بـ”صفقة القرن”.
وقال المصدر المصري إن وفد حماس سيسلط الضوء على الإجراءات التي اتخذتها الحركة بشأن تأمين الحدود بين قطاع غزة ورفح بشمال سيناء. وأوضح أن ما أقدمت عليه الحركة من تكثيف أمني على الحدود، لا يمثل سوى 10 بالمئة من المطالب المطلوبة منها، وهناك الكثير لا يجب الإفصاح عنه في الوقت الراهن، والقاهرة لن تطالبها بكل شيء في آن واحد، لكن سوف تقوم بذلك على فترات متلاحقة، ولدى حماس استعداد لفعل “المستحيل” لنيل ثقة مصر الآن.
وتعاني حماس من تداعيات الأزمة القطرية، وتخشى أن تتضرر علاقتها مع كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وهي الدول العربية التي تخوض معركة حيوية مع الدوحة لإجبارها على التخلي عن دعم الإرهاب وجماعات العنف في المنطقة، وثمة إشارات لحركة حماس التي تتخذ بعض قياداتها من قطر مقرا لها.
وتشهد العلاقة بين مصر وحماس نقلة نوعية بعد التفاهمات الأخيرة بين الطرفين، التي دفعت قيادات الحركة إلى اتخاذ إجراءات تساهم في ضمان أمن الحدود مع مصر، عقب سلسلة طويلة من الاتهامات فحواها أن حماس تغض الطرف عن نشاط جماعات إرهابية تتسلل من غزة إلى سيناء.
الحكم بإعدام عشرين إخوانيا في قضية كرادسة
القاهرة – قضت محكمة جنايات القاهرة الأحد بإعدام 20 متهما لأدانتهم بارتكاب أعمال عنف في كرداسة بمحافظة الجيزة أسفرت عن مقتل 11 من رجال الشرطة يوم فض اعتصامين لجماعة الإخوان في 2013.
وكانت المحكمة قد أحالت أوراق المتهمين إلى دار الإفتاء في أبريل الماضي لإيراد الرأي الشرعي في الحكم بإعدامهم.
وتتعلق القضية بهجوم على قسم الشرطة بمدينة كرداسة إحدى مدن محافظة الجيزة الواقعة جنوبي القاهرة يوم 14 أغسطس 2013 قتل فيه مأمور القسم ونحو عشرة آخرين من الضباط والأفراد. وتؤكد الحكومة المصرية أن أعضاء في جماعة الإخوان ومؤيدين لها شنوا الهجوم الذي تخلله تمثيل بعدد من الجثث.
وتقول جماعة الإخوان التي أعلنتها الحكومة تنظيما إرهابيا أواخر 2013 إنها لا تمارس العنف. لكن مراقبين يقولون إن قيادات وأعضاء في الجماعة ومؤيدين لها انخرطوا في العنف بعد فض اعتصامي رابعة في القاهرة والنهضة في الجيزة.
واندلعت أعمال عنف واسعة النطاق في مصر بعد فض الاعتصامين وعزل الرئيس محمد مرسي المنتمي للإخوان في 3 يوليو 2013 عقب احتجاجات حاشدة على حكمه.
وأقامت السلطات الأمنية في غزة منطقة أمنية عازلة على الشريط الحدودي بين القطاع ومصر بعمق مئة متر في رفح الفلسطينية، وتأمل حماس تطوير العلاقة مع مصر بما يشمل فتح معبر رفح وتسهيل مرور الأفراد والبضائع التجارية.
وأدخلت مصر مؤخرا شاحنات وقود إلى غزة على مدار عدة أيام لأول مرة منذ يونيو 2013.
وقال بيان للحركة إن الوفد الذي يضم ممثلين عن وزارات الداخلية والاقتصاد والمالية والصحة سيبحث “الجوانب الأمنية على الحدود وقضية معبر رفح وملفي الكهرباء والوقود وآليات تطبيق التفاهمات التي جرت مؤخرا مع القاهرة في أثناء زيارة وفد أمني برئاسة يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة”.
وكان اللقاء الذي عقده السنوار مع القيادي الفلسطيني محمد دحلان في القاهرة الشهر الماضي بشأن بعض الترتيبات الخاصة بالأوضاع في غزة، أثار مخاوف السلطة الفلسطينية حيال دور مصر في توظيف قوى مناهضة لتقليص نفوذ الرئيس محمود عباس.
في هذا السياق، قال المصدر (رفض ذكر اسمه) لـ”العرب”، “إن مصر شعرت خلال الفترة الأخيرة أن اسمها يُقحم من جانب مسؤولين في السلطة الفلسطينية في أمور لا دخل لها فيها، على غرار أنها تساند حماس على حساب السلطة الشرعية، وهذا الملف سوف يغلق بحسم خلال زيارة محمود عباس للقاهرة”.
وعلمت “العرب” أن القيادة المصرية ستبلغ الرئيس الفلسطيني بوضوح أنها ترفض إجراءات التضييق التي تمارس على قطاع غزة، ليس من أجل مساندة حماس، بل لتحفظها على أن تكون الإجراءات على حساب الوضع الإنساني لسكان القطاع، ولن تنتظر أو تصمت حتى تتصاعد الأمور في القطاع ما يتسبب في توتر الأوضاع على الحدود مرة أخرى.
ومعروف أن السلطة الفلسطينية رفضت دفع تكلفة الغاز الإسرائيلي الذي يصل لمحطات الكهرباء في غزة، ما تسبب في تعطل 4 منها، وقبلها قامت بتخفيف رواتب موظفي القطاع، على أمل أن يؤدي ذلك إلى استجابة حماس لتسليم القطاع، ولكن بدخول مصر على الخط، يبدو أن خطط عباس تترنح.
وقال عبدالعليم محمد، المتخصص في الشأن الفلسطيني، إن حماس تبحث عن تأييد حاسم من القاهرة، وتريد أن تدعمها بعدما ابتعدت ظاهريا عن قطر وجماعة الإخوان، وتبحث عن ظهير تحتمي به ويقوي شرعيتها للمزيد من التحكم في زمام الأمور بقطاع غزة.
وأضاف أن الرئيس محمود عباس سيبحث خلال زيارته لمصر عن شرعية مقابلة حيث يريد أن تساعده مصر في الوقت الذي تهتز فيه شرعيته داخل الأراضي الفلسطينية بعد تنامي معارضيه، أملا في أن تمارس القاهرة ضغوطا على حماس لتسليم السلطة في القطاع له، وتؤكد أنها لن تدعم محمد دحلان كبديل له على قمة السلطة.
العرب اللندنية