في السابع عشر تشرين الأول/اكتوبر العام الماضي، أعلن حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي بدء عمليات استعادة الموصل من تنظيم داعش العراقي وقد شارك في هذه المعركة القوات العسكرية والأمنية بمختلف صنوفها بالإضافة إلى المشاركة الفعالة للتحالف الدولي. وفي التاسع من كانون الأول/ديسمبر من العام الفائت أعلن حيدر العبادي، الانتهاء من “تحرير آخر معاقل” تنظيم داعش في العراق. وقد ساهم جهاز المخابرات الوطني العراقي في تحقيق هذا النصر على تنظيم داعش الإرهابي.
وعلى الرغم من انتهاء الصفحة العسكرية للحرب إلا أن الصفحة الاستخبارية لا تزال مستمرة ضد تنظيم داعش الإرهابي ، وهي مهمة ملقاه على عاتق جهاز المخابرات الوطني العراقي في إحباط العمليات الإرهابية واعتقال بعض وتعقب العناصر الإرهابية التابعة له. وخاصة العناصر التي تأتي في أعلى هيكلية التنظيم. فبمعلومات النوعية له وبتنفيذ من التحالف الدولي فقد استطاع هذا التعاون المشترك عبر ضربة جوية للتحالف الدولي في منطقة الهجين شرقي سوريا يوم 20 يناير/كانون الثاني الماضي من قتل نائب البغدادي، (أبو عبد الرحمن التميمي العتيبي الجزراوي)، وقتل المدعو أبو صالح حيفا (إياد العبيدي) نائب البغدادي، بعد أبو علي الأنباري، ومن ثم قتل أبو يحيى العراقي (إياد الجميلي) نائب البغدادي، بعد أبو صالح حيفا». و إلقاء القبض على أبو زيد العراقي (إسماعيل علوان العيثاوي) رئيس اللجنة المفوضة في تنظيم داعش. وبحسب معلومات خاصة حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية “فإن جهاز الوطني للمخابرات العراقية ألقى القبض على مفتى تنظيم داعش”.
أن نجاح جهاز المخابرات الوطني العراقي بهذه العملية النوعية توصلنا إلى قناعة مفادها بأنه أصبح على درجة عالية من احتراف العمل الاستخباري وتطبيق مبادئه في احباط العمليات الإرهابية وتعقب الإرهابيين ومن هذه المبادئ: المعرفة على قدر الحاجة، والسرية، والولاء والإخلاص والطاعة، والانضباط والتقيد بالأوامر، الدهاء والحيل والخديعة وحسن التصرف والتمويه، والخبرة والمهارة، والشجاعة.
لقد وقف جهاز المخابرات الوطني العراقي في معركة العراق المصيرية ضد الإرهاب وفي مواجهة كافة التحديات والأخطار التي حدقت بتجربته الديمقراطية الجديدة، وقدم كوكبة من أبنائه شهداء في معركة الشرف، وما زال مستمراً في نضاله وقيامه بمسؤولياته دفاعاً عن كيان الدولة العراقية وحماية العراقيين بكافة أطيافهم وتنوعاتهم. فالنجاح الذي حققه جهاز المخابرات الوطني العراقية على مستوى محاربة تنظيم داعش ، اكسبه احترام جميع الدول العربية والإقليمية والدولية، فالعراق في محاربة هذا التنظيم الإرهابي إنما يحارب بالنيابة عن الجماعة الدولية بأسرها.وبهذه العملية الناجحة لجهاز المخابرات الوطني العراقي يؤكد انتمائه الصادق لوحدة العراق ولكافة العراقيين ويعزز ثقة المواطنين به ويؤسس لعلاقة التعاون والتآزر بين الجهاز والمواطنين.
خلاصة القول، على الرغم من توسع دائرة الارهاب، وما تعرض له العراق من اضرار وتبعات مادية، بشرية واقتصادية وغيرها فان العراق لا زال يشدد على ادانة ومقاومة الارهاب بكافة اشكاله وبكل الوسائل، وسيبقى ملتزما بمكافحته، وعدم السماح او التغاضي عن استخدام أراضيه منطلقا لأية نشاطات إرهابية. فذلك ان العراق وبحكم موقعه الجغرافي ليس بمنأى عن التداعيات الأمنية والسياسية في المنطقة، الأمر الذي حتّم على الجهاز الوطني للمخابرات العراقية التصدي وبكل حزم لافرازات وانعكاسات هذه التداعيات، حفاظاً على أمن واستقرار العراق، اخذين بعين الاعتبار المعادلة بين الأمن والحرية. حيث يضع الجهاز باعتباره الجهة المعنية بالدرجة الأولى بمكافحة الإرهاب، في منظوره كجهاز أمنى الأزمات الإقليمية والدولية وانعكاساتها وتداعياتها على امن المنطقة ومصالحها، لاتخاذ المواقف والقرارات والاجراءات المناسبة في حدود ما تتطلبه التحديات دون تشدد او مغالاة، وبما يوازن بين الحفاظ على سيادة القانون والاحتكام اليه والحفاظ على الامن والاستقرار ويلتزم الجهاز التزاما تاما بنص وروح القوانين النافذة، وبمارس صلاحياته ضمن الأطر التشريعية والقانونية، وفي ذلك ضمانه اكيدة لالتزام المخابرات كجهاز امني بحقوق الانسان ودعم مسيرة التحديث والتنمية والديمقراطية .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية