لندن – اتفقت روسنفت أكبر شركة نفط روسية على السيطرة على خط أنابيب النفط الرئيسي في كردستان العراق لترفع استثمارها في الإقليم إلى 3.5 مليارات دولار رغم تحرك بغداد العسكري الذي أطلق شرارته تصويت الأكراد في استفتاء على الاستقلال.
وتأتي الخطوة في إطار ما يبدو أنها استراتيجية أوسع نطاقا للرئيس فلاديمير بوتين لتعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي لموسكو في الشرق الأوسط.
ويرى محللون في ذلك تحوّلا كبيرا في المعادلة السياسية بعد أن ظلت أربيل حليفا مقربا من واشنطن لعقود طويلة. وقد اغتنمت موسكو فتور العلاقة بين الطرفين بعد وقوف الولايات المتحدة على الحياد في أزمة استفتاء الاقليم لتنتزع الإقليم من حضن واشنطن.
ويبدو التحرك غريبا في ظل ترجيح كفة بغداد في نزاعها للسيطرة على صادرات وإيرادات نفط الإقليم وتأييد تركيا التي تمر من خلالها تلك الصادرات وموقفها الرافض بشدة لاستقلال الإقليم.
وقالت روسنفت إنها ستملك 60 بالمئة من خط الأنابيب في حين ستحتفظ مجموعة كي.أي.آر المشغّل الحالي لخط الأنابيب بنسبة 40 بالمئة. وتوقّعت مصادر مطلعة أن ترفع الصفقة إجمالي استثمارات روسنفت في المشروع إلى 1.8 مليار دولار.
يضاف ذلك إلى 1.2 مليار دولار أقرضتها الشركة الروسية لحكومة إقليم كردستان في وقت سابق من العـام الحالي للمساعدة في سد عجز في موازنتها، إلى جانب اتفاق روسنفت، التي تواجه صعوبات في الاقتراض من الغرب بسبب العقوبات الأميركية، على استثمار 400 مليون دولار في استكشاف 5 رقع نفطية.
وقال آشتي هورامي وزير المواد الطبيعية في إقليم كردستان “أناشدكم ألا تنسوا كردستان” وذلك خلال مؤتمر لقطاع النفط في إيطاليا يوم الخميس. وسرعان ما قدمت موسكو بعد ساعات يد العون بتوقيع اتفاق خط الأنابيب من قبل رئيس روسنفت إيغور سيتشن أحد أكبر حلفاء بوتين.
ويبدو أن موسكو أصبحت النافذة الوحيدة التي يمكن أن تخفف عزلة أربيل بعد أن تركتها واشنطن محاصرة بمواقف بغداد وأنقرة وطهران المتشددة من الاستفتاء، وهي تأمل في أن تساعدها روسيا أن أصبحت روسنفت مساهما مسيطرا من الناحية العملية على البنية التحتية للنفط الكردي.
وقال مصدر بالقطاع مقرّب من أربيل أن حسابات حكومة الإقليم ترى “أن حضور روسنفت والكرملين سيعزز الشعور بالأمان في ظل الحصار الذي تفرضه تركيا وإيران والعراق على الإقليم”.
وتأمل أربيل بأن يتمكّن الرئيس الروسي من تليين موقف تركيا في ظل عجز واشنطن عن ذلك بسبب فتور العلاقة بين واشنطن وأنقرة.
آشتي هورامي ناشد العالم بعدم نسيان كردستان وسرعان ما مدت روسيا يدها بعد ساعات لإنقاذ الإقليم
وتواجه صادرات النفط من الإقليم أسوأ تعطل في أشهر وتراجع تدفق الإمدادات إلى الثلث تقريبا وهو ما يهدد المدفوعات إلى روسنفت ودائنين آخرين كبار من بينهم شركات تجارة كبيرة مثل غلينكور وفيتول.
واقترضت حكومة كردستان نحو أربعة مليارات دولار من روسنفت وشركات تجارة النفط وتركيا بضمان مبيعات نفطية في المستقبل.
ومع انخفاض الصادرات إلى نحو 200 ألف برميل يوميا هذا الأسبوع من الكميات المعتادة البالغة 600 ألف برميل يوميا يعتري القلق شركات التجارة بشأن مليارات الدولارات التي أصبحت على المحك.
وقال إيفان غلاسنبرغ الرئيس التنفيذي لشركة غلينكور يوم الخميس “نراقب الموقف إذ قد يكون هناك تأخير في المدفوعات”.
وتعطلت الصادرات بعد أن انتزع الجيش العراقي السيطرة على حقول كركوك الغنية بالنفط من قوات البيشمركة الكردية هذا الأسبوع مما تسبب في تعطل الإنتاج من حقول المنطقة.
وهددت بغداد يوم الأربعاء بإعادة توجيه جزء كبير من إمدادات النفط صوب خط أنابيب قديم متوقف عن العمل منذ عدة سنوات بعد أن شيّد إقليم كردستان بنيته التحتية الخاصة به لنقل الخام إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط.
ويقول خبراء في القطاع إن الخطة غير واقعية لأن الخط قديم ويعلوه الصدأ ويحتاج إلى استثمارات كبيرة.
وطلبت بغداد من شركة بريتش بتروليم البريطانية (بي.بي) العودة إلى كركوك والمساعدة في إنعاش الإنتاج بما يشير إلى أنها عازمة على حرمان أربيل من جزء كبير من إيرادات النفط.
وكانت بغداد فرضت أيضا حظرا جويا على أربيل وقطعت الصلات المصرفية معها بمساعدة تركيا وإيران.
ومن المقرر أن تستثمر روسنفت في توسعة خط أنابيب أربيل المستقل، الذي استهدفته تهديدات بغـداد، على أمـل زيـادة سعتـه بمقدار الثلث إلى 950 ألف برميل يوميا، أي ما يقارب واحد بالمئة من إجمالي المعروض العالمي.
في هذه الأثناء عاد عمال النفط العراقيون إلى مراكزهم في منشآت كركوك النفطية بانتظار الضوء الأخضر لاستئناف ضخ وتكرير ونقل النفط والغاز، وذلك بعد 3 سنوات من طردهم منها من قبل الأكراد.
العرب اللندنية