تفاقم الخلاف في كردستان أمس، وحمّل رئيسها مسعود بارزاني «طرفاً كردياً» مسؤولية عودة الجيش العراقي إلى كركوك، في إشارة إلى «البيشمركة» التابعة لـ «حزب الاتحاد الوطني» الذي أسّسه الراحل جلال طالباني، وقال الرئيس فؤاد معصوم إن المسؤولية عن الأزمة تقع على عاتق «دعاة الاستفتاء»، وحذّر من «تراكم الخلافات وتحولها صراعات مسلحة»، داعياً إلى الحوار في إطار الدستور والقوانين.
وفيما أعاد الجيش العراقي نشر قواته في كل «المناطق المتنازع عليها»، بما فيها كركوك وسهل نينوى وسنجار ومناطق في محافظتي صلاح الدين وكركوك سيطر عليها الأكراد خلال الفوضى الناجمة عن تمدد «داعش» فيها عام 2014»، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين في الجيش الأميركي لم تسمهم، قولهم إن واشنطن ليست لديها أدلة على وجود «الحرس الثوري الإيراني» في كركوك. أكد الرئيس دونالد ترامب أن الولايات المتحدة «لا تنحاز إلى أي طرف» في العراق، وأعلن في الرياض أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اتصل برئيس الوزراء حيدر العبادي وأعرب له عن «دعم المملكة وحدة العراق ورفضها نتائج الاستفتاء الذي حصل في إقليم كردستان».
وتناقلت وسائل إعلام كردية «نسخة» لاتفاق من تسع نقاط أبرمه بافل طالباني، مع القائد في «الحشد الشعبي» هادي العامري بإشراف رئيس الوزراء حيدر العبادي وقائد «فيلق القدس الإيراني» قاسم سليماني، يقضي بـ «عدم مواجهة القوات الاتحادية خلال إعادة انتشارها وانسحاب «البيشمركة» من المناطق المتنازع عليها، وتخليها عن وحدات إدارية، وتشكيل إدارة مشتركة لكركوك وخضوع قاعدتها العسكرية والمطار وآبار النفط للسلطة الاتحادية، مقابل رفع الحظر عن مطار السليمانية ودفع رواتب الموظفين وعناصر «البيشمركة» في كركوك والسليمانية، وتحويلهما مع محافظة حلبجة إلى إقليم جديد».
إلى ذلك، دعا «التحالف من أجل الديموقراطية والعدالة»، بزعامة برهم صالح، إلى تشكيل حكومة انتقالية في كردستان تضطلع بالمفاوضات مع بغداد إلى حين إجراء انتخابات نزيهة في الإقليم، فيما اتهم قيادي في حركة «التغيير» من وقفوا وراء الانفصال بـ «توريط الأكراد والبيشمركة في الأزمة». وعبّر الناطق باسم «التحالف» ريبوار كريم محمود في بيان عن «القلق من الهجوم على كركوك»، وقال: «نطلب وقف التحركات العسكرية فوراً وسحب القوات لتهدئة الأوضاع. ولتحقيق ذلك ندعو أطراف الأزمة، خصوصاً الحكومة الاتحادية، إلى العمل لمنع أي انتهاك لحقوق المواطنين في هذه المناطق». وأضاف أن «الوضع المتأزم في كركوك لا تتحمله قوات البيشمركة البطلة التي هزمت الدواعش، وإنما هو نتيجة المجازفات السياسية والخطوات اللاواقعية التي لم تأخذ في حسابها مصالح الشعب، وهو نتاج محاولات الفاسدين لتغطية النهب والسلب باسم كركوك والقومية الكردية».
ودعا إلى «الحوار المباشر بين ممثلي شعب كردستان وبغداد، لأن من واجبنا أن لا نسمح بأن يعود العراق وكردستان إلى دوامة الدمار والعنف، وأن نسمح بإعادة التاريخ في شكله المأسوي، ومن أجل ذلك من الضروري أن يقوم التحالف الدولي والدول المجاورة بدور إيجابي لوقف الفوضى وهدر دم مواطني هذا البلد».
وانتشرت القوات العراقية، بعد سيطرتها على كركوك، في المناطق المتنازع عليها، باتفاق مع وحدات ميدانية للقوات الكردية التي انسحبت باتجاه حدود الإقليم عام 2003. وتقدّم الجيش الاتحادي في جلولاء وخانقين (محافظة ديالى)، وسنجار وسد الموصل وبرطلة وربيعة في نينوى، ولوحظ انسحاب قوات «البيشمركة»، سواء تلك التابعة لحزب الراحل طالباني وتنتشر في ديالى، أو التابعة لبارزاني وتنتشر في محيط نينوى.
في الأثناء تقدمت قوات اتحادية للسيطرة على آبار النفط شمال كركوك، مثل «باي حسن» و «أفانا»، إضافة إلى بلدة الدبس التي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن أربيل.
وتشير المعطيات الأولى إلى أن القوات الاتحادية انتشرت في مناطق لم تدخل إليها منذ عام 2014، خصوصاً سد الموصل وربيعة وسنجار، ووصلت إلى مناطق لم تدخلها منذ عام 2003، مثل خانقين والدبس وكلار.
وتتحدث معلومات عن أن انتشار القوات يتخذ بعداً رمزياً، وستتمركز في مواقع حساسة مثل آبار النفط والمطارات والمعسكرات الرئيسية، فيما ستسلم الأمن الى الشرطة المحلية في مواقع سيطر عليها الأكراد بعد احتلال داعش مساحات واسعة عام 2014، على ان يستمر وجود «البيشمركة» حيث كانت فيها قبل هذا التاريخ. وكان العبادي كلف نائب محافظ كركوك راكان الجبوري مهمة المحافظ بالوكالة بعد إقالة نجم الدين كريم، ودعا الجبوري أهالي المحافظة الذين غادروها الى العودة، مؤكداً استتاب الأمن.
صحيفة الحياة اللندنية