ساعات قليلة فصلت بين إعلان قوات النظام سيطرتها على مدينة البوكمال بريف دير الزور وبين استعادة تنظيم الدولة الإسلامية نحو نصف المدينة، وتعود حالة الغموض إلى احتكار الطرفين للتغطية الإعلامية.
وإزاء هذا الغموض تثار أسئلة عما يحدث في المدينة المحاذية للحدود العراقية، فلماذا يتعجل النظام بإعلان سيطرته؟ وكيف يخسر التنظيم آخر معاقله بهذه السرعة؟
يقول الخبير العسكري عبد الناصر العايد إن القصف الروسي والسوري الكثيفين ومشاركة الطائرات العراقية في دعم عناصر حزب الله ومليشيات إيرانية وعراقية وأفغانية داعمة للنظام هي سبب الاجتياح السريع، كما يعيش تنظيم الدولة منذ أشهر حالة انهيار في ظل تسرب عناصره المحليين نحو مناطق خصومه.
ويضيف أن التنظيم يشهد مع ذلك “صحوة الموت” لعناصره الذين يشنون هجمات مفاجئة، مع أنها “لا تجدي نفعا”، ويوضح أن معظم عناصر التنظيم انتشروا في مجموعات صغيرة بمناطق مختلفة، وأن بعضهم ينسحب باتجاه البادية السورية والعراقية.
ويكمل العايد حديثه للجزيرة بالقول إن البوكمال تكتسب أهميتها من موقعها الحدودي، ولذا دفع النظام إليها قواته التي كانت موجودة في البادية قبل أن تسبقها “قوات سوريا الديمقراطية” -ذات الأغلبية الكردية- أو فصائل المعارضة.
ويبدو أن المعركة القادمة لقوات النظام وحلفائها ستكون في مناطق سيطرة التنظيم بين مدينتي البوكمال والميادين، وهي مسافة تمتد سبعين كيلومترا في ريف دير الزور الشرقي، وتضم مدينتي العشارة والقورية.
ويستبعد العايد بعد انتهاء هذه المعارك أن تتوجه قوات النظام نحو الضفة الشمالية للفرات، أي مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، لاعتقاده بأن الأخيرة ستتابع تقدمها في مناطق قتالها مع التنظيم وتصل للجهة المقابلة للبوكمال على الضفة الشمالية من نهر الفرات.
أنباء متضاربة
من جهة أخرى، يرى الخبير العسكري العقيد فايز الأسمر أن قوات النظام ومن معها لم تسيطر على كامل البوكمال، وأن المدينة حصنها التنظيم هندسيا جيدا لمواجهة متوقعة من قبل قوات النظام والقوات العراقية خاصة، كما يجيد التنظيم الهجمات الانتحارية التي تخلخل تماسك جموع القوات المضادة.
ويضيف الأسمر المتحدر من مدينة دير الزور أن التنظيم فقد الكثير من قدراته القتالية في سوريا والعراق، ولا سيما مع تعدد جبهات القتال ضده واتباع القوات المهاجمة سياسة الأرض المحروقة في مناطق سيطرته وخسارته الكثير من قادته وطرق إمداده.
وهناك نقطة مهمة يقول الأسمر إنها ساهمت بتقهقر التنظيم، وهي العملاء والجواسيس داخل صفوف تنظيم الدولة، حيث ساهموا في إعطاء معلومات عن إحداثيات عسكرية إلى خصوم التنظيم ما أدى لانهياره وهزيمته في كل مناطق وجوده في سوريا.
ويتوقع الأسمر أن تشهد مناطق شرق سوريا قريبا مرحلة صراعات بين قوات النظام و”قوات سوريا الديمقراطية” اللتين تتقاسمان السيطرة شمال وجنوب نهر الفرات، مشيرا إلى تصريحات مسؤولي النظام والإيرانيين التي تتحدث عن مواجهة محتملة بعد القضاء على تنظيم الدولة.
المصدر : الجزيرة