من يقاتل من في الغوطة الشرقية المحاصرة؟ ولماذا كل هذا الكم من الضحايا المدنيين؟
سؤال طرحته صحيفة إندبندنت البريطانية بعد مشاهد القصف العنيف وما خلفته من دمار هائل ومجازر وسط المدنيين شملت حتى الأطفال والشيوخ في البلدة الواقعة في ريف دمشق والتي يقطنها زهاء 400 ألف نسمة.
وما إن تبدت أبعاد القصف الذي لم تشهد له الغوطة الشرقية مثيلا منذ بدء الحرب في سوريا قبل ثماني سنوات، حتى انبرت دول عظمى ومنظمات دولية وجمعيات إنسانية لإدانة ما وصفتها صحف عالمية بالمجزرة.
وقد ظلت الغوطة تحت سطوة قصف قوات النظام وحلفائه منذ أيام، مما أودى بحياة ثمانين شخصا حتى الآن، بحسب مراسل قناة الجزيرة الذي أكد أهالي المدينة يضطرون لدفن موتاهم في مقابر جماعية بسبب كثافة القصف.
ولأن الصور التي بثتها القنوات الفضائية العربية والعالمية لعشرات الأطفال وكبار السن وقد دُفن بعضهم تحت أنقاض المباني وأُصيب البعض الآخر بجروح متفاوتة، هُرعت دولة مثل روسيا -التي تشير أصابع الاتهام إليها- للظهور بمظهر الضحية.
فقد أصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانا جاء فيه أن “المناطق السكنية وفنادق دمشق، إلى جانب المركز الروسي للمصالحة السورية، تعرضت لقصف هائل من قبل جماعات مسلحة غير شرعية من الغوطة الشرقية”، بينما وصف المتحدث باسم قصر الكرملين دميتري بيسكوف المزاعم التي تحمل بلاده المسؤولية في التسبب بقتل المدنيين بأنها “لا أساس لها”.
ولم يقتصر التنصل عن مسؤولية ما حدث في الغوطة على روسيا وحدها، فقد تبارت دول ومنظمات في شجبها وكأنها تريد أن تقول إنه لا يد لها في ذلك.
فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، أعربت على لسان المتحدثة باسم خارجيتها هيذر نويرت عن “القلق العميق” إزاء تصعيد الحكومة السورية حصار الغوطة، ونددت بما سمتها “أساليب الحصار والتجويع”.
واستنكرت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن الدولي نيكي هيلي القصف، مشيرة إلى أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ حياة المدنيين في الغوطة الشرقية من هجوم النظام السوري، داعية إلى اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار.
واعتبرت هيلي أن القول بأن تلك الهجمات على المدنيين مرتبطة بمكافحة الإرهاب أمرٌ “منافٍ للعقل”.
أما منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) فقد اكتفت بإصدار رسالة رمزية احتوت على عشرة أسطر من علامات الاستفهام دون أي عبارات، وقالت في الهامش “لم يعد نملك من الكلمات ما نعبر به عن معاناة الأطفال وغضبنا. فهل لا يزال لمن تسببوا في تلك المعاناة من العبارات ما يبررون به أفعالهم البربرية؟”.
ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من جانبها إلى التحلي بضبط النفس والسماح لها بالوصول إلى الجرحى في دمشق وما حولها.
ولم يفوّت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الفرصة، فدعا هو الآخر إلى هدنة إنسانية تسمح بإجلاء المدنيين من الغوطة. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن الهجمات “تستهدف عمدا المناطق المأهولة والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك الطبية منها، وإنها تشكل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي”.
وشدد البيان الفرنسي على أن “تلك التصرفات تنم عن مسؤولية النظام السوري، بل داعمتيه الرئيسيتين روسيا وإيران اللتين تكفلتا في إطار اتفاقية أستانا بضمان وقف إطلاق النار الذي من المفترض أن يشمل الغوطة”.
أليس يحق للصحيفة البريطانية بعد كل تلك التصريحات أن تُصدر تقريرها بسؤال عمّن يقاتل في الغوطة الشرقية؟
المصدر : إندبندنت