تونس – تسارع تونس الخطى استعدادا لملتقى “لقاءات أفريقيا 2017”، ثاني حدث اقتصادي كبير تنظمه منذ 2011 بعد المؤتمر الدولي للاستثمار العام الماضي، حيث تحاول استغلال موقعها في أفريقيا لاقتحام أسواق جديدة في القارة، للنهوض باقتصادها المنهك.
ومن الواضح أن الحكومة لم تعد تركزا كثيرا على شركائها التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي بعد أن حركت دبلوماسيتها الاقتصادية في الفترة الأخيرة في جميع الاتجاهات ولا سيما الصين، بحسب الخبراء.
وقال الاستشاري التونسي في الاستثمار محمد جبنون إن “الاتحاد الأوروبي يبقى الشريك الأول لتونس، لكن لتونس بُعد أفريقي حقيقي، باعتبارها من الدول الأولى الأعضاء في الاتحاد والعديد من المنظمات الأفريقية الإقليمية”.
وأوضح أن الانتشار التونسي في أفريقيا يبقى ضعيفا لعدة عوامل رغم وجود فائض تجاري بأكثر من مليار دينار (450 مليون دولار) لصالح تونس.
وتتمثل عوامل ضعف تونس في نقص التغطية الدبلوماسية لدول القارة، وكذلك الربط الجوي، بحسب جبنون، الذي يرى أنه لا بد من دعم تواجد الخطوط التونسية في دول أفريقيا.
ويبلغ عدد السفارات التونسية في أفريقيا التي تضم 54 بلدا، 10 سفارات فقط، بعد أن تم فتح سفارتين في نوفمبر الماضي في كل من كينيا وبوركينافاسو.
حاتم بن سالم: لا مجال لدخول تونس السوق الأفريقية مجددا دون تخطيط واضح الملامح
ويتمثل العامل الثالث في دفع البنوك التونسية لتركيز فروع لها في أفريقيا خاصة أن المغرب يقوم بالاستحواذ على البنوك الأفريقية، وهو ما يسهّل الصادرات والمعاملات التجارية مع القارة.
واعتبر الخبير التونسي أن السوق الأفريقية هي أحد الحلول الممكنة للخروج من الأزمة الاقتصادية إذ هناك مليار مستهلك في القارة الأفريقية التي تتزاحم عليها الدول من كل العالم.
وتعقد تونس بالشراكة مع فرنسا الملتقى، بمشاركة أكثر من 1200 شخصية أفريقية، بهدف تعزيز الحضور التونسي في القارة.
وبحسب المنسق العام لمؤتمر “لقاءات أفريقيا”، مارك هوفمايستر، فإن 400 شركة تونسية، وقرابة 400 شركة أجنبية، منها 200 شركة فرنسية و200 شركة أفريقية، ستشارك في هذا الملتقى الكبير.
وتراهن تونس على المؤتمر، الذي سينظم بمبادرة من الحكومة الفرنسية وبالتعاون مع وزارة الاقتصاد الفرنسي وبمساندة ورعاية رئيس الحكومة يوسف الشاهد بهدف إرساء فرص عمل جديدة بين الفاعلين الاقتصاديين من تونس وفرنسا وبقية البلدان الأفريقية.
وقال زياد العذاري وزير الصناعة والتجارة، في تصريحات سابقة إن “الملتقى يمثل فرصة للمؤسسات التونسية لتطوير وتدعيم التعاون بين المؤسسات الفرنسية والأفريقية”، مؤكدا أن بلاده تريد تدعيم مكانتها في القارة التي تزخر بإمكانيات واعدة في مختلف المجالات.
وخلال الشهر ذاته، تعقد السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) مؤتمرها، حيث ستعلن خلاله دخول تونس للسوق بشكل رسمي.
وتعد الكوميسا، التي تسعى تونس للانضمام إليها، واحدة من أبرز الأسواق المشتركة في العالم إذ تضم 19 بلدا من دول شرق أفريقيا. وتنص الاتفاقية الإطارية على تحرير المنتوجات الفلاحية والصناعية والخدمات بين الدول الأعضاء.
محمد جبنون: توسع تونس في أفريقيا يبقى ضعيفا لعدة عوامل رغم وجود فائض تجاري
ويمكن لتونس تصدير منتجاتها في قطاعات، كالصناعات الغذائية وصناعة الأدوية ومواد البناء والإنشاء والصناعات الميكانيكية والكهربائية.
وقدمت تونس مطلع هذا العام طلب الانضمام إلى مجموعة السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا، إضافة إلى فتح دبلوماسيات جديدة في دول أفريقية عدة.
ويرى وزير التجارة السابق والخبير الاقتصادي محسن حسن أن السوق الأفريقية تعد امتدادا للسوق التونسية.
وقال إن بلاده “يمكنها تنفيذ شراكات من خلال 3 محاور، وهي دعم الاستثمارات التونسية في القارة وأن تكون تونس قاعدة تصدير منتجات دول أخرى لأفريقيا مثل الصين وتركيا والاتحاد الأوروبي، وأن تشجع التصدير للبلدان الأفريقية”.
وأكد أن الوضع يتطلب مضاعفة التمثيل الاقتصادي في القارة “فهناك جوانب أخرى تعاني تقصيرا فيها مثل التبادل الثقافي واستقبال الطلبة الأفارقة ونقص الزيارات السياسية بين تونس ودول القارة”.
وتعاني تونس من تراجع في الاستثمارات الأجنبية المباشرة عما كانت عليه قبل 2011، إضافة إلى اختلالات اقتصادية أخرى كضعف العملة المحلية وتراجع نسب النمو.
واعتبر مدير المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، حاتم بن سالم، أنه لا مجال لدخول بلاده السوق الأفريقية من جديد دون تخطيط “واضح الملامح”.
وقال الأسبوع الماضي إن بلاده “جادة في مساعيها لإعادة التموقع في أفريقيا، لكن من المستحيل مواجهة تحديات هذا التوجه دون استراتيجية واضحة الملامح”.
وتعمل تونس على اعتماد استراتيجية جديد لدخول الأسواق الأفريقية بعد طلب دخولها لسوق كوميسا، التي تضم 480 مليون نسمة، من بينها خط بحري و13 خطا جويا مباشرا لوجهات مع القارة.
ولا يتجاوز حجم التجارة التونسية مع دول القارة نحو 5 بالمئة من حجم المبادلات التجارية، بينما تبلغ أكثر من 50 بالمئة مع دول أوروبا.
العرب اللندنية