تونس – لم تجد الحكومة التونسية من حل لاسترضاء الآلاف من الشباب الذين تظاهروا في مناطق مختلفة من البلاد سوى الإعلان عن إجراءات عاجلة لتهدئة الخواطر، وهو الموقف الذي تم اتخاذه خلال اجتماع الأحزاب والمنظمات الداعمة للحكومة أمس تحت إشراف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.
وقال الأمين العام لاتحاد الشغل، نورالدين الطبوبي، في تصريح صحافي عقب الاجتماع، إنه تم “الاتفاق على أن يُعلن، في الساعات القادمة، عن حزمة إجراءات اجتماعية لفائدة الطبقة الضعيفة”.
وشدّد الطبوبي على أن “الوضع الاجتماعي يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف وطأة وتأثير الزيادات، التي أقرها قانون الموازنة، على الطبقات الضعيفة، على غرار رفع معدل الأجر الأدنى (نحو 140 دولارا)، ورفع المنحة الاجتماعية للعائلات ضعيفة الدخل (من 30 إلى 60 دولارا شهريا)”.
وأشار إلى ضرورة إيلاء الشباب العاطلين عن العمل اهتماما أكبر من خلال تمتيعهم بمجانية الرعاية الصحية والتنقل في ظل الوضع الاجتماعي الصعب الذي يعيشونه.
وعقد الرئيس التونسي السبت اجتماعا مع الأحزاب الداعمة للحكومة وأهم منظمات المجتمع المدني لبحث سبل الخروج من الأزمة بعد الاضطرابات الاجتماعية التي غذتها إجراءات التقشف.
وشارك في الاجتماع بشكل أساسي حزب نداء تونس وحزب النهضة الحاكمين. واستمر الاجتماع نحو ساعتين.
وقالت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (منظمة أصحاب العمل) إنه تم التطرق “للوضع العام في البلاد والإصلاحات خصوصا الاجتماعية والاقتصادية الواجب اتخاذها لتجاوز المشاكل الحالية”.
وكشف رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي أنه تم عرض مقترحات للخروج من حالة التوتر لكن ليس لإسقاط قانون المالية لعام 2018، دون توضيح المقترحات.
مقترحات للخروج من الأزمة
وقال المصدر الحكومي إن هذه الإجراءات الاجتماعية لم تكن نتيجة الاحتجاجات بل كانت دراستها تجري منذ أشهر سعيا لمساعدة الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وأضاف أن من بين الإجراءات مساعدة الطبقات المتوسطة والفقيرة على اقتناء مساكن شعبية.
وقال متابعون للشأن التونسي إن الإجراءات الظرفية ستعطي الفرصة لداعمي حكومة يوسف الشاهد للبحث عن إصلاحات جدية، وتسريعها قبل أن تعود الاحتجاجات إلى الشارع وبزخم أكبر، محذرين من أن محاصرة الاحتجاجات بحملة إعلامية تتهمها بالتخريب والعنف، أو اتهام الجبهة الشعبية بتحريك الشارع لحسابات سياسية، لن يفضيا سوى إلى حل وقتي.
وأشار هؤلاء المتابعون إلى أن تحميل رئيس الحكومة مسؤولية الفشل، والتفكير في بديل له مثلما يروج في الساحة السياسية، هو محاولة للهروب من الأزمة، وتأجيلها إلى حين لتعود بأكثر قوة لأنها لا ترتبط بالشاهد، وإنما بالخيارات الاقتصادية لقانون المالية، الذي صادق عليه أغلب النواب في البرلمان بمن في ذلك كتلة الجبهة الشعبية التي تعارضه الآن.
وقال خالد عبيد الجامعي والمحلل السياسي التونسي “لا أعتقد أن حكومة الشاهد يمكن تحميلها وزر هذه الخيارات باعتبار أنها ورثت تركة ثقيلة للغاية من الحكومات المتعاقبة منذ 2011 وحتى قبل ذلك”.
وأضاف عبيد في تصريح لـ”العرب”، “وبالنتيجة فقد وجدت الحكومة نفسها مضطرة إلى أن تتعامل مع ما هو قائم وتحاول التصرف وفق الإمكانيات المتاحة”. لكنه شدد على أنها “لن تجد الوقت الكافي لخيارات تكون اجتماعية أكثر وتلبي مطالب المحتجين”.
وشهدت تونس احتجاجات عنيفة على ارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية والبنزين وغاز الطهي وفرض ضرائب جديدة بدأ سريانها منذ مطلع الشهر الحالي. ولكن حدة الاحتجاجات تراجعت الجمعة وشهدت العاصمة مظاهرة سلمية شارك فيها المئات.
وينظر الغرب إلى تونس باعتبارها الدولة الوحيدة التي نجحت ديمقراطيا من بين دول ما يسمى بانتفاضات الربيع العربي التي تفجرت في 2011. لكن لم تتمكن تسع حكومات تولت زمام البلاد منذ ذلك الحين من علاج المشكلات الاقتصادية المتزايدة.
وارتفع التضخم الشهر الماضي إلى 6.4 بالمئة وهو أعلى معدل منذ أربع سنوات بينما زادت البطالة عن 15 بالمئة وأقر رئيس الوزراء يوسف الشاهد بصعوبة الوضع لكنه توقع أن تكون 2018 آخر سنة صعبة للتونسيين.
العرب اللندنية