دبي – الأناضول: دفع هبوط أسعار النفط الخام منذ 2014 إلى تسارع وتيرة الإقبال على أسواق الدَين في المنطقة العربية، خاصة دول الخليج.
تشير توقعات الخبراء إلى تسارع وتيرة إصدارات حكومات دول مجلس التعاون الخليجي من أدوات الدَين (الصكوك والسندات) في العام الحالي، بعد عام قياسي في 2017 سجلت فيه أحد أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية.
ورغم تعافي أسعار النفط الخام مع بلوغها أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات، فإن دول الخليج العربي ما تزال تطرق سوق السندات والصكوك (السندات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية) لزيادة إيراداتها وسد عجز ميزانياتها، بالتوازي مع حملات وبرامج للتقشف تنفذها على نحو واسع.
ويظهر رصد لبيانات الدَين الصادرة عن دول الخليج ارتفاع حجم الإصدارات السيادية الخليجية بنسبة 41.4 في المئة في 2017.
وبلغ إجمالي حجم الإصدارات السيادية من أدوات الدَين العام الماضي لتلك الدول (صكوك وسندات) 122.6 مليار دولار في 2017، إرتفاعا من 86.7 مليار دولار في 2016.
وقد توزعت إصدارات 2017 بين 41.4 مليار دولار للصكوك و81.2 مليار للسندات، في مقابل نحو 13.9 مليار دولار للصكوك و72.8 مليار للسندات في 2016. وكان نصيب الأسد من إجمالي الإصدارات لصالح السعودية بعد تسجيلها مستوى قياسيا بقيمة 40.6 مليار دولار، مقابل 20 مليار دولار تقريبا في 2016.
وأظهر تقرير حديث لشركة «كامكو» الكويتية للأبحاث ان 2017 كان عاماً قياسيا بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، بسبب استمرار تراجع أسعار النفط مقرونا بارتفاع ضغوط الموازنات المحلية، وكذلك متطلبات الإنفاق على البنية التحتية.
وتوقع التقرير أن تكون إصدارات دول الخليج في 2018، بريادة السعودية ثم قطر وعمان والبحرين، نظراً لقيام تلك الدول بالبحث عن طرق لتمويل خططها الاستثمارية والتغلب على عجز المزانيات.
وقال محللون اقتصاديون ان الاتجاهات الحالية تشير إلى وجود سلسلة من الإصدارات الخليجية قيد الإعداد على المدى القريب، ما يشير إلى أن 2018 سيكون عاما قياسيا، مع سعي المصدرين في المنطقة إلى انتهاز فرصة وجود أسعار فائدة منخفضة قبل رفع أسعار الفائدة الأمريكية.
ورفع البنك المركزي الأمريكي سعر الفائدة 3 مرات في العام الماضي، لتتراوح بين 1.25 في المئة إلى 1.5 في المئة، مع توقعات برفعها 3 مرات في 2018، وفقاً لبيان السياسة النقدية الصادر عن البنك في اجتماعه خلال ديسمبر/كانون أول الماضي.
وما يزال سوق المشروعات في دول مجلس التعاون الخليجي أحد أكبر الأسواق في المنطقة بقيمة تصل إلى حوالي 3.1 تريليون دولار.
يقول جمال عجيز، الخبير والمحلل الاقتصادي المصري المقيم في الإمارات، ان تهاوي أسعار النفط على مدى الثلاث سنوات الماضية كان السبب الرئيس وراء توجه دول الخليج نحو أسواق الدَين لتمويل احتياجاتها التمويلية.
ويضيف أن التوقعات ترجح أن تتزايد وتيرة الاستدانة عبر الصكوك والسندات في 2018، لعدة أسباب أهمها تمويل المشاريع الضخمة في دول الخليج.
ومؤخرا توقعت كالة التصنيف الإئتماني «ستاندرد آند بورز» تراوح نفقات البنية التحتية لدول مجلس التعاون الخليجي في حدود 120-150 مليار دولار حتى 2019.
ويرى عجيز ان لجوء دول الخليج للسندات والصكوك يعد أمراً إيجابيا لأنه يوفر تنوعا في الأدوات التمويلية، وتحسنا في السيولة، فضلاً عن توسيع قاعدة المستثمرين الباحثين عن الدخل الثابت.
أما مدير إدارة الأصول لدى الفجر للاستشارات المالية، مروان الشرشابي، فيشير إلى أن زخم الإصدارات الخليجية سيتسارع خلال العام الحالي، لكنه سيعاود الهدوء مجدداً في 2019 و2020 في ظل التوقعات المتفائلة بتعافي اقتصادات دول الخليج.
وتوقعت وكالة «موديز» لخدمات المستثمرين، انخفاضا طفيفا في نمو الناتج الإجمالي لدول الخليج إلى قرابة 2 في المئة في 2018.
وأضاف الشرشابي «كذلك فإن استقرار أسعار النفط عند المستويات الحالية والتي تعد الأعلى منذ ثلاث سنوات، من شأنه أن يعزز الإيرادات العامة، وبالتالي ستقل الضغوط على الميزانيات العامة».
ويقول «البنك الدولي» ان الإصلاحات الداعمة للقطاعات غير النفطية وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية في دول مجلس التعاون الخليجيستدعم ارتفاع النمو من 0.7 في المئة في 2017 إلى 2 في المئة في العام الجاري.
ورأى الشرشابي أن اللجوء إلى أسواق الدَين يعد خياراً جيداً بدلا من الاعتماد على السحب من الاحتياطيات السيادية، كما يساعد أيضاً توفير السيولة اللازمة لبرامج الإنفاق الحكومية.
وتستحوذ دول الخليج العربي على الحصة الأكبر من أصول الصناديق العربية السيادية.
وقدرت قيمة أصول صناديق الثروة السيادية العربية بنحو 2.97 تريليون دولار في ديسمبر الماضي، مقابل 2.99 تريليون دولار في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، وفق تقرير معهد (SWF) للصناديق السيادية العالمية.
القدس العربي