سحب تعكر صفو الإعجاب المتبادل بين بوتين وترامب

سحب تعكر صفو الإعجاب المتبادل بين بوتين وترامب

واشنطن – عندما قامت الولايات المتحدة الأميركية في ديسمبر 2016 بطرد دبلوماسيين روس ومصادرة مجمعات دبلوماسية روسية، آثار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم التسرع والرد بالمثل على الخطوة الأميركية التي جاءت في خضم فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية.

كان الكرملين في ذلك الوقت يجسّ نبض مستقبل العلاقات بين موسكو وواشنطن في عهد رئيس أميركي معجب بروسيا ورئيسها. وظهرت بوادر فتح صفحة جديدة في العلاقة بين الأميركيين والروس، لكن التعقيدات الكثيرة التي تصبغ هذه العلاقة حالت دون ذلك، لينتهي شهر العسل على وقع العقوبات الأميركية الجديدة على موسكو.

ويأتي قرار روسيا طرد المئات من الدبلوماسيين الأميركيين ووضع يدها على مجمعين أميركيين ليكون اعترافا في موسكو بأن قدرة دونالد ترامب على تحسين العلاقات محدودة في أحسن الأحوال وبداية مرحلة جديدة من تراجع العلاقات.

واتخذت موسكو تلك الخطوة بعدما بعث مجلس الشيوخ الأميركي يوم الخميس (27 يوليو 2017) بإشارة مثيرة مفادها أنه لا يثق في ترامب بشأن روسيا وذلك بإقراره مشروع قانون يفرض عقوبات جديدة على موسكو ويقيد يدي الرئيس إذا حاول تخفيفها.

ولم يوقّع الرئيس الأميركي حتى الآن على مشروع القانون ولم يوضّح الإجراء الذي سيتخذه بشأنه. وقال أندرو ويس الخبير السابق بشأن روسيا في مجلس الأمن القومي “الروس أدركوا شخصية ترامب، وفي حين يودّون استغلال تعلقه الأبله ببوتين والإحساس الزائف بأنّه يمكنك إبرام صفقات مع شخص مثل بوتين، فإنهم يدركون أن أداءه البهلواني كرئيس يجعل من الصعب بالنسبة إليه فعل أيّ من الأشياء الكبيرة التي تريدها روسيا”.

على رأس قائمة الأمنيات الروسية تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة بسبب ضم روسيا للقرم من أوكرانيا وزعزعتها الاستقرار في شرق أوكرانيا وهو أمر مستبعد بعد تحرك مجلس الشيوخ الأميركي
وعلى رأس قائمة الأمنيات الروسية تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة بسبب ضم روسيا للقرم من أوكرانيا وزعزعتها الاستقرار في شرق أوكرانيا وهو أمر مستبعد بعد تحرّك مجلس الشيوخ. وثمة مطلب ثان غير متصوّر وهو الاعتراف الأميركي بسيادة روسيا على القرم.

وقال ويس، الذي يعمل حاليا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن “أداء ترامب لم يترك بالتأكيد انطباعا لدى أحد في موسكو بأنه رجل يمكنه تحقيق المتوقّع منه”. فرغبة ترامب، التي عبر عنها كثيرا خلال حملته الرئاسية في 2016، في تحسين العلاقات مع روسيا عرقلتها نتائج توصلت إليها أجهزة المخابرات الأميركية بأن روسيا تدخّلت لمساعدة المرشح الجمهوري على حساب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وجعل تحقيق أجرته إحدى وكالات إنفاذ القانون الاتحادية والعديد من تحقيقات الكونغرس في تواطؤ حملة ترامب مع روسيا من الصعب على ترامب فتح صفحة جديدة مع بوتين. وتنفي روسيا تدخلها في الانتخابات ويقول ترامب إنه لم يحدث تواطؤ.

وكان مجلس النواب قد وافق على مشروع القانون بواقع 419 عضوا واعتراض ثلاثة أعضاء. ويجبر إقرار مجلس الشيوخ مشروع العقوبات، بأغلبية 98 عضوا مقابل اعتراض عضوين، ترامب إما على اتخاذ نهج متشدد تجاه موسكو أو نقض التشريع وإغضاب أعضاء حزبه الجمهوري.

ويعني الفارق الكبير أن الكونغرس يمكنه بسهوله تجاوز الفيتو الرئاسي. وأشار ويس إلى أن تدني شعبية ترامب في الداخل وميله لإغضاب حلفاء في حلف شمال الأطلسي مثل ألمانيا وعجزه عن إقرار تشريع داخلي كلّها عوامل تسهم في إدراك روسيا أنه يضعف الولايات المتحدة.

وقال ويس “هذا سيكون له مردود جيد على موسكو، إذ لن تكون هناك حاجة لإبعاده عن المسار الذي يتخذه بالفعل والذي ينطوي على تدمير ذاتي ويضر بمكانة أميركا على المستوى الدولي”.وأمهلت روسيا الولايات المتحدة حتى الأول من سبتمبر القادم لخفض عدد موظفيها الدبلوماسيين في روسيا إلى 455 شخصا وهو عدد الدبلوماسيين الروس الذين أبقتهم الولايات المتحدة بعدما طردت واشنطن 35 روسيا في ديسمبر بسبب اختراق الانتخابات المزعوم.

كما قالت إنها ستصادر مجمّعا روسيا يستخدمه دبلوماسيون أميركيون وكذلك مخزنا للبعثات الدبلوماسية الأميركية. ويتوقع بعض المسؤولين السابقين أن تتخذ روسيا خطوات أخرى مثل السعي لمساعدة القوات المدعومة من موسكو للسيطرة على المزيد من الأراضي في شرق أوكرانيا أو محاولة الحدّ من العمليات الجوية الأميركية في سوريا في حين قال آخرون إن أيّ ردّ فعل ربما يكون أقل حدة.

وأفاد المسؤول السابق بأن روسيا قد تبحث فرض عقوبات اقتصادية مضادة على الولايات المتحدة قائلا إنه يعتقد أن الرد الانتقامي في أوكرانيا أو سوريا أقل ترجيحا لأنه من المحتمل بشدة أن يؤدي إلى رد أميركي مضاد.

في المقابل، لا يعتقد مايكل مكفول، السفير الأميركي في روسيا من 2012 إلى 2014، أن روسيا ستصعّد التوتر مع الولايات المتحدة الآن لأن تأكيد ترامب رغبته في تحسين العلاقات مع موسكو يشجع بوتين على مواصلة السعي لنوع ما من التوافق مع الرئيس الأميركي. وقال “لا أعتقد أنهم سيبتعدون عن ذلك (الموقف) الآن.. أعتقد أن بوتين لا يزال يعتقد أن هناك شيئا ما يمكنه أن يفعله مع ترامب”.

العرب اللندنية