القاهرة – عادت تجارة وتربية الخنازير رسميا في مصر بعد سنوات من حادثة إعدام الآلاف منها عقب كارثة انفلونزا الخنازير التي ضربت البلاد في عام 2008.
وجرمت حكومة أحمد نظيف خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك تربية الخنازير بعد أن أشارت تحقيقات وزارة الصحة آنذاك إلى أن قطعان الخنازير التي يتم تربيتها كانت السبب الرئيسي في انتشار ذلك المرض في البلاد بوصفها الحامل الرئيسي لفيروس أتش 1 أن 1.
ورغم إعدام نحو 2.5 مليون رأس من الخنازير في تلك الفترة، إلا أن انتشار الفيروس استمر في مختلف مناطق البلاد بشكل كبير، ما يبرئ الخنازير من تلك الاتهامات، وفق شحاته المقدس، نقيب جامعي القمامة.
وقال في تصريح لـ“العرب” لقد تمت “خلال تلك المذبحة تخبئة عدد كبير من سلالات الخنزير المصرية في مزارع بعيدة عن أنظار وزارات البيئة والصحة والداخلية”.
وأضاف المقدس أنه “منذ عام 2011 قام المربون بالتوسع في المزارع إلى أن وصل عدد الخنازير حاليا إلى نحو نصف مليون خنزير”.
وأكد أن تربية الخنازير لها فوائد اقتصادية كثيرة، لأنها تتيح التخلص من المخلفات العضوية، فضلا عن المساهمة في سد جزء من فجوة اللحوم التي تعاني منها مصر، لأنها غذاء لنحو 20 مليون مسيحي، إلى جانب توريد كميات كبيرة للفنادق.
ويرتفع الطلب على لحوم الخنازير خلال الفترة الحالية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعارها إلى نحو 3.5 دولار بعد أن كان بنحو دولارين فقط، بينما ارتفعت أسعار باقي أنواع اللحوم الحمراء إلى نحو 8.5 دولار، بعد أن كانت بنحو ستة دولارات قبل عام.
وكشفت وزارة الزراعة عن انخفاض نصيب الفرد من اللحوم الحمراء إلى 7 كيلوغرامات سنويا، بمعدل يصل إلى 18 غراما يوميا، وهو أقل من متوسط نصيب الفرد عالميا البالغ 24 غراما يوميا.
كاترينا هانسن: منحنا مصر نحو 993 مليون دولار لتطوير 570 شركة لتدوير المخلفات
وقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إجمالي حجم الإنتاج الحيواني ف يالبلاد بنحو 965 ألف طن، بينما يبلغ إجمالي الاستهلاك حدود مليون و300 ألف طن في العام.
ويصل الحجم الإجمالي لجميع أنواع المخلفات بالبلاد وفق تقديرات جهاز شؤون البيئة إلى نحو 96 مليون طن سنوياً، ما يشكل مشكلة مزمنة للدولة في طريق التخلص منها.
ويقول البنك الدولي إن خسائر الاقتصاد المصري بسبب التلوث الناجم عن عدم معالجة هذه المخلفات، تصل إلى نحو 1.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بما يوازي خسائر سنوية بنحو 3.5 مليار دولار.
وأكد علي القريعي رئيس لجنة البيئة بجمعية رجال الأعمال المصريين أن المخلفات تعد كنزا لا يعرف قدره سوى العاملين بهذا النشاط، ويتم جمع القمامة وتصنيفها وفق احتياجات السوق.
وقال لـ“العرب” إن “صناعة المخلفات توفر استيراد المواد الخام لصناعة الورق والكرتون، وتعد من أهم الصناعات التي تبحث عن تلك المخلفات وتقوم بشرائها بأسعار مختلفة حسب جودتها”. وأوضح أن تطوير هذا القطاع أصبح أمرا هاما “ويوفر علينا استيراد القمامة المعاد تدويرها من الخارج بالعملة الصعبة”.
وأطلقت محافظة القاهرة مبادرة لجمع القمامة، من خلال عمل أكشاك تقوم بشراء القمامة من المواطنين ويصل سعر الكيلوغرام إلى نصف دولار حال جودته التي تناسب صناعة تدوير المخلفات.
وأعلن البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير عن حزمة تمويلية جديدة تستهدف تطوير منظومة جمع القمامة وتدوير المخلفات بمصر.
وقالت كاترينا هانسن نائب المدير التنفيذي للبنك إن البنك “سيوفر حزمة تمويلية لتطوير 570 شركة تعمل في مجال الحفاظ على البيئة وجمع المخلفات”.
وتعمل في مصر نحو 1500 شركة لجمع القمامة خارج الاقتصاد الرسمي، وهي منتشرة في جميع المحافظات، وتوفر وظائف لأكثر من 360 ألف مواطن يعملون في ظروف غير آدمية.
ولفتت هانسن في تصريحات لـ”العرب” إلى أن البنك يوجه 80 بالمئة من حجم التمويل المتاح لمصر إلى مشروعات القطاع الخاص في مجال الحفاظ على البيئة بهدف تحفيزها على النشاط في هذا المضمار.
وتصل حزمة المساعدات المقدمة لمصر إلى نحو 1.24 مليار دولار، ويوجه منها 993 مليون دولار للمشروعات الخاصة بالبيئة وتدوير المخلفات.
وقال منير نوار، نائب رئيس جمعية رجال جامعي القمامة لـ”العرب” إن “كل طن من القمامة يوفر نحو 12 فرصة عمل للعاملين بهذا القطاع.
وأشار في تصريحاته إلى أنه يجب القيام بفرز القمامة وكبسها في عبوات يتراوح وزنها بين 700 كيلوغرام إلى طن واحد ثم يتم بيعها للمصانع.
وتبقى المخلفات الزراعية مشكلة كبيرة بالنسبة للدولة حيث يصل حجمها إلى نحو 40 مليون طن سنويا. ورغم إمكانية استخدام هذا الكم الهائل من المخلفات في تصنيع الأسمدة العضوية “كومبست” إلا أنها لا تستغل بالشكل الكافي.
وكان من الممكن أن تساهم بشكل ملموس في حل أزمة نقص السماد بالبلاد، لكنها زادت خسائر الاقتصاد بسبب تلوث البيئة بدلاً من الاستفادة منها.
العرب اللندنية