قدمت فصائل مسلحة هدية ثمينة للرئيس السوري بشار الأسد من خلال هجومها على مبنى إدارة مركبات الجيش السوري الواقع على أطراف مدينة حرستا، وهو الهجوم الذي سمح له بإنهاء الهدنة في المنطقة بدعم من الطيران الروسي.
وكثّفت القوات السورية الاثنين هجماتها على جبهتي الغوطة الشرقية قرب دمشق، حيث تمكنت من كسر حصار عن قاعدتها العسكرية الوحيدة في المنطقة، وفي شمال غرب سوريا حيث تشن غارات عنيفة على مناطق سيطرة الفصائل الجهادية والمقاتلة.
ويقول خبراء عسكريون إن الفصائل المسلحة تقوم بهجمات بين فترة وأخرى لتثبت أنها مازالت رقما مهما في المشهد السوري، وأن على المفاوضين في أستانة، وخاصة الجهات التي تحضّر لمؤتمر سوتشي، أن تقرأ لها حسابا.
ويعتقد هؤلاء الخبراء أن الفصائل المعارضة لا يبدو أنها تقرأ مليا التغيرات في المشهد السياسي والأمني السوري والإقليمي، لافتين إلى أن الميزان العسكري يميل لفائدة النظام السوري المدعوم من روسيا ومن قوات إيرانية وميليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية، فيما المعارضة لا تكاد تحصل على أي دعم خارجي.
وأشاروا إلى أن النظام التقط فرص هجوم المسلحين على القاعدة ليقود هجوما هدفه تحقيق تقدم عسكري على الأرض يسمح له بتقليص عدد مناطق خفض التصعيد، ويدخل به أي مفاوضات مستقبلية بما في ذلك مفاوضات جنيف من موقع قوة، ولاعتقاده أن الواقع على الأرض يحدد شروط التفاوض ونتائجه.
وفي مقابل الدعم العسكري والسياسي الذي تلقاه دمشق، فإن قائمة داعمي المعارضة قد تقلصت بشكل كبير في ضوء التغييرات التي تشهدها المنطقة، والتي تميل إلى التركيز على مواجهة الجماعات الإرهابية والدفع نحو الحل السياسي في سوريا، فضلا عن تراجع دعم دول مثل قطر وتركيا لفصائل متشددة بسبب الضغوط الدولية.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن “وحدات من الجيش أنجزت مهمتها بفك الطوق الذي فرضه إرهابيو تنظيم جبهة النصرة والمجموعات التكفيرية التابعة له على إدارة المركبات وذلك بعد معارك عنيفة سقط خلالها العشرات من الإرهابيين بين قتيل وجريح”.
وأضافت أنه “بعد فك الطوق عن إدارة المركبات بدأت وحدات الجيش على الفور عملية عسكرية جديدة بهدف توسيع رقعة الأمان حول الإدارة وسط قيام سلاح المدفعية باستهداف أوكار وتجمعات الإرهابيين في المنطقة المحيطة”.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن “قوات النظام تمكنت من فتح ثغرة توصلها إلى إدارة المركبات المحاصرة من قبل هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية وفيلق الرحمن، بالقرب من مدينة حرستا في غوطة دمشق الشرقية”.
وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن أن “المواجهات مستمرة في غرب القاعدة لتوسيع الممر الذي فتحه فريق من القوات الخاصة”.
وتحاصر قوات النظام الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، بشكل محكم منذ العام 2013، ما تسبّب بنقص خطير في المواد الغذائية والأدوية في المنطقة التي يقطنها نحو 400 ألف شخص.
ويأتي التصعيد في الغوطة الشرقية رغم كونها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في مايو في أستانة برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريانه في الغوطة في يوليو.
وقالت مصادر مقربة من المعارضة في الشمال إن قوات الأسد وحلفائه تسارع لتحقيق تغييرات عسكرية، وخلق واقع جديد في إدلب في رسالة مباشرة إلى تركيا والمجموعات السياسية والعسكرية المدعومة من قبلها خاصة في ضوء الفتور الذي يشهده التنسيق الروسي التركي في الملف السوري بسبب مساعي أنقرة لاستثناء الأكراد من مفاوضات سوتشي، فضلا عن تلويحها باجتياح مدينة عفرين.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن “تتواصل الاثنين الضربات الجوية التي تشنها الطائرات السورية والروسية على مناطق عدة في إدلب”.
وتشن قوات النظام منذ 25 ديسمبر الماضي هجوما للسيطرة على الريف الجنوبي الشرقي لإدلب، المحافظة الوحيدة الخارجة عن سلطة دمشق وتسيطر عليها بشكل رئيسي هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا).
وتسعى قوات النظام من خلال هجومها بحسب عبدالرحمن، إلى “تأمين” طريق حيوي يربط حلب، ثاني كبرى مدن سوريا بالعاصمة، بالإضافة إلى السيطرة على مطار أبوالضهور العسكري الواقع على بعد 14 كيلومترا من بلدة سنجار.
ووفق المرصد، تخوض قوات النظام “معارك عنيفة في المنطقة الفاصلة بين سنجار والمطار”، وتحرز تقدما تدريجيا.
وفي حال تمكنت من طرد الفصائل من المطار، فسيكون القاعدة العسكرية الأولى التي تتمكن قوات النظام من استعادة السيطرة عليها في محافظة إدلب، الحدودية مع تركيا.
صحيفة العرب اللندنية