في تطور لافت قد يعيد خلط الأوراق والحسابات السياسية والعسكرية في الملف السوري، اتفقت تركيا والولايات المتحدة أمس، على العمل معاً بعد اسابيع من التوتر في العلاقات الناجم عن الهجوم التركي على مدينة عفرين شمالي سوريا، ما أثار مخاوف من مواجهة عسكرية بين العضوين الأساسيين في حلف شمالي الأطلسي، بينما يراقب اللاعب الروسي المهم في سوريا بحذر وتوجس شديدين تطور العلاقة المستجد بين أنقرة وواشنطن.
وفي ما يشبه التصميم الحاسم للعمل معاً أعلن وزيرا الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، والتركي مولود جاويش اوغلو، في مؤتمر صحافي في أنقرة، أن الطرفين سيشكلان مجموعات عمل لحل القضايا الأساسية التي كانت موضع خلاف بين البلدين، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأشارا إلى أن حل الخلاف المتعلق بمدينة منبج السورية يشكل «أولوية»، في إشارة إلى المدينة التي ينتشر فيها جنود أمريكيون، فيما تهدد أنقرة بتوسيع نطاق عمليتها ضد وحدات حماية الشعب الكردية المتحالفة مع واشنطن، وصولاً إلى هذه المدينة. وقال تيلرسون بعد المحادثات «لن نتحرك كل بمفرده بعد الآن». وأضاف «سنعمل معاً، ولدينا آليات جيدة حول كيفية تحقيق هذه الأمور، وهناك الكثير من العمل للقيام به».
وأصدرت تركيا والولايات المتحدة بيانا مشتركا، عقب لقاء وزيري الخارجية في أنقرة أمس، أكدتا فيه وقوفهما بحزم ضد كافة محاولات التغيير الديموغرافي وفرض الأمر الواقع في سوريا.
وقدّمت انقرة لواشنطن اقتراحاً جديداً يقضي بانسحاب الميليشيات الكردية من منطقة عفرين شمالي حلب، بحسب تصريحات لمسؤول تركي، أمس الجمعة. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن المسؤول التركي قوله إن «تركيا اقترحت على الولايات المتحدة انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية السورية إلى مناطق شرقي نهر الفرات في سوريا، وأن تتمركز قوات تركية وأمريكية مشتركة في منطقة منبج». وأضاف المسؤول أن «الولايات المتحدة تدرس الاقتراح الذي قدمته أنقرة إلى تيلرسون خلال زيارته الحالية لها»، حسب وكالة رويترز.
وقال تيلرسون إن التعاون بين واشنطن وأنقرة لن يقف عند هذا الحد، بل «سيشمل جميع مناطق الشمال السوري في إطار تنسيق وثيق، مع العمل على تقديم الدعم اللازم لمباحثات جنيف، لأنها السبيل الوحيد للوصول إلى حل سلمي ودائم للأزمة في سوريا، وبهذه الطريقة أيضًا يتم ضمان توفير حماية دائمة للحدود التركية».
وأفاد بأنه أبلغ الجانب التركي سواء خلال لقائه الرئيس أردوغان، أو نظيره جاويش أوغلو، بأن الدعم الأمريكي المقدم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (واجهة ب ي د/ بي كا كا الإرهابي حسب تركيا) سيكون «محدودا دائما، ومقتصرا على مهمة معينة، وحول مدينة منبج الخاضعة لسيطرة تنظيم «ب ي د/ ي ب ك» الذراع السورية لمنظمة «بي كا كا»، قال تيلرسون: «الولايات المتحدة ترغب في ضمان أن تكون تلك المدينة تحت سيطرة قواتنا الحليفة، ولا نرغب على الأقل، في دخول أي قوة مجدداً إليها».
وقال إن تركيا ستكون قادرة على اتخاذ خطوات مشــتركة مع الولايات المتحدة في سوريا بمجرد أن تغادر الوحدات الكردية منطقة منبج. وأقر تيلرسون من جهته بحق تركيا المشروع في الدفاع عن حدودها، لكنه دعا إلى إظهار ضبط النفس في عملية عفرين، وتجنب التصرفات التي من شأنها تصعيد التوترات في المنطقة.
«القدس العربي» ـوكالات