في يوم واحد قام الرئيس الروسي بوتين بزيارتين عربيتين متتاليتين؛ كانت أولاهما إلى قاعدة حميميم الروسية في سوريا والثانية للعاصمة المصرية القاهرة. غير أن ما أحاط بالزيارتين من تفاصيل ومحتويات، أكد اختلافاً عميقاً للأولى عن الثانية، وبين أنهما لم تكونا متماثلتين ولا متقاربتين لا في الشكل ولا في المحتوى ولا في النتائج أيضاً، وهذا ما أبرزته الأخبار وتسريبات الفيديو، التي قدمتها المصادر الإعلامية الروسية عن زيارتي الرئيس الروسي ولقائه مع بشار الأسد الذي تعتبره روسيا رئيساً شرعياً لسوريا، بصورة مماثلة لنظرتها إلى لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومكانته عندها.
ففي زيارة الرئيس بوتين الأولى، كانت قاعدة حميميم العسكرية الروسية في سوريا، المكان الذي قصده بوتين بدلاً من أن يقصد دمشق التي تعتبرها موسكو عاصمة نظام الأسد، وبهذا المعنى فقد اختار بوتين من سوريا المكان الذي يقع تحت السيطرة المطلقة للقوات الروسية على الأراضي السورية، مما يعني أن بوتين، لا يرى سوريا إلا من خلال وجود قواته وقاعدته، التي شكل وجودها محور التطورات السياسية والميدانية في القضية السورية منذ التدخل الروسي الواسع أواخر عام 2015.
والنقطة الثانية في وقائع زيارة بوتين السورية، هي استدعاء بشار الأسد ليكون في استقبال بوتين في القاعدة الروسية، وقد ظهر الأسد وحيداً دون أن يرافقه أي من السوريين سواء كبار المسؤولين أو القادة العسكريين والأمنيين، بل ودون مرافقة شخصية كما درجت العادة، بخلاف ما كان عليه بوتين المحاط بجنوده وجنرالاته وحرسه الشخصي، كما أن وجود الأسد في القاعدة بدا محكوماً بالسيطرة الروسية، حيث منع جنود روس الأسد من السير إلى جانب بوتين الذي ترك الأول، وكأنه أسير الجنود الروس.
وبخلاف ما ظهر في وقائع زيارة حميميم، فإن محتوى محادثات بوتين – الأسد، لم تتعدَ محتوى السياسة الروسية في سوريا، وأبرز نتائجها إصدار بوتين قراره بإعادة القوات الروسية الموجودة في سوريا إلى قوات تمركزها الأساسية في بلادها بعد ما وصفه الروس بدورها في الحرب على «داعش» وما تحقق من «انتصار» في نتائجها.
ومما لا شك فيه، أن ما ظهرت عليه زيارة بوتين للقاهرة في اليوم ذاته، تضيف أبعاداً أخرى لمحتوى زيارة حميميم السورية ولقائه مع الأسد فيها، وبالتالي فإنها توضح أكثر النظرة الروسية إلى سوريا وشكل التعامل معها ونظرتها إلى رئيس النظام الحاكم في دمشق.
ففي زيارته لمصر نزل بوتين في مطار القاهرة، واستقبله بصورة طبيعية الرئيس المصري محاطاً بكبار المسؤولين المصريين، وتوجه الرئيس الضيف بصحبة مضيفه إلى قصر الاتحادية لعقد المباحثات الروسية – المصرية سواء في لقاءات الوفدين، أو في اجتماعات الرئيسين المغلقة. وطبقاً للمعلومات، فإنه تم بحث العلاقات الثنائية بين الطرفين وخصوصاً في ميدان التعاون النووي والطيران والعلاقات التجارية، إضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك ومنها صراعات المنطقة وسبل حلها بالطرق السلمية، وبحث الوضع في سوريا والحرب على الإرهاب، وهي الموضوعات التي تناولها الرئيسان المصري والروسي في المؤتمر الصحافي الذي عقداه عند انتهاء الزيارة.
لقد أجملت زيارة بوتين ومجرياتها في حميميم، حقيقة النظرة الروسية للوضع في سوريا باعتباره بلداً تحت السيطرة الروسية، وأن رئيس النظام مجرد شخصية ضعيفة وتابعة، وقد أضافت مجريات زيارة بوتين للقاهرة ونتائجها بالمقارنة مع ما جرى في حميميم أبعاداً أخرى، لتوضح في الوقت نفسه الفارق بين تعامل روسيا مع النظام مع البلدين، حيث تنظر روسيا إلى مصر باعتبارها دولة ذات سيادة، تجري العلاقات معها بصورة طبيعية وفق مسار العلاقات الدولية القائمة.
خلاصة القول، فيما رسمته زيارتا بوتين إلى حميميم والقاهرة، أنها أوضحت نظرة الرئيس الروسي إلى سوريا باعتبارها بلداً تحت السيطرة الروسية، التي كثيراً ما يقول الروس إنهم يعتبرونها بلداً مستقلاً، ينبغي الحفاظ عليه واحترام سيادته، ونظرته إلى رئيس النظام القائم في دمشق بشار الأسد الذي يعتبر الروس أنه رئيس «شرعي ومنتخب»، ويبذلون كل جهودهم على كل المستويات من أجل الحفاظ عليه وعلى نظامه في إطار التسوية المقبلة للقضية السورية.
ولعل الأهم في هذه الخلاصة، أنها ترسم حدود ما يمكن أن يكون عليه الموقف الروسي في المفاوضات الجارية سواء في جنيف 8 أو في آستانة الوشيكة الانعقاد، أو في مؤتمر سوتشي، الذي تسعى إليه موسكو لحل القضية السورية، وكله يؤكد أن أفق العملية السياسية في سوريا وحولها يكاد يكون مغلقاً ما لم يحصل تغيير جوهري في النظرة الروسية، وخصوصاً في الموقف من النظام القائم ورئيس النظام بشار الأسد.
ففي زيارة الرئيس بوتين الأولى، كانت قاعدة حميميم العسكرية الروسية في سوريا، المكان الذي قصده بوتين بدلاً من أن يقصد دمشق التي تعتبرها موسكو عاصمة نظام الأسد، وبهذا المعنى فقد اختار بوتين من سوريا المكان الذي يقع تحت السيطرة المطلقة للقوات الروسية على الأراضي السورية، مما يعني أن بوتين، لا يرى سوريا إلا من خلال وجود قواته وقاعدته، التي شكل وجودها محور التطورات السياسية والميدانية في القضية السورية منذ التدخل الروسي الواسع أواخر عام 2015.
والنقطة الثانية في وقائع زيارة بوتين السورية، هي استدعاء بشار الأسد ليكون في استقبال بوتين في القاعدة الروسية، وقد ظهر الأسد وحيداً دون أن يرافقه أي من السوريين سواء كبار المسؤولين أو القادة العسكريين والأمنيين، بل ودون مرافقة شخصية كما درجت العادة، بخلاف ما كان عليه بوتين المحاط بجنوده وجنرالاته وحرسه الشخصي، كما أن وجود الأسد في القاعدة بدا محكوماً بالسيطرة الروسية، حيث منع جنود روس الأسد من السير إلى جانب بوتين الذي ترك الأول، وكأنه أسير الجنود الروس.
وبخلاف ما ظهر في وقائع زيارة حميميم، فإن محتوى محادثات بوتين – الأسد، لم تتعدَ محتوى السياسة الروسية في سوريا، وأبرز نتائجها إصدار بوتين قراره بإعادة القوات الروسية الموجودة في سوريا إلى قوات تمركزها الأساسية في بلادها بعد ما وصفه الروس بدورها في الحرب على «داعش» وما تحقق من «انتصار» في نتائجها.
ومما لا شك فيه، أن ما ظهرت عليه زيارة بوتين للقاهرة في اليوم ذاته، تضيف أبعاداً أخرى لمحتوى زيارة حميميم السورية ولقائه مع الأسد فيها، وبالتالي فإنها توضح أكثر النظرة الروسية إلى سوريا وشكل التعامل معها ونظرتها إلى رئيس النظام الحاكم في دمشق.
ففي زيارته لمصر نزل بوتين في مطار القاهرة، واستقبله بصورة طبيعية الرئيس المصري محاطاً بكبار المسؤولين المصريين، وتوجه الرئيس الضيف بصحبة مضيفه إلى قصر الاتحادية لعقد المباحثات الروسية – المصرية سواء في لقاءات الوفدين، أو في اجتماعات الرئيسين المغلقة. وطبقاً للمعلومات، فإنه تم بحث العلاقات الثنائية بين الطرفين وخصوصاً في ميدان التعاون النووي والطيران والعلاقات التجارية، إضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك ومنها صراعات المنطقة وسبل حلها بالطرق السلمية، وبحث الوضع في سوريا والحرب على الإرهاب، وهي الموضوعات التي تناولها الرئيسان المصري والروسي في المؤتمر الصحافي الذي عقداه عند انتهاء الزيارة.
لقد أجملت زيارة بوتين ومجرياتها في حميميم، حقيقة النظرة الروسية للوضع في سوريا باعتباره بلداً تحت السيطرة الروسية، وأن رئيس النظام مجرد شخصية ضعيفة وتابعة، وقد أضافت مجريات زيارة بوتين للقاهرة ونتائجها بالمقارنة مع ما جرى في حميميم أبعاداً أخرى، لتوضح في الوقت نفسه الفارق بين تعامل روسيا مع النظام مع البلدين، حيث تنظر روسيا إلى مصر باعتبارها دولة ذات سيادة، تجري العلاقات معها بصورة طبيعية وفق مسار العلاقات الدولية القائمة.
خلاصة القول، فيما رسمته زيارتا بوتين إلى حميميم والقاهرة، أنها أوضحت نظرة الرئيس الروسي إلى سوريا باعتبارها بلداً تحت السيطرة الروسية، التي كثيراً ما يقول الروس إنهم يعتبرونها بلداً مستقلاً، ينبغي الحفاظ عليه واحترام سيادته، ونظرته إلى رئيس النظام القائم في دمشق بشار الأسد الذي يعتبر الروس أنه رئيس «شرعي ومنتخب»، ويبذلون كل جهودهم على كل المستويات من أجل الحفاظ عليه وعلى نظامه في إطار التسوية المقبلة للقضية السورية.
ولعل الأهم في هذه الخلاصة، أنها ترسم حدود ما يمكن أن يكون عليه الموقف الروسي في المفاوضات الجارية سواء في جنيف 8 أو في آستانة الوشيكة الانعقاد، أو في مؤتمر سوتشي، الذي تسعى إليه موسكو لحل القضية السورية، وكله يؤكد أن أفق العملية السياسية في سوريا وحولها يكاد يكون مغلقاً ما لم يحصل تغيير جوهري في النظرة الروسية، وخصوصاً في الموقف من النظام القائم ورئيس النظام بشار الأسد.
فايز ساره
صحيفة الشرق الاوسط