بيروت – رويترز: قال حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، ان انتقادات «صندوق النقد الدولي» للمالية العامة في لبنان صحيحة، لكن مشروع ميزانية البلاد للعام 2018 يرسل إشارة جيدة، لأنه يسعى إلى خفض واحدة من أعلى نسب الدين إلى الناتج المحلي الاجمالي في العالم من مستويات فوق 150 في المئة.
وفي مقابلة ليل الجمعة/السبت، قال سلامة ان النمو الاقتصادي قد يرتفع بمقدار نقطة مئوية واحدة مقابل كل مليار دولار من أموال المانحين تحصل عليه الحكومة وتنفقه.
وللمساعدة في تحفيز اقتصاده المنهك، يسعى لبنان إلى الحصول على ما يصل إلى 16 مليار دولار للاستثمار في البُنية التحتية من مستثمرين ومانحين يأملون بتفادي المزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، في بلد يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري.
ومعدلات النمو وإيرادات الدولة منخفضتان منذ سنوات، مع تضررهما من الحرب في سوريا المجاورة ومأزق سياسي في الداخل.
ومن المنتظر أن ينشر مصرف لبنان المركزي توقعاته الرسمية للنمو للعام 2018 في يوليو/تموز، ويقول سلامة ان معدلا بين 2.5 و3 في المئة هو مستوى مُستَهدَف «متحفظ».
ويستثني ذلك التأثير المحتمل لخطة الاستثمارات الرأسمالية البالغة 16 مليار دولار، والتي ستبدأ عملية جمع الأموال لها في مؤتمر للمانحين في السادس من أبريل/نيسان في باريس.
وقال سلامة «إذا بدأنا نرى مشاريع يجري تنفيذها… يمكننا أن نقدر أنه في مقابل كل مليار دولار ينفق فإننا يمكننا زيادة النمو واحدا في المئة».
وفي الشهر الماضي قال «صندوق النقد الدولي»، الذي يتوقع نموا يتراوح من 1.0 إلى 1.5 في المئة في 2017-2018، ان مسار ديون لبنان لا يمكن الاستمرار فيه وإن هناك حاجة ماسة إلى إصلاحات مالية وهيكلية. ووصف سلامة تقرير صندوق النقد بأنه «واقعي»
ويتعرض البرلمان اللبناني لضغوط للموافقة على المزانية قبل مؤتمر باريس وهو ما يُتوقع أن يفعله.
وقال سلامة ان مشروع الميزانية، الذي يتضمن عجزا يجاري العجز المسجل العام الماضي والبالغ 7.3 تريليون ليرة لبنانية (4.8 مليار دولار)، يبرز «مسعى جديا» لمعالجة بواعث القلق ويرسل «إشارة جيدة إلى الأسواق».
وقد يمكن خفض العجز بشكل أكبر بمساعدة من إصلاحات هيكلية، لكن هذه الإصلاحات من غير المرجح أن تحدث حتى تجرى الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من مايو/أيار.
وتوصل لبنان يوم الخميس الماضي إلى أول اتفاقيتين له مع «البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير» الذي يركز على تنمية يقودها القطاع الخاص.
وقال سلامةاإن احتضان الحكومة للقطاع الخاص هو تحول إيجابي و»بادرة جيدة لخلق الوظائف وتقليل الفساد… نعتبره إصلاحا رئيسيا في اتجاه تزايد فيه حجم الحكومة في الاقتصاد عاما بعد عام».
ومع نمو منخفض، يعتمد لبنان على تدفقات الودائع إلى البنوك المحلية من جالية ضخمة من المغتربين لتمويل الحكومة والحفاظ على دفاعات البنك المركزي.
وفي غياب قيادة سياسية فعالة، قام البنك المركزي بمنتهى هدوء بتوجيه السياسة لسنوات، مستخدما حزما تحفيزية، وما سماه «صندوق النقد الدولي» إجراءات «غير تقليدية» للهندسة المالية، للحفاظ على الاحتياطيات الأجنبية مستقرة واستمرارية النمو.
وفي هذا العام، مع الإقرار المرجح للميزانية وتوافق سياسي متنام حول الإصلاح وتحديد موعد أول انتخابات برلمانية في البلاد منذ 2009، قال سلامة ان البنك المركزي يأمل بتقليص دوره. وأضاف قائلا «نهدف إلى خفض حجم ميزانيتنا العمومية بتقليل مشاركتنا كبنك مركزي في الأنشطة غير التقليدية».
وقال أيضا ان البنك المركزي لا يخطط لأي عمليات مالية جديدة لزيادة الاحتياطيات، التي هبطت لفترة وجيزة في نوفمبر/تشرين الثاني أثناء أزمة سياسية عندما قدم رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته في كلمة اذيعت تلفزيونيا من السعودية، وهو ما وضع ضغوطا على سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي وتسبب في بعض التدفقات المالية إلى الخارج.
وأضاف أن لبنان «استرد وتجاوز» ما خسره منذ ذلك الحين، مع وصول الأصول الأجنبية، عدا الذهب، إلى أكثر من 43 مليار دولار. وتابع «الثقة في القطاع المالي اللبناني تبقى قوية».
وتسببت الأزمة السياسية التي حدثت في نوفمبر في ارتفاع أسعار فائدة العملة المحلية بحوالي نقطتين مئويتين. وقال سلامة أنه لا يعتزم تغيير أسعار الفائدة في الوقت الحالي، لأنه توجد حالة من التوازن في السوق، لكن ذلك قد يتغير.
وأضاف أنه توجد تحديات مرتبطة باستقرار المنطقة «وكيفية التعامل مع أسعار الفائدة الأعلي التي بدأت تحدث حول العالم وارتفاع أسعار النفط، لأن لبنان مستورد للنفط».
القدس العربي