الرباط – أذكت مقاطعة معظم وزراء حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي لاجتماع المجلس الحكومي، برئاسة سعدالدين العثماني، الحديث عن أزمة تعصف بحكومة العثماني وأنها قد تنتهي قريبا إلى التفكك.
وتأتي المقاطعة كردة فعل من الحزبين على تصريحات أدلى بها رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبدالإله بن كيران، هاجم من خلالها رئيسي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي.
وفي تصعيد غير متوقع خصوصا بعد تبرؤ سعدالدين مما قاله سلفه، بتشديده على أن الأغلبية الحكومية متماسكة، ولا يمكن لأي تصريح أن يزعزعها، تغيب عزيز أخنوش رئيس التجمع الوطني للأحرار ووزراء حزبه عن أشغال المجلس الحكومي، الخميس، ضمن خطوة تأتي كرسالة إلى رئيس الحكومة تعبر عن الغضب من هجوم بن كيران وهو الذي يحاول بشتى الطرق العودة إلى المشهد الحكومي.
وأكد مصدر من داخل حزب التجمع الوطني للأحرار، الحزب الثالث في البرلمان، في تصريح لـ”العرب” أن وزراء الحزب لم يحضروا الاجتماع الأسبوعي للحكومة كرسالة واضحة تفيد بأنه يمنع على بن كيران بالخصوص التدخل في شأن الأغلبية.
وتنص المادة 14 من القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم أشغال الحكومة، على أنه إذا حال مانع دون حضور عضو من أعضاء الحكومة اجتماعا من اجتماعات المجلس لأي سبب من الأسباب، وجب عليه إحاطة رئاسة الحكومة علما بذلك قبل انعقاد الاجتماع.
وغياب موقف أو بلاغ رسمي يوضح السبب الذي كان وراء غياب وزراء حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي عن أشغال المجلس الحكومي، يشي، وفق تصريح حفيظ الزهري المحلل السياسي، لـ”العرب”، بأن التحالف الحكومي يعيش شرخا داخليا وصراعا صامتا خاصة بعد تصريحات بن كيران الأخيرة التي عرت وكشفت عن اختلاف كبير بين مكونات الحكومة.
وأثار مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مسألة مقاطعة وزراء حزب التجمع الوطني للأحرار لأشغال الحكومة، خلال الندوة التي أعقبت المجلس الحكومي، الخميس، موضحا أن “موقف رئيس الحكومة الذي عبر عنه خلال المجلس الحكومي هو الاشتغال في إطار التماسك، معلنا مواصلة العمل المشترك بين مكونات الأغلبية”، مضيفا أن رئيس الحكومة أكد أن الانسجام لا يعني عدم الاختلاف، وشدد على ضرورة “ألا ننقض غزل الأغلبية”، مبرزا أنها متماسكة وتتخذ القرارات المطلوبة بشكل موحد.
بن كيران ما زال يحتفظ بأوراق ضغط داخل حزب العدالة والتنمية رغم أنه لا يتحمل أي مسؤوليات رسمية داخله، وهو ما يمثل تحديا لسعدالدين العثماني
واعتبر حفيظ الزهري أن غياب الوزراء غير المبرر يمكن اعتباره وسيلة من وسائل الاحتجاج لم يألفها المشهد السياسي المغربي، وتوضح درجة الاختلاف الذي وصل إلى حد الخلاف خاصة بين حزب العدالة والتنمية من جهة وحزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي من جهة ثانية.
وكان عبدالاله بن كيران شن هجوما حادا على كل من رئيسي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي، بمناسبة افتتاح مؤتمر شبيبة العدالة والتنمية السادس، السبت 3 فبراير الجاري، بمركب مولاي عبدالله بالرباط، متهما بشكل خاص عزير أخنوش بـ”جمع المال والسلطة ما يشكل خطرا على الدولة”.
ويرجح ملاحظون أن عبدالاله بن كيران ما زال يحتفظ بأوراق ضغط داخل الحزب رغم أنه لا يتحمل أي مسؤوليات رسمية، في تحد لمنصب أمين عام الحزب ورئيس الحكومة سعدالدين العثماني.
وعدم رضا أحزاب الأغلبية المتحالفة مع العدالة والتنمية على تصريحات بن كيران دفع سعدالدين العثماني إلى التأكيد على أنه “كرئيس حكومة متمسك بكافة أحزاب الأغلبية ومتواصل معها وحريص على التحالف الحكومي”، مضيفا “وكأمين عام لحزب العدالة والتنمية أريد أن أقول رسميا إن موقف الحزب هو التمسك بحلفائه والاعتزاز بهم، والاشتغال كرئيس للأغلبية في تنسيق معها”.
ويبدو أن الخلافات بين التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية داخل التحالف الحكومي أكبر من أن تغطيها تصريحات المسؤولين الحكوميين، وهي مرشحة للتصعيد مع التصريحات المتضاربة بين وزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، على خلفية “الأذان بالمخيمات”.
وقال الطالبي العلمي، الأربعاء، في ندوة صحافية “ممنوع إيقاظ الأطفال على الساعة الثالثة فجرا لأداء الصلاة في المخيمات، ولا يمكن أن نسمح بجلوس الأطفال تحت أشعة الشمس من أجل أداء صلاة الجمعة”.
ورأت مصادر من داخل حزب التجمع الوطني للأحرار أنه كان على وزير العدالة والتنمية، بصفته ناطقا رسميا باسم الحكومة، عدم تعليقه على الموضوع، من وجهة نظره الشخصية، بحكم أنه لم يدرج داخل مجلس الحكومة.
ويعتقد حفيظ الزهري أن غياب وزراء الأحرار عن أشغال الحكومة سيكون له تأثير كبير على عملها وهي التي تواجه العديد من المشاكل الميدانية من احتجاجات ومعاناة المواطن مع الظروف المناخية الصعبة التي تعرفها البلاد، وعلى وحدة الحكومة وانسجامها في ظل غياب ميثاق حكومي يؤطر العلاقة بين مكوناتها مما ينذر بتفكك التحالف الحكومي الحالي والتوجه نحو تعديل حكومي موسع أو انتخابات سابقة لأوانها.
العرب اللندنية