قمة خليجية في كامب ديفيد.. لكن بأي ضمانات

قمة خليجية في كامب ديفيد.. لكن بأي ضمانات

واشنطن – وصفت أوساط دبلوماسية عربية دعوة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقيادات خليجية إلى واشنطن بأنها نوع من الاستعراض الهادف إلى إظهار أن الولايات المتحدة ساعية للوساطة بين حلفائها، لكن دون أن تقوم بما يلزم لخلق المناخ الملائم لإنجاح هذه الوساطة، فضلا عن الافتقار لرؤية واضحة والاكتفاء بالرغبة في التجميع والإيحاء لكل جهة بتفهم مقاربتها ودعمها.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن واشنطن دأبت على إطلاق تصريحات تفيد برغبتها في استضافة قيادات دول مجلس التعاون بشكل منفرد في مرحلة أولى ثم بشكل جماعي في منتجع كامب ديفيد الشهير، لكن دون أن تقدم رؤية واضحة لشروط عقد هذه القمة، خاصة أن دولا مثل السعودية والإمارات تتمسك بأن تقدم قطر على تنفيذ الشروط الثلاثة عشر التي طلبت منها منذ يونيو الماضي قبل أي حوار، وعلى رأس هذه الشروط قطع تمويلها ورعايتها لجماعات إسلامية متشددة مصنفة إرهابية في الخليج.

وقال مسؤولان أميركيان إن كبار قادة السعودية والإمارات وقطر سيلتقون بالرئيس الأميركي في الشهرين المقبلين وسط جهود واشنطن لحل خلاف بين الجيران في الخليج.

وكشف مسؤول أميركي كبير أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يعتزمون جميعا القيام بزيارة ترامب في مارس وأبريل القادمين.

وأضاف المسؤول أن جدول الأعمال سيشمل عقد قمة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، تأمل واشنطن أن تعقد في وقت لاحق هذا العام، فضلا عن مناقشة جهود السلام في الشرق الأوسط وإيران.

وتتطلع واشنطن إلى تمهيد الطريق لعقد قمة بحلول فصل الصيف.

وقال المسؤول الأميركي الثاني “نتطلع إلى حل الخلاف قبل القمة للسماح بتركيز أكبر على الشؤون الاستراتيجية الأخرى مثل إيران”.

وكانت الإمارات والسعودية والبحرين ومصر قطعت العلاقات التجارية وروابط النقل مع قطر في يونيو متهمة إياها بدعم الإرهاب.

وترى مراجع خليجية أن مواقف إدارة ترامب من الأزمة بين قطر والرباعي العربي المقاطع تتسم بالارتباك والتناقض أحيانا، ما يجعل من الصعب عليها استمالة المملكة العربية السعودية لفتح باب الحوار مع قطر بعد أن كانت استنفدت كل الفرص التي وفرتها أمام الدوحة لإظهار حسن نواياها دون جدوى.

وتشير هذه المراجع إلى تقلب مواقف الرئيس ترامب نفسه، بين حملة قوية على قطر واتهامها بدعم الإرهاب بشكل صريح وواضح، وبين تصريحات مواربة تعطي الانطباع للدوحة بأن البيت الأبيض يسمح لها بالاستمرار في الهروب إلى الأمام.

وقال ترامب في يونيو، بعد أيام من اتهام الرباعي للدوحة بدعم الإرهاب، إن “دولة قطر للأسف قامت تاريخيا بتمويل الإرهاب على مستوى عال جدا”. وأضاف “لقد قررت مع وزير الخارجية ريكس تيلرسون وكبار جنرالاتنا وطواقمنا العسكرية أن الوقت حان لدعوة قطر إلى التوقف عن تمويل الإرهاب”.

وبعد ذلك، اتهم مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال هربرت ماكماستر قطر وتركيا باعتبارهما “الراعيتين والممولتين الأساسيتين” للأيديولوجيا الإسلامية المتطرفة التي تستهدف المصالح الغربية وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وهو ما يعكس توجها عاما في الإدارة الأميركية على قناعة بتورط قطر في الإرهاب وصواب المقاربة السعودية تجاهها.

وتعتقد المراجع الخليجية أن الرباعي المقاطع لقطر لن يقفل الباب أمام جهود أميركية جديدة، كما أنه لن يمانع اللقاء بمسؤولين أميركيين في واشنطن أو في أي مكان آخر، لكنه سيظل متمسكا بمقاربته لحل الأزمة، خاصة أن الولايات المتحدة اعترفت من البداية أن قطر مورطة في دعم الإرهاب، ومن ثمة فإن بوابة الحل هي الضغط على قطر للبدء بوقف تمويل الجماعات الإسلامية المتشددة، والمبادرة إلى طرد قياداتها الموجودة في الدوحة.

وتشمل المطالب أن تقلص قطر علاقاتها مع إيران وأن تغلق قاعدة عسكرية تركية على أراضيها، وأن توقف حملات التحريض والإساءة لدول الخليج ومصر في وسائل الإعلام القطرية، وإغلاق قناة الجزيرة.

ويتمسك الرباعي المقاطع، وخاصة السعودية، بترك المهمة لقطر كي تقرر متى تعود إلى الجادة وتعترف بأخطائها وتبادر إلى إصلاحها بشكل علني، وبانتظار ذلك سيتم التعامل مع الملف وكأنه منته تماما.

ونصح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في كلمة له الجمعة أمام معهد “إيغمونت” على هامش المؤتمر الدولي رفيع المستوى لدول الساحل، القيادة القطرية بالخروج “من حالة النكران إلى حالة إدراك للوضع الحالي الذي تعيشه”، مشددا على أن الدول الأربع لا تريد سوى شيء واحد هو “وقف الإرهاب”.

واعتبر الجبير “قطر قضية صغيرة أمام الملفات الهامة في المنطقة”، قائلا “كل ما نريده هو أن يتركونا وشأننا، وأن يتوقفوا عن استخدام منصاتهم الإعلامية للحض على الكراهية”، مضيفا “على الرغم من أن القطريين وقّعوا اتفاقيات لوقف دعم الإرهاب إلا أن ذلك لم يتم بالكامل”.

ويذهب متابعون للشأن الخليجي إلى أن إدارة ترامب يمكن أن تبدأ بتصويب مقاربتها من الأزمة عبر تصريحات واضحة وموحدة لمختلف المسؤولين، والتوقف عن دبلوماسية الجزر المتفرقة، محذرين من أن المواقف الأميركية الملتبسة قد تجعل دولا مثل السعودية تعيد حسابها في الرهان على بناء علاقة قوية مع إدارة ترامب تعيد ترميم ما هدمته استراتيجية أوباما، متسائلين كيف يمكن للرياض أن تثق في هكذا تحالف يعجز عن دعم موقفها في الملفات الثانوية، فماذا عن الملفات الكبرى مثل بناء تحالف متين قادر على مواجهة إيران.

وتستضيف قطر قاعدة العديد العسكرية الأميركية وهي قاعدة حيوية تضم أكثر من 11 ألفا من القوات الأميركية وقوات التحالف ويعمل منها أكثر من 100 طائرة.

وينسق المركز بيانات ومعلومات المخابرات من الأقمار الصناعية والطائرات دون طيار وأجهزة الرادار والطائرات الأميركية التي تحلق فوق البؤر الساخنة بالشرق الأوسط إلى قصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية.

العرب