أجمع محللون سياسيون ومراقبون دوليون على أن أحد أبرز الأهداف وراء عملية التغيير الواسعة في هرم القيادة العسكرية السعودية، يتجلى في ترسيخ سلطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يواجه رفضاً متزايداً للحرب في اليمن، ومحاولات مستمرة من قبل منظمات حقوقية لمنع بيع الأسلحة لبلاده، في وقت تسعى فيه المملكة للخروج من مستنقع النزاع اليمني.
وأصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أوامر ملكية بتغييرات واسعة في بنية الجيش السعودي، والإدارة البلدية.
وتقرر إبدال القادة العسكريين السعوديين الكبار بمن فيهم قائد الاركان وقادة القوات البرية والدفاع الجوي فجأة بمراسيم ملكية أعلنت في وقت متأخر الإثنين.
ويعتبر عدد من الخبراء أن ترقية عدد كبير من الضباط وتعيينهم في مناصب قيادية جديدة يعني ضخ دماء جديدة في الجيش. وبشكل مواز، فإن اختيار شبان لتعيينهم في مناصب مسؤولة من المرجح بدوره أن يجدد الإدارة المدنية في المملكة.
وتناولت الصحافة الغربية موضوع التعديلات التي أجراها العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، من أكثر من زاوية، فقد علق موقع «بلومبيرغ» بأنها ربما كانت مرتبطة بالحرب اليمنية التي ستحل ذكراها الثالثة الشهر المقبل. ومع أنه لم يتم تقديم أي سبب للخطوة الملكية وتوقيتها، إلا أن الموقع ذكر أنه تعديل جديد في مركز القيادة التقليدية في هذا البلد الغني بالنفط. وربط التقرير بين التغييرات الجديدة والحملة التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن الذين يتلقون الدعم من إيران. وبعد ثلاثة أعوام لم يستطع التحالف هزيمة المتمردين أو إخراجهم من العاصمة صنعاء.
ويرى بول أوسيلفان، المتخصص في الشؤون السعودية في جامعة جورج تاون في واشنطن، أن التغييرات في سلك قيادة الجيش قد تكون جزءاً من هذا التوجه. وعلق قائلاً: «يبدو أن الملك وابنه يريدان أن تمضي الأمور في اتجاهات جديدة»، و«يريدان أشخاصاً نشيطين وشباباً لمواصلة الضغط على إيران وفي سوريا واليمن».
ويرى مراقبون أن خلق صناعة سلاح محلية هو جزء مهم في خطة التحول الاقتصادي التي ترغب في تخفيف اعتماد المملكة على النفط.
ويرى هاني صبرا، مؤسس الشركة الاستشارية «ألف» أن تغيير القيادات العسكرية يمكن وضعه في سياق أوسع «وهو دفع محمد بن سلمان لتقوية السلطة»، مشيراً إلى أن ولي العهد مستعد لاستبدال المسؤولين غير الناجحين، خاصة من ينعكس أداؤهم سلباً عليه وعلى مبادراته.
وتواجه المملكة انتقادات دولية بسبب الطريقة التي أدارت فيها الحرب التي خلفت أكثر من 10.000 قتيل. وتنتقد جماعات الإغاثة الإنسانية السعودية الحصار الذي فرضته على اليمن حيث دفع البلاد إلى حافة المجاعة. ورغم الصورة التي حاول الأمير رسمها لنفسه في الخارج على أنه إصلاحي، والوعود بإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي إلا ان تبعات حرب اليمن تلاحقه.
ونقلت وكالة أنباء «أسوشييتدبرس» عن بيكا واسر، المحلل في مجموعة «راند» أن التغييرات ليست متعلقة فقط بحرب اليمن وإنما بمحاولة تحسين أداء الجيش وتدريبه وتغيير قياداته واستبدالها بأشخاص مستعدين لسماع أفكار جديدة.
كما أن التعديلات الجديدة مرتبطة بالجولة الخارجية التي سيبدأها الأمير الأسبوع المقبل، حيث يطوف فيها على عواصم غربية، وهي باريس ولندن وواشنطن. ولاحظت صحيفة «تايمز» أن المرسوم الملكي الذي حدد فيه رؤية التغيير في المناصب العسكرية وحكام المناطق جاء عشية زيارة ولي العهد لبريطانيا.
لندن ـ «القدس العربي»