حسب صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، فإن ملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة شارك في فعالية لمركز شمعون فيزنتال في لوس أنجلس، في لقاء «للتسامح بين الأديان»، وقع فيه الملك على بيان يستنكر الكراهية والعنف الديني وأنه عبر لمدير المركز، خلال المناسبة، عن تنديده بالمقاطعة العربية لإسرائيل مشيرا إلى أن مواطني البحرين يسمح لهم بزيارة إسرائيل والعكس صحيح.
الحاخام أبراهام كوبر، مدير المركز المذكور أكّد أيضاً أنه زار وشريكه عاصمة البحرين المنامة في وقت سابق من هذا العام لزيارة الكنيس اليهودي الوحيد في منطقة الخليج والتقيا الملك للاتفاق على إقامة متحف «للتسامح الديني» في العاصمة البحرينية.
قد يتفهّم قارئ الخبر (أو لا يتفهّم) مشاعر ملك البحرين الجياشة نحو «التسامح بين الأديان»، وقد تمرّ قضية المشاركة في فعالية تزعم الجمع بين الأديان في الولايات المتحدة الأمريكية وما قد يُفلت خلالها من حلوى المجاملات، لكن تصريحات الملك التي تركزت حول السماح بزيارة مواطنيه لإسرائيل (والعكس)، والتنديد بمقاطعي دولة الاحتلال الهمجية التي تنكّل يوميّاً بالفلسطينيين، أمر يكشف أن الفعالية لا علاقة لها بـ«التسامح» (دينيّاً كان أم غير دينيّ)، وأنها، في حقيقتها، تبرير سياسيّ وخيم للتقرب من إسرائيل.
العملية، باختصار، محاولة للعبور على جسر «التسامح بين الأديان» نحو التطبيع مع إسرائيل، التي يدرك الملك البحريني قبل غيره أنها دولة احتلال استيطاني وتهشيم لما حولها من بلدان عربية، وأنها تنكّل، منذ عقود، بإخوانه في العروبة والدين من الفلسطينيين، وهي فوق ذلك مسلّحة حتى أسنانها بالصواريخ النووية، وكانت، ولا تزال، تهدّد، أي قوّة عربيّة، وتضغط لوبيّاتها السياسية في عواصم القوى العظمى لمنع صفقات السلاح حتى لتلك الدول «المعتدلة»، فأين موقع «التسامح» في معادلة التطبيع «الجبرية» هذه مع تلك الدولة؟
الصحيفة الإسرائيلية التي نقلت الخبر، أعطتنا أخباراً أخرى للتأكيد على إنجازات ملك البحرين في «التعايش بين الأديان»، فقالت إنه يحتفل بعيد «الحانوكا» العبري مع اليهود رغم أن عددهم لا يتجاوز الـ40 شخصاً، وأن الفرقة الموسيقية الملكية البحرينية عزفت نشيد «هاتكفاه» القومي الإسرائيلي، وهذا خلط خطير بين شؤون الملك مع مواطني بلده من اليهود، وبين التمحّك بإسرائيل كدولة تجسّد العدوان والاحتلال والطغيان (وهو ما يستدعي، ما دمنا ذكرنا المواطنين، للتذكير هنا بتقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان حول الانتهاكات ضد البحرينيين وهو أمر يتنافى «بشدّة» مع «التسامح الديني»).
الأمر الحقيقي في كل القصة طبعاً هو أن البحرين وبعض أنظمة الخليج، قرّرت، لأسباب داخلية وخارجية، إعلان ما تخفيه من ودّ وإعجاب وعلاقات سياسية وأمنية مع إسرائيل، وهي علاقات لا تقوم طبعاً على أي شكل من أشكال التسامح، بل تقوم على تبادل المنفعة والمصلحة المشتركة مع تل أبيب ضد شعوبها، وشعوب المنطقة، وبينهم، الفلسطينيون.
القدس العربي