القدس – تشكّل الخطوة الأميركية بتخفيض حصتها إلى النصف من التمويل المقدّم لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” ضربة قاصمة لملايين من اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في الداخل ودول الجوار.
وتأتي الخطوة الأميركية المتوقعة، في سياق عملية ليّ ذراع تمارسها إدارة الرئيس دونالد ترامب، ضد منظمة الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية، على خلفية الرفض المطلق لقرارها بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها والذي قد يتم في غضون العام الحالي، وفق ما كشف عنه الأربعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وعقب القرار الأميركي قال بيير كراهينبول المفوض العام للوكالة إنه سيطالب دولا مانحة أخرى بالمال وسيطلق “حملة عالمية لجمع الأموال” تهدف إلى الإبقاء على المدارس والعيادات التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين مفتوحة خلال عام 2018 وما بعده.
وأوضح كراهينبول في بيان “الأمر يتعلق بكرامة الملايين من اللاجئين الفلسطينيين، الذين يحتاجون لمساعدات غذائية عاجلة ودعم آخر في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وغزة، وأمنهم الإنساني”.
وتقدّم الوكالة خدمات لقرابة خمسة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، وتتركز هذه الخدمات على قطاع التعليم بدرجة أولى وأيضا على المساعدات الطبية والمالية.
وتعدّ الولايات المتحدة أكبر ممول للأونروا، حيث قدمت لها أكثر من 350 مليون دولار أميركي العام الماضي. والاتحاد الأوروبي ثاني أكبر ممول، وقدم في العام نفسه أقل من نصف هذا المبلغ.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء، أن من أصل 125 مليون دولار من المساهمات الطوعية لهذه الوكالة للعام 2018، سيتم دفع “شريحة أولى” بقيمة 60 مليون دولار خصوصا لدفع الرواتب في المدارس والمرافق الصحية في الأردن والضفة وقطاع غزة.
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت أن واشنطن “ستجمد” الـ65 مليون دولار المتبقية حتى إشعار آخر، مشددة “لقد تم تجميد المبلغ وليس إلغاؤه”.
وسبق وأن لوّحت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، بقطع المساعدات عن الوكالة، على خلفية قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي صوّتت بالأغلبية الشهر الماضي لصالح رفض الإعلان الأميركي بشأن القدس.
وقبل هذه الخطوة اتخذت واشنطن جملة من الخطوات تستهدف خفض المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية، التي جدد رئيسها محمود عباس الأحد خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني تأكيده على أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطا نزيها يمكن الاتكال عليه في عملية السلام وأنه بات من الضروري توسيع مظلة الوسطاء لتشمل قوى دولية مثل الاتحاد الأوربي وروسيا والصين لحلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وكانت منظمة التحرير الفلسطينية قد ندّدت بالقرار الأميركي بشأن الأونروا معتبرة أنه “يستهدف الفلسطينيين الأكثر ضعفا”.
ويرى محللون فلسطينيون أن القرار الأميركي بخصوص الأونروا يتعدى رد الفعل على الموقف الدولي والفلسطيني من القدس إلى وجود نوايا فعلية لإنهاء ملف “حق العودة” للملايين من الفلسطينيين الذين شردوا من أراضيهم.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن الولايات المتحدة، تشهد حاليا، ثلاثة أمور غير مسبوقة، وهي “نقل السفارة خلال هذا العام، والثاني وجود تغيير كبير تجاه إيران، والثالث، الموقف الأميركي الجديد ضد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين”.
ومعلوم أن وكالة الأونروا -التي تأسست بعد الحرب العربية الإسرائيلية التي أعقبت قيام إسرائيل عام 1948، وأدت إلى تشريد أكثر من 700 ألف فلسطيني- العنصر الأساس الذي يبقي ملف حق العودة مفتوحا ولطالما ضغطت إسرائيل على الحليف الأميركي لإغلاقها وهي تجد اليوم في إدارة ترامب ضالتها لتحقيق هدفها المنشود.
العرب اللندنية