التخطيط العراقية تنفذ استراتيجية تنموية لبناء الدولة

التخطيط العراقية تنفذ استراتيجية تنموية لبناء الدولة

تسعى الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي جاهدة لاعداد الخطط التنموية بالتعاون مع وزارة التخطيط للنهوض بالواقع الاقتصادي المتردي وبمساهمة كل الأطراف الفاعلة في عملية التنمية واعادة الاعمار وتشغيل اليد العاملة، وزيادة الايرادات غير النفطية.
وتؤكد توجيهات الحكومة اهمية توفر الإرادة السياسية في تبني اهداف التنمية المستدامة ووضع رؤية وطنية للاستراتيجية فضلاً عن الشراكة الفاعلة بين شركاء التنمية ( القطاع الخاص والمجتمع المدني والاكاديميين، والجهات الدولية ).
وتنفيذا لتوجيهات العبادي اكد وزير التخطيط سلمان الجميلي، في ندوة نظمتها وزارة التخطيط في مركز الرافدين للحوار بعنوان (وزارة التخطيط: التنمية وبناء الدولة): ان المرحلة المقبلة ستشهد تغييرا في الواقع التنموي العراقي.
وقال الجميلي ان وزارة التخطيط اعدت خطة في اطار الاجندة العالمية تمثلت بتشكيل اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة، مشيرا الى تطور العلاقات مع جميع دول الجوار بصورة لم تشهدها من قبل.
وتعد الخطة محصلة لعمل وطني تتضافر و تتكامل فيه جهود و مدخلات جميع الوزارات و الجهات المعنية في الدولة وهي البوصلة التنموية التي تسترشد بها القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية، وجاءت فكرة إعداد خطة تنمية وطنية متوسطة المدى بسبب الإخفاقات والمشاكل التي واجهت إعداد البرامج الاستثمارية السنوية وخاصة صعوبة وضع رؤى تنموية شاملة متوسطة وبعيدة المدى، وتحديد أولويات المشاريع وتكاملها على أساس المنهج السنوي للتنمية.
وطمأن الجميلي الشعب العراقي بان الوضع الاقتصادي للبلد في تحسن كون تخصيص الايرادات سيرفد الموازنة التي تتبنى الاعمار والتنمية بعد تحرير الارض العراقية بالكامل من دنس الارهاب.
وبين الجميلي ان الافاق الاستثمارية المتوقع دخولها الى العراق كبيرة من الشركات والمستثمرين العرب والاجانب، كاشفا عن انجاز وزارة التخطيط لعدد من الاستراتيجيات والخطط التنموية بعيدة المدى .
واضاف الجميلي : ان دور وزارة التخطيط رئيس بسبب واقع النظام الاقتصادي الريعي في العراق، على الرغم من تحوله من النظام الشمولي المركزي الى نظام الحكم اللامركزي الذي يفوض صلاحيات واسعة للحكومات المحلية، معتمداً على امكاناته الطبيعية والبشرية في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية وقدرته على استيعاب الكثير من المشاريع.
وركز خلال الندوة التي حضرتها نخبة من الخبراء والاساتذة والمختصين ورجال الدين على النقاط التالية :
• ان العراق يمتلك علاقات ودية مع جميع الدول المجاورة له مما سينعكس ايجابيا على إداء الحكومة ووضع الاقتصاد ولاسيما في ملف مكافحة الإرهاب والاستثمار والدعم الدولي في المحافل الدولية وانهاء التدخلات السلبية، يمكن أن تكون مفصلاً مهماً من مفاصل التنمية الوطنية وإعادة الاعمار.
• ان وزارة التخطيط انجزت خطة التنمية الخمسية ‎٢٠١٨-٢٠٢٢ واستراتيجية التخفيف من الفقر ‎٢٠١٨-٢٠٢٢ واستراتيجية معالجة المجمعات العشوائية في العراق وخطة استحداث صندوق التنمية الاجتماعي فضلا عن استراتيجية تطوير القطاع الخاص ‎٢٠١٥-٢٠٣٠ وكذلك وثيقة الاطار الوطني لإعادة اعمار المناطق المحررة للسنوات ‎٢٠١٨-٢٠٢٧ .
وبين الجميلي ان جميع هذه الخطط والاستراتيجيات اعدت بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية وشركاء من المنظمات الدولية وبالتالي فانها جاءت من رحم الواقع آخذةً بنظر الاعتبار الظروف والتحديات التي يمر بها العراق ومنها الظروف الاقتصادية، مبيتا ان العراق ليس فقيرا بل لديه امكانات اقتصادية تؤهله ليكون اقتصادا متماسكا من خلال الادارة الرشيدة.
واستعرض الجميلي جانبا من المؤشرات السكانية، اذ بلغ عدد السكان في نهاية عام ٢٠١٦ نحو ٣٧ مليونا و٨٠٠ الف نسمة ، واصفا المجتمع العراقي بالمجتمع الفتي اذ تبلغ نسبة السكان الذين اعمارهم دون الخامسة عشرة ٤١٪ من مجموع السكان، وتبلغ نسبة سكان الحضر 68%، وسكان الريف 32%.

وتواجه خطة التنمية الوطنية مجموعة من التحديات المؤسساتية مثل ترهل الجهاز الحكومي، والفساد، واعداد الخريجين العاطلين عن العمل، وتحديات اقتصادية كانعدام الإيرادات غير النفطية والمبالغ العالية للديون وزيادة النفقات على الإيرادات ومحدودية القطاع الخاص وقلة الواردات الجمركية نتيجة الفساد وعمليات التهريب وتدني المال المجبى من الكهرباء والماء، وتحديات بيئية كالتوسع العشوائي حيث يعيش نحو 10% من السكان في العشوائيات.
• توجه الحكومة باشتراط موافقة وزارة التخطيط على استحداث الكليات الاهلية، كما هو شأن الدراسات العليا في الوقت الحاضر من اجل السيطرة على الاعداد الكبيرة من الخريجين، وهناك حاجة للتعليم المهني أكثر من التعليم العالي لان التعليم المهني هو المطلوب في عمليات الإنتاج الصناعي.
• تقديم الخدمات من خلال الحماية الاجتماعية وإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي، من اجل تحسين أنظمة الحماية الاجتماعية، والمساندة في التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار واستعادة تقديم الخدمات في المناطق الفقيرة والمتأثرة بالأعمال العسكرية، وتحسين جودة تقديم خدمات البنية التحتية العامة وكفاءتها على مستوى المحافظات والمناطق، وتحسين جودة خدمات الرعاية الصحية والتعليم في العراق.

• تفعيل دور القطاع الخاص
وقد التقى الجميلي ممثلي القطاع الخاص العراقي وبحث معهم واقع القطاع الخاص وسبل توسيع مشاركته في المسيرة التنموية في ضوء خطة التنمية المقبلة والانفتاح الاقتصادي للعراق وعمليات اعادة الاعمار، كون القطاع الخاص يملك الامكانات والمؤهلات التي تعزز مشاركته الفاعلة مع القطاع العام من خلال تتفيد المشاريع الاستثمارية ، مشيرا الى ان هناك الكثير من المشاريع الاستثمارية المدرجة في المنهاج الاستثماري وكانت قيد التنفيذ عند بداية الازمة المالية عام ٢٠١٤ وقد اتخذت الحكومة سلسلة من الاجراءات لمعالجة هذه المشكلة من خلال تحديد الاولويات وعرضها كفرص استثمارية .
واشار الى التنمية في العراق واجهت تحديات في السنوات الماضية اثرت سلبا على الخطط التنموية ولاسيما خطة التنمية ‎٢٠١٣-٢٠١٧ بسبب عدم الاستقرار السياسي والامني والفساد وتحديات بيئية .
وشدد الجميلي على ان تكون خطة التنمية الجديدة ‎٢٠١٨-٢٠٢٢ خطة ملزمة التنفيذ لضمان تنفيذها من قبل جميع الجهات ذات العلاقة ، مشيرا الى ان الوزارة تعوّل كثيرا على دور الحكومات المحلية في التنمية.

• ان خطة التنمية تركز على أربعة محاور رئيسة، وهي: الحوكمة الرشيدة (اعتماد الحكومة الالكترونية، اللامركزية)، وتعني الحكومة الإلكترونية: استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ لتحسين أسلوب أداء الخدمات الحكومية، وتغيير أسلوب أداء الخدمة من أسلوب يتميز بالروتين والبيروقراطية وتعقد الإجراءات إلى أسلوب يعتمد على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ لتحسين أداء الخدمات الحكومية، وتقديمها للمواطن بطريقة سهلة عبر شبكة الانترنت، مما يوفر الكثير من الجهد والمال لها، فتنخفض بذلك تكلفة أداء الخدمة.
وتسهل الحوكمة الرشيدة زيادة كفاءة وشـفافية ودقـة عمل الحكومة من خلال تعاملها مع المواطنين ومنشآت الأعمال، كما تسهل تقديم الخدمات للمواطنين بالسرعة الممكنـة وبدرجـة عالية من الدقة، و يقلل التكاليف المتعلقة بالدوائر الحكومية من مصاريف معاملات ورقية وإيجار مباني واستهلاك مياه وكهرباء واتصالات.

وركز الجميلي على إعادة الاعمار والتنمية (البنى التحتية والحوكمة المحلية)، وتطوير القطاع الخاص لكي يصبح شريكاً في التنمية، البعد الاجتماعي (الاستراتيجية الوطنية لتقليل الفقر والاصل هو تمكين الفقير وليس الاقتصار على مساعدته.
واوضح ان جميع الإشارات في الوقت الحالي تدل على عدم وجود مشكلة اقتصادية في العراق إذ ان الإمكانيات والموارد التي يمتلكها العراق تمكنه من تجاوز الأزمات الاقتصادية التي قد تمر عليه، ولكن المشكلة الرئيسة تكمن في سوء إدارة تلك الإمكانات والموارد.
• أدى انخفاض أسعار النفط الى الكشف عن الكثير من الفساد والسلبيات الموجودة في عمليات إحالة المشاريع وتنفيذها في الفترة السابقة مثل: رفع الكلف التخمينية للمشاريع وتسليم نسب مبالغ فيها من السلفة الأولية إلى المقاولين بقرارات استثنائية، أو الاتفاق معهم على تقديم أسعار واطئة وتعويض الخسارة لاحقاً مما يسمى بأوامر الغيار.
• بعد هبوط أسعار النفط، حاولت الحكومة الموازنة بين الاستحقاقات المترتبة عليها كالدفع للمقاولين واكمال المشاريع وبين قلة السيولة المتوافرة لديها، فعمدت الى تقليص عدد المشاريع الموجودة قيد التنفيذ عن طريق إعادة تصنيفها حسب أهميتها الاستراتيجية واولويتها للمواطن، كما قامت بإصدار سندات الخزينة لتسديد المقاولين.

• لعبت اللامركزية الإدارية ومجالس المحافظات دورا سلبيا في بعثرة المشاريع وتلكؤ عمل الوزارة اذ ان تبدل المحافظين يؤدي الى تبدل الأولويات حسب المزاج السياسي. كما ان المشاريع تتأثر بالمصالح الانتخابية لأعضاء مجالس المحافظات، وان استبدال الخبرات يخلق عدة مشاكل أبرزها تعطيل العمل.

• حاولت وزارة التخطيط تشجيع الدور التنموي لبعض الوزارات، حيث تم تخصيص تريليوني دينار لوزارة الصناعة لاستحداث خطوط إنتاجية جديدة تشجع الصناعة المحلية وتسهم في تشغيل المزيد من الأيدي العاملة.

• اتخذت الحكومات السابقة بعض القرارات التي ساهمت في انتشار الفساد عن طريق استغلالها بشكل سلبي من بعض المسؤولين، ومن تلك القرارات السماح بالشراء من القطاع العام بنسبة تزيد 10% عن مثيلها في القطاع الخاص.

• تسعى الحكومة لزيادة إيرادات الدولة من خلال العديد من الإجراءات منها حصر استيراد الذهب عبر مطاري بغداد والنجف الاشرف، اذ يبلغ مقدار الذهب المستورد سنويا حوالي ستين طن.

• عمليات الشراء التي تقوم بها وزارة التجارة من المعامل المحلية (مثل معمل الاتحاد للسكر والزيوت) تهدف لحماية وتشجيع المنتج المحلي وتشغيل الايدي العاملة كما ان البطاقة الغذائية وبرغم عدم كفايتها على مدار سنة كاملة فانها تؤدي دورا موازنا للحفاظ على أسعار المواد الغذائية بعيدا عن جشع التجار.

• اغلبية الديون الداخلية المترتبة بذمة الحكومة العراقية هي ديون تعود للمصارف الحكومية، الرافدين والرشيد والبنك المركزي، ويمكن اعتبار هذا الموضوع إيجابياً نوعاً ما.

• يستفيد العراق من صندوق النقد الدولي بصفته من الدول المؤسسة للصندوق، الا ان قروض صندوق النقد لها العديد من التبعات، اذ يتوجب استحصال موافقة الصندوق على الموازنات الاتحادية ومن الشروط التي فرضها صندوق النقد على العراق إيقاف التعيينات، كما ان صندوق النقد يحدد مقدار معين لعجز الموازنة لا يمكن تجاوزه.

• بالرغم من التزام الدولة بتوفير السكن طبقا للمادة 31 من الدستور الا ان قلة التمويل تعيق ذلك، ويمكن ان يقوم القطاع الخاص وخصوصا المصارف بدور مهم في توفير السكن عن طريق الاستثمارات كما يجري في العديد من الدول المجاورة مثل الأردن والخليج.

نستنتج ان وزارة التخطيط تعمل على التنمية المستدامة وتطبيق الخطط الوطنية وتحقيق التقدم استناداً الى المؤشرات المعتمدة دولياً وصولاً الى صياغتها وإطلاقها كالتزام وطني ودولي.

 

شذى خليل

الوحدة الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية