تقول صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إنه واضح بشكل مأساوي الآن أن إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية لم يخلق فتحا للسلام في سوريا، وتساءلت في افتتاحيتها: من الذين تلطخت أيديهم بدم السوريين الأبرياء؟
وأضافت أنه بدلا من السلام في سوريا، فإن رئيس البلاد الشرير بشار الأسد وحلفاءه الداعمين له في كل من روسيا وإيران استغلوا نجاحات المعركة ضد تنظيم الدولة لإطلاق جولة جديدة من المذابح ضد المدنيين.
يأتي ذلك بينما يقف قادة الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى -إلى حد كبير- متفرجين، لأنهم غير راغبين أو غير قادرين على فعل أي شيء لوقف هذه المذابح، فعار عليهم جميعا.
وأما القصف الذي يقوده الأسد ضد الغوطة الشرقية في ريف دمشق التي يبلغ عدد سكانها قرابة 400 ألف نسمة وتسيطر عليها فصائل المعارضة، فيوصف بأنه الحلقة الأعنف في حرب السبع سنوات في البلاد
قتل وحصار
فمنذ الأحد الماضي تعرض للقتل ما لا يقل عن 310 أشخاص معظمهم أطفال، إضافة إلى قرابة نصف مليون سوري ممن تعرضوا للقتل في جميع أنحاء البلاد منذ العام 2011.
وظلت الغوطة محاصرة منذ سنوات، وذلك على الرغم من أنها تعتبر جزءا من إحدى مناطق خفض التصعيد، مما يترك المنطقة تواجه نقصا مزمنا في الغذاء والدواء والعاملين في المجال الطبي وغير ذلك من الضروريات.
هذا الهجوم الضخم الذي استهدف الغوطة الشرقية في الأيام الأخيرة والذي اشتمل على إطلاق الصواريخ والقصف المدفعي والغارات الجوية والبراميل المتفجرة التي تسقطها المروحيات على المستشفيات وغيرها من البنى التحتية المدنية، أدى إلى تكثيف حدة البؤس في المنطقة.
ويبدو أن هذا الهجوم إنما يهدف إلى إجبار فصائل المعارضة على الاستسلام، حتى يتمكن النظام من استعادة السيطرة على الأرض.
وأما معظم الخسائر في صفوف المدنيين فنجمت عن القصف الجوي على المناطق السكنية، بحسب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وسط دلائل على أن الهجوم البري للنظام قد يتبع قريبا.
صور صادمة
وتصف الصحيفة الصور التي تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي في هذا السياق بأنها موجعة وصادمة، حيث يظهر الأطفال المرتعبون والوجوه والأجساد التي تغطيها الدماء، وحيث الجثث بأكفانها مصفوفة على أرضيات خرسانية قذرة، وحيث يتلوى المرضى والجرحى على النقالات جراء ما ينتابهم من أوجاع، في ظل نقص العناية الطبية ونقص العلاجات اللازمة لتخفيف آلامهم.
وأما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فيصف الغوطة بأنها “جهنم على الأرض”.
وإذا كان هناك أي شك بشأن وحشية القوات الموالية للأسد، فقد تبدد هذا الشك من جانب الجنرال في الجيش السوري سهيل الحسن الملقب بالنمر، الذي قال في شريط فيديو نشرته وسائل الإعلام الاجتماعي الموالية للنظام السوري “أعدكم بأنني سألقنهم درسا في القتال وفي النار”.
ويمضي متوعدا “لن تجدوا لكم مغيثا، وإن استغثتم ستغاثون بماء كالمهل”.
جرائم حرب
وتقول الصحيفة إن هذا هو النوع من الأدلة التي يجب استخدامها -عاجلا وليس آجلا- لبناء قضية قانونية لمحاكمة الأسد على جرائم الحرب.
وتضيف أن الشيء نفسه يجب أن يحدث للقادة الروس الذين يساعدون على إبقاء الأسد في السلطة عبر تقديم الدعم السياسي والجوي، وكذلك للقادة الإيرانيين الذين يقدمون له المشورة التكتيكية والقوات البرية.
وكان المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين وصف أمس الأربعاء ما يحدث للغوطة بأنه “حملة إبادة فظيعة”.
المصدر : نيويورك تايمز,الجزيرة