في الوقت الذي واصلت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي إجراءاتها العقابية ضد الفتاة الفلسطينية، عهد باسم التميمي، وعائلتها، باعتقالها ووالديها وابنة عمها، كشف والدها أن ابنته لم تبادر إلى صفع الجندي الإسرائيلي إلا بعد أن شاهدت بعينيها كيف يطلق الجنود الرصاص على ابن عمها الطفل، ويُنقل إلى المستشفى في حالة خطيرة.
وقال باسم التميمي، الذي تعرض للأسر مرتين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويعتبر من قادة حركة «فتح» في قرية النبي صالح، ويقود كل أسبوع مظاهرة سلمية شعبية للمواطنين ضد جدار الفصل، بمشاركة نشيطي سلام إسرائيليين وأجانب، إن ابنته عهد كانت تقف أمام منزلها يوم الجمعة الماضي، عندما راح جنود الاحتلال يطاردون نحو 30 فتى صغيراً تظاهروا بأسلوبهم الطفولي، احتجاجاً على قرار ترمب بخصوص القدس. كانوا يهتفون ويطلقون الأناشيد. وقام بعضهم بقذف الجنود بالحجارة. في البداية كان الجنود يطلقون قنابل الغاز لتفريق المتظاهرين. لكنهم انتقلوا في مرحلة معينة، إلى إطلاق الرصاص المطاطي والرصاص الحي. وقد شاهدتْ عهد كيف أطلق جنود الاحتلال النار على رأس ابن عمها، محمد تميمي، وهو فتى في الرابعة عشرة من عمره، ولم يكن مسلحاً ولم يهدد حياة الجنود. فسقط الطفل أرضاً وهو يتلوّى من الآلام، بينما عمل الجنود على منع نقله لتلقي العلاج.
عندها تقدمت عهد من جنديين مدججين بالأسلحة، وقفا أمام بيتها، وراحت هي ووالدتها ناريمان وابنة عمها نور، يصرخن احتجاجاً على إصابة الطفل محمد، وكن يعتقدن أنه قُتل، فصفعت عهد أحد الجنديين وركلته في ساقه، فيما قامت والدتها ناريمان وابنة عمها نور، بدفع الجنديين ليبتعدا عن البيت.
وفي إسرائيل روى صحافي، شاهد عيان، كيف قرر قائد القوات الإسرائيلية لجم نفسه وجنوده كي لا يردوا على الصفعة، خصوصاً أن العديد من الصحافيين المحليين والأجانب كانوا يوثّقون ما يجري. فلما نُشرت صورة الفتاة عهد وهي تصفع الجندي، عبر الشبكات الاجتماعية، استغلها الجيش ليُظهر «كم هو إنساني»، فيما راحت قوى اليمين الإسرائيلي تهاجم الجيش وتعتبر تصرفه «ضعفاً»، ولهذا، سارع الجيش إلى اعتقال عهد ووالديها وابنة عمها، بعد عملية اقتحام للبيت تخللها تخريب الأثاث وإشاعة الفوضى. وكما قال باسم التميمي: «أخذوا الكاميرات والهواتف النقالة من الجميع. أخذوا الحاسوب. أخرجوا الأثاث وقلبوا كل شيء».
ومددت المحكمة العسكرية التابعة لسلطات الاحتلال، أمس، اعتقال والدة عهد، ناريمان، وابنة عمها، نور ناجي التميمي (21 عاماً)، إلى أن يجري النظر في قضيتهما يوم الاثنين المقبل. وكانت سلطات الاحتلال قد مددت أول من أمس، اعتقال عهد التميمي أيضاً للموعد نفسه، حيث وجهت إليها النيابة الإسرائيلية لائحة اتهام تشمل التحريض على الاحتلال، ونصب كمين قرب منزل عائلتها لجنود الاحتلال، وإهانتهم.
وقال النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، الذي حضر جلسة المحكمة، أمس، إن «المحكمة العسكرية هي وجه آخر بشع للاحتلال. فالقاضي والعقوبات المتسرعة، والترجمة الركيكة، والملابس العسكرية، وسياج السجن، كلها كولونيالية استعمارية بامتياز. ولكن تفضح الاحتلال وتظهره على حقيقته: نمر من كرتون. أما الشعب الفلسطيني فهو الباقي على موعد مع الحرية، وهذا الحراك الشعبي العظيم هو الذي سيقصّر عمر الاحتلال».
يُذكر أن النائب عودة كان قد زار عائلة عهد التميمي في النبي صالح، أول من أمس، ونشر تغريدة على حسابه في «تويتر»، يشيد فيها بهذه البطلة. فراح نواب اليمين المتطرف يهاجمونه ويعتبرونه «حصان طروادة في البرلمان الإسرائيلي».
تل أبيب: «الشرق الأوسط»