رأت الخبيرة البريطانية بشؤون الشرق الأوسط، “إيما سكاي”، أن دور الولايات المتحدة في العراق بدأ يتقلص وأستبدل بالحليف الإيراني، الذي أثبت أن لا غنى عنه، خاصة بعد سيطرة قوات “الحشد الشعبي” بالتعاون مع القوات العراقية على “مدينة كركوك”، المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.
وتروي “سكاي”، التي كانت تخدم كمستشار سياسي للجنرال “ريموند ت. أوديرنو”، قائد القوات الأميركية في العراق، أن في السابق كان للولايات المتحدة دور كبير لنزع فتيل الأزمات بين العرب والأكراد، وتدلل على ذلك حينما سبق ولجأ رئيس الوزراء العراقي السابق، “نوري المالكي”، إلى “أوديرنو” ليستفيد من رأيه بشأن هذا النزاع في عام 2010، ونصح الجنرال، وقتها، بوضع نظام لنقاط تفتيش مشتركة لتسهيل التعاون بين قوات الأمن العراقية و”البيشمركة” الكردية والقوات الأميركية لهزيمة تنظيم “القاعدة” في العراق.
وكان جزء أساس من الخطة هو ضمان حرية الحركة لـ”أثيل النجيفي”، الحاكم العربي السني في “محافظة نينوى”. ولإختبار الإجراءات الأمنية، قرر الحاكم “النجيفي” في مطلع شباط/فبراير 2010 القيام برحلة إلى بلدة “تل كيف”، في جزء من المقاطعة التي يدعي الأكراد أنها تابعة لهم، إلا أن إعتراض الأكراد على الزيارة أسفر عن طلقات نارية وأحداث شغب، أتهم فيه 11 كردياً بمحاولة إغتيال “النجيفي”.
قالت الخبيرة البريطانية في أحدث مقالاتها المنشورة بمجلة “ذا اتلانتيك” الأميركية، أن الولايات المتحدة توسطت بإنهاء الأزمة وأعادت المعتقلين الأكراد في قضية الإغتيال مقابل العرب الذين إعتقلهم الأكراد في الموصل بهدف الإنتقام، إلا أن “الوضع تبدل تماماً الآن.. وأستبدلت أميركا، الحليف الذي لا غنى عنه، بإيران”.
كيف صعدت إيران في العراق ؟
زاد نفوذ إيران خلال المفاوضات لتشكيل حكومة في العراق بعد انتخابات عام 2010، وإعتبر نائب الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، أن “المالكي” هو “رجل أميركا” ويجب الإعتماد عليه، رغم تفوق “إياد العلاوي” بكتلة البرلمان، لأنه سيسمح للقوات الأميركية بالبقاء في العراق بعد عام 2011. وعندما كان إقناع حلفاء أميركا بولاية ثانية للمالكي أمراً صعباً، إنتهزت إيران الفرصة وقام “قاسم سليماني”، رئيس مجلس “الحرس الثوري” الإيراني، بتحفيز “مقتدى الصدر”، وهو رجل دين شيعي مؤثر ومناهض لأميركا، لدعم “المالكي” بشرط إنسحاب جميع القوات الأميركية من العراق، مقابل تولي حركة الصدر مناصب بالحكومة.
وهكذا كفلت إيران بقاء “المالكي”، ووسط عجلة الإدارة الأميركية للخروج من العراق في عام 2011، سلمت أميركا دون أن تشعر مقاليد القيادة في العراق لطهران.
وبدأ “المالكي” في الفترة الثانية من حكمه بإتباع السياسات الطائفية، التي أدت إلى ظهور تنظيم “داعش”، حيث أعلن نفسه القوى المجابهة لسيسات إيران و”المالكي”.
خذلان أميركا الدائم للأكراد..
على جانب آخر، سلطت الكاتبة البريطانية الضوء على خذلان أميركا في أكثر من موقف للأكراد، بداية من عهد “مصطفى بارزاني”، حيث طلب المساعدات الأميركية في عام 1975 بعد قطع إيران لمساعداتها، ولكن واشنطن رفضت تقديم أي إمدادات، وحتى في الأزمة الحالية ألقت باللائمة على أربيل وأنها هي محور الأزمة.
كل ذلك يبدو أنه يصب في صالح أميركا و”العبادي”، الذي تعتبره “رجلها”، كما اعتبرت “المالكي” من قبل، ولكن ذلك ليس صحيح، من وجهة نظر الخبيرة “سكاي”، حيث إعتبرت أن إيران تفوقت على أميركا وأظهرت نفسها حليف لا غنى عنه بمحاولاتها للإصلاح بين “البيشمركة” والقوات العراقية، بينما تحتل واشنطن مساحة تتقلص وسط كل هذه الأحداث.
ومن المتوقع أن اتفاق بين الأكراد والعراقيين حول إقليم كركوك سيكون بوساطة من إيران وليس أميركا.
إختتمت الكاتبة البريطانية مقالها بأن إيران ستستمر بمعارضة مصالح أميركا وحلفائها، وقد تتصادم في النهاية مع إسرائيل، وهذا ما سيجبر الولايات المتحدة على إلإقبال على فعل يرد على إيران.