سعي إيراني لتعميق الخلاف بين بغداد وأربيل

سعي إيراني لتعميق الخلاف بين بغداد وأربيل

بغداد – لم تتردّد الحكومة العراقية في تكذيب تصريحات نسبتها وكالة أنباء إيرانية لوزير دفاعها عثمان الحيالي، واكتست قدرا من الخطورة كونها تتضمّن “تهديدا” من بغداد بتصعيد عسكري ضدّ أربيل في حال إصرار الأخيرة على تنظيم استفتاء بشأن استقلال إقليم كردستان عن الدولة العراقية، وهي قضيّة تشغل على نحو خاص بال كلّ من إيران وتركيا اللتين تمتّد مناطق الأكراد على أجزاء من أراضيهما.

وأبدت أطراف كردية عراقية على رأسها الحزب الديمقراطي بقيادة رئيس الإقليم مسعود البارزاني إصرارا استثنائيا على الدفع باتجاه خيار الاستقلال وتأسيس الدولة الكردية بدءا بتنظيم استفتاء على ذلك حدّد موعده بالخامس والعشرين من سبتمبر القادم.

واعتمدت إيران في تصدّيها لتلك الخطوة على تكتيك واضح يتمثّل في الدفع بأطراف عراقية عربية وكردية حليفة لها إلى واجهة الصراع، مع الحرص على تسميم أجواء العلاقات المتذبذبة أصلا بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة أربيل.

ويخشى العراقيون الذين يفتقدون للاستقرار في بلدهم منذ عقود من الزمن، والذين يعيشون حالة حرب ضدّ تنظيم داعش متواصلة منذ ثلاث سنوات، أن تزجّ إيران بالعراق في أتّون حرب أهلية جديدة بين العرب والأكراد لمنع الطرف الأخير من تأسيس دولة.

ونفت وزارة الدفاع العراقية، الإثنين، تصريحات نسبت لوزيرها عرفان الحيالي، بشأن الاستفتاء المزمع على انفصال الإقليم الكردي في شمال العراق.

وشددت الوزارة في بيانها الذي أذاعه التلفزيون العراقي الرسمي على أن “الجيش لن يتدخل في مسألة الاستفتاء الذي يعتزم إقليم كردستان إجراءه للانفصال”.

وتابعت أن “ما تناقلته بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، على لسان وزير الدفاع حول تدخّل الجيش حال قيام الدولة الكردية، عار عن الصحة”.

وأكدت أن “هكذا تصريح لم يصدر من الوزير”، متوعدة بـ”مقاضاة أي جهة تنسب أخبارا كاذبة لوزارة الدفاع أو الوزير أو القادة والضباط”.

وجاء بيان الوزارة ردا على وكالة أنباء فارس الإيرانية التي ذكرت أن “الحيالي صرّح خلال زيارة طهران الأحد بإمكانية تدخل الجيش العراقي في أي مسعى لتقسيم البلاد”.

ووفق الوكالة الإيرانية فإن “الحيالي قال خلال لقائه رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني في طهران، إن الجيش العراقي سيتصدى بشكل مستقل واعتمادا على خبرات السنوات الأخيرة، لأي عدوان واحتلال لأراضي بلاده، ولن يسمح بفتنة جديدة وخطوات غير شرعية تهدف إلى تقسيم العراق”.

ومن جانبه، قال الحيالي الإثنين، في مقابلة مع تلفزيون “روداو” الكردي الذي يبث من أربيل مركز إقليم كردستان العراق إن “وكالة فارس للأنباء نقلت تصريحات لي بعيدة عن الواقع، والترجمة لم تكن موفقة”.

وأضاف أن “الاستفتاء مسألة سياسية، ووزارة الدفاع وقوات الجيش لا تتدخل بهذا الشأن ولا علاقة لهما بالأمور السياسية”.

وقام وزير الدفاع العراقي بزيارة إلى طهران استمرت من السبت إلى الأحد تلبية لدعوة رسمية من نظيره الإيراني حسين دهقان ووقّع خلالها اتفاقية تعاون عسكري بين البلدين.

ويعتزم إقليم كردستان العراق إجراء استفتاء للانفصال عن العراق في سبتمبر المقبل. وترفض تركيا كما إيران إجراء هذا الاستفتاء، لكنّ الأخيرة تبدو أنشط في جهود تعطيله كونها تملك في الداخل العراقي الكثير من الجهات والشخصيات السياسية الموالية لها بما في ذلك شخصيات من أحزاب كردية من بينها حزب الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني الاتحاد الوطني الكردستاني.

وسبق للحكومة العراقية التي تقودها أحزاب شيعية موالية لطهران، أن أبدت رفضها لإجراء الاستفتاء، وقالت إن خطوة تخص مصير البلاد يجب أن تتخذها الحكومة الاتحادية في بغداد. لكن رئيس الإقليم الكردي مسعود البارزاني أكد على عدم التراجع عن هذه الخطوة، متهما الحكومة العراقية بعدم الالتزام بالدستور على مدى السنوات الماضية.

ويرى البارزاني في الظروف المحلية والإقليمية الراهنة فرصة لتحقيق حلم الأكراد التاريخي بتأسيس دولة كردية في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا وأنّ الأكراد لعبوا دورا مفصليا في الحرب الدائرة ضدّ تنظيم داعش.

العرب اللندنية