صنعاء – قالت مصادر يمنية مطّلعة لـ”العرب” إن الحوثيين أطلقوا حملة واسعة للتأكد من مصير العميد طارق محمد عبدالله صالح، قائد القوات الخاصة اليمنية ونجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، مشيرة إلى أن الأنباء عن نجاته من القتل وعدم العثور عليه، تُسبب توترا عاليا بين قيادات المتمردين لما عرف عنه من قدرة عسكرية كبيرة، فضلا عن التخوف من أن يعطي ظهوره زخما للعمليات المضادة للمتمردين الذين يسيطرون على صنعاء.
ويتضاعف الإرباك الحوثي مع تقارير واسعة عن الفساد، وفي ظل تبدل المزاج الدولي ضدهم، مثلما عكست ذلك تصريحات المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
ونشر الحوثيون الجمعة منشورات في صنعاء تتضمن صورا لطارق صالح، وتحمل عبارة “المطلوب أمنيا طارق محمد عبدالله صالح”، وأطلق قياديون حوثيون تصريحات عن فرار قائد القوات الخاصة السابق. لكن مراقبين محليين لم يستبعدوا أن يكون الهدف من الحملة دفع مقربين من طارق صالح إلى نفي أو تأكيد بقائه على قيد الحياة، والحصول على أي إشارات بشأن مصيره.
ولم تنشر أي صور أو مقاطع تؤكد مقتل العميد طارق، وهو ما يثير التساؤلات حول مصيره الذي ما زال مجهولا حتى الآن.
وكان حزب المؤتمر الشعبي، حزب الرئيس السابق، قد أصدر بيانا في وقت سابق أكد فيه وفاة نجل شقيق صالح، بعد أن راجت أنباء عن كونه قد تمكن من الهروب إلى محافظة مأرب.
ولم يستبعد المراقبون أن يكون بيان الحزب عن مقتل طارق بدوره جزءا من الحرب الإعلامية مع المتمردين، وربما يهدف إلى التغطية على تنقلاته.
وفي وقت يعيش فيه المتمردون وضعا صعبا بعد تصفية قيادات حزب المؤتمر، وفي ضوء المخاوف من انتفاضة داخل صنعاء، تأتي تقارير الفساد لتزيد في الضغط عليهم خاصة ما تعلق بعمليات نهب الممتلكات العامة والخاصة وتوظيفها لأغراض حزبية وشخصية.
وكشف وزير الدولة الخارجية الإماراتي أنور قرقاش في تغريدة على موقع تويتر أن الدراسات تشير إلى أنه برغم الحرب إلا أن عملية استيراد السيارات في مناطق سيطرة الحوثيين وبناء المساكن لمنتسبيهم تشهد طفرة كبيرة، وأن “التمويل بطبيعة الحال من خزينة الدولة المنهوبة”.
وقال قرقاش إن “الحوثي في تمسكه بالسلطة في صنعاء يتمسك بسيطرته على دخل الدولة والذي يقدر بين 5 و5.3 مليار دولار سنويا، وهي أموال تنفق على محازبيه فقط وعلى دعم ميليشياته الإرهابية”.
ويقول مراقبون محليون إن اهتزاز صورة الحوثيين في الداخل، وفشلهم في فرض سيطرتهم على صنعاء بالرغم من الجرائم، دفعا إلى تغير في المزاج الدولي مثلما عبرت عن ذلك التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مسؤولون أمميون وآخرون من أميركا وبريطانيا.
ودخل المزاج الدولي من الحوثيين طورا جديدا، عقب إقدام الميليشيا الحوثية على تصفية حليفها الوحيد في الداخل الرئيس السابق وعدد من قيادات حزبه وهو ما أعطى انطباعا عن استحالة التوصل إلى أي تسوية مع جماعة مسلحة انقلبت على كل القوى المساندة لها.
وفي أحدث تصريح له وصف المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد ما تشهده العاصمة صنعاء بأنه “غير مقبول ومخالف للقانون الدولي العام”، في إشارة إلى الانتهاكات التي ترتكبها ميليشيا الحوثي ضد حزب المؤتمر الشعبي العام وأقارب الرئيس السابق.
وطالب ولد الشيخ في تغريدات على تويتر بضرورة “وضع حد فوري لما يتعرض له قادة المؤتمر الشعبي والناشطون وأسرهم من تعنيف وترهيب”.
وكان المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إدوين سموال، أكد في تغريدة على تويتر أن بلاده تدين “بربرية الحوثيين وعمليات القتل الانتقامية التي يقومون بها ضد أولئك الذين كانوا يدعمون علي عبدالله صالح، وتدعو إلى وقفها”.
وجاء ذلك في أعقاب تصعيد سياسي أميركي جديد تمثل في توجيه الحكومة الأميركية اتهامات صريحة للنظام الإيراني بالتورط في تزويد الحوثيين بالسلاح والعمل على زعزعة أمن المنطقة، في خطوة تزيد من عزلة إيران وتفشل خطتها في اليمن.
العرب اللندنية