دمشق – يحقق الجيش السوري بدعم من الميليشيات الإيرانية وبغطاء جوي روسي تقدما على أكثر من صعيد في البادية السورية، في خطوة تمهيدية لحصار محافظة دير الزور وأيضا لانتزاع السيطرة على الحدود مع الأردن.
وهذا التقدم بالتأكيد لن يتضرر فقط منه تنظيم داعش، بل وأيضا فصائل المعارضة المعتدلة، التي تستشعر وجود نوايا لسحب البساط من تحت أقدامها.
وتمكن الجيش من اقتطاع أجزاء مهمة في ريف حمص الشرقي بعد سيطرته على مدينة السخنة الاستراتيجية، وأيضا في جنوب غربي محافظة دير الزور حيث بات لا يفصله عن المدينة سوى كيلومترات قليلة، بالتوازي مع تقدم وصف بالاستراتيجي في ريف حماة الشرقي بوضع يده على مدينة عقيربات بعد طرده لتنظيم داعش.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن الأحد إن “120 عنصرا من تنظيم داعش قتلوا جراء المعارك في بلدة عقيربات ومحيطها في ريف حماة الشرقي خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، فيما قتل 35 عنصرا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها”.
التحالف الدولي يتربص بدواعش حزب الله
دمشق – رفض التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة مناشدة حزب الله اللبناني بالسماح لقافلة تضم عناصر من داعش الوصول إلى مناطق سيطرة التنظيم الجهادي في محافظة دير الزور شرقي سوريا.
وأوضح التحالف أن القافلة انقسمت إلى مجموعتين، إذ بقيت مجموعة من الحافلات في الصحراء في حين عادت مجموعة أخرى إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية.
وشدد في بيان على أنه سيراقب القافلة ويمنعها من دخول أراضي التنظيم، لافتا إلى أن الحافلات الباقية في الصحراء والتي تضم مقاتلين وأسرهم تلقت الغذاء والماء.
وناشد حزب الله السبت المجتمع الدولي بالتدخل لمنع الولايات المتحدة من الإقدام على قصف قوافل تحمل حوالي 310 من مسلحي داعش وعائلاتهم، متجهة إلى دير الزور.
وجاء في بيان لحزب الله “الطائرات الأميركية تقوم بمنع الباصات التي تنقل مسلحي داعش وعائلاتهم من التحرك (نحو مناطق سورية قرب الحدود العراقية) وتحاصرها وسط الصحراء”.
وقال الحزب “إذا ما استمر هذا الحال، فإن الموت المحتم ينتظر هذه العائلات”. وأشار إلى أنه “أمام هذه الاحتمالات فإن على ما يسمى بالمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية التدخل لمنع حصول مجزرة بشعة”.
وانطلقت الاثنين 17 حافلة تقل مسلحي التنظيم مع أفراد من عائلاتهم من الحدود اللبنانية السورية بموجب اتفاق مع حزب الله حظي بموافقة دمشق. ويقضي الاتفاق في أحد بنوده بضمان الحزب إيصال القافلة إلى مناطق سيطرة التنظيم في دير الزور.
لكن التحالف عرقل الأربعاء سير الحافلات بشنه ضربتين جويتين استهدفتا طريقا كان من المفترض أن تسلكه القافلة خلال توجهها إلى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، ما دفعها إلى تغيير وجهتها نحو مدينة الميادين. وشكل الاتفاق الذي أبرمه الحزب اللبناني مع تنظيم داعش إحراجا جديدا له أمام المجتمع الدولي، وخاصة مع العراق الذي رأى في نقل عناصر جهادية إلى حدوده تهديدا لأمنه القومي.
وتعد عقيربات آخر معقل للتنظيم في محافظة حماة حيث لا يزال يسيطر على بضعة قرى صغيرة، ومن شأن طرده منها أن ينهي وجود التنظيم في كامل المحافظة.
وكان الجيش قد سيطر ليل الجمعة على عقيربات، قبل أن يشن التنظيم الجهادي هجوما معاكسا السبت تمكن خلاله من السيطرة على معظم البلدة. وتحت وابل من القصف والغارات، تمكنت القوات الحكومية صباح الأحد من طرد الجهاديين منها وتقدمت غربها، حيث لا يزال التنظيم يسيطر فقط على نحو عشرين قرية ومزرعة.
وترافق هجوم الجيش والميليشيات الداعمة له مع شن الطيران الحربي السوري والروسي غارات مكثفة جدا على مواقع وتحركات الجهاديين.
ويسيطر التنظيم المتطرف منذ العام 2014 على بلدة عقيربات، التي تحظى بأهمية استراتيجية لدى النظام والتنظيم في آن.
ويوضح عبدالرحمن أن “تثبيت قوات النظام لسيطرتها على البلدة وطرد التنظيم من القرى المجاورة ينهيان وجود التنظيم في كامل محافظة حماة”.
وكان داعش ينطلق من عقيربات لشن هجمات عنيفة على مناطق سيطرة النظام في ريف السلمية وعلى طريق خناصر الذي يشكل الخط الحيوي الوحيد للنظام من حلب باتجاه وسط وجنوب سوريا.
وتحاذي محافظة حماة ست محافظات سورية بينها حمص ودير الزور وإدلب، ويقتصر وجود التنظيم على الريف الشرقي للمحافظة فيما تسيطر الفصائل المعارضة على مناطق في ريفها الشمالي.
ويطرح هذا التقدم السريع للقوات النظامية في وسط سوريا وشرقها نقاط استفهام كثيرة لجهة الموقف الأميركي الذي يبدو ضبابيا، ما يثير تشاؤما في صفوف فصائل المعارضة المقاتلة التي تخشى من أن يكون هناك قرار أميركي روسي متفق عليه بتسليم المنطقة للنظام، في ظل مؤشرات عديدة توحي بذلك.
وكان “جيش أسود الشرقية” و”قوات الشهيد أحمد العبدو” أبرز فصيلين في البادية قد أطلقا مؤخرا صيحة فزع، محذرين من أن هناك ضغوطا قوية تمارس عليهما لجهة وقف القتال ضد النظام والتركيز على محاربة داعش. ويعتقد على نطاق واسع أن غرفة موك التي مقرها الرئيسي في العاصمة الأردنية عمان من تقف خلف هذه الضغوط.
ويسجل بالتوازي مع الموقف الأميركي المتراجع في سوريا، تغير في المزاج الأردني حيال المشهد في البلد الجار، وليس أدل على ذلك من لعب عمان دورا مهما في إطلاق سراح الطيار الأسير لدى أسود الشرقية علي الحلو الذي سقطت طائرته قبل أسابيع في ريف السويداء، رفقة 30 أسيرا من الجيش.
ويرجح أن تتكرس الاستدارة الأردنية، بعد الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى عمان هذا الاسبوع حيث من المرجح أن يبحث توسيع مناطق خفض التصعيد مع المسؤولين الأردنيين وبالأساس تركيز هيئات تضم فصائل المعارضة المعتدلة في تلك المناطق، والتي تنظر لها الأخيرة باحتراز شديد لجهة خوفها من أن تكون نسخة منقحة عن المصالحات التي يقوم بها النظام.
وتبدو خيارات الفصائل المعتدلة ضئيلة، إن لم تكن منعدمة لجهة أن تحدي الجانب الاردني والأميركي قد يقودها لمصير فصيل لواء شهداء القريتين الذي تم وقف الدعم العسكري له، لرفضه الانصياع إلى طلب وقف القتال ضد النظام.
ولواء شهداء القريتين كان أحد أبرز فصائل الجيش الحر الذي يحوز على دعم عسكري ولوجستي مهم من الولايات المتحدة في منطقة البادية.
وتشكل سيطرة الجيش السوري على البادية أسوأ السيناريوهات بالنسبة للمعارضة السورية، التي تعاني منذ العام الماضي تراجعا دراماتيكيا في أكثر من جبهة، وبفقدانها لنفوذها في تلك المنطقة سيعني خسارتها لورقة مهمة يمكن عبرها تحسين وضعها التفاوضي سواء كان في منصة أستانة أو جنيف.
العرب اللندنية