باريس- “القدس العربي”- آدم جابر: في تقرير نشرته، الاثنين 26 مارس/آذار 2018، توقفت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، الوجود العسكري الأجنبي اللافت في جيبوتي، متسائلة عن أسبابه وتداعياته على هذا البلد الصغير الواقع في منطفة القرن الإفريقي، والعضو في جامعة الدول العربية.
الأهمية الاستراتجية لجيبوتي؟
تقع جيبوتي على الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب، الذي يتحكم بالمرور إلى قناة السويس، ويعد رابع أكبر طريق بحرية بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا عبر العالم، إذ يقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر عبره سنوياً في الاتجاهين، بــ 30 ألف سفينة سنوياً.
ووأصبحت جيبوتي، في ظل تصاعد الجماعات الجهادية في الصومال واليمن المجاورتين، إحدى الدول المستقرة القليلة في المنطقة، ما جعلها مثالية لمراقبة وقصف الجهاديين في المنطقة. كما أن تزايد القرصنة في السواحل الصومالية، دفع بسلاح البحرية الأوروبية إلى استخدام جيبوتي كقاعدة،بالاضافة الى وجود طموحات اقتصادية كبيرة للصين في البلاد.
وأوضحت الصحيفة ان موقع جيبوتي الاستثنائي، جعلها محل أطماع لقوى عالمية، حولته على مدى العقدين الماضيين، إلى أشبه بــ”الثكنة العسكرية العالمية”، حيث توجد حالياً خمس قواعد عسكرية أجنبية، وهو رقم قياسي على الصعيد العالمي، بينما تحاول بعض الدول أن تجد لها موطئ قدم في هذا البلد.
من هي القوى الموجودة على أرض جيبوتي ؟
تأتي فرنسا في مقدمة القوى العالمية المتواجدة حالياً في جيبوتي،بصفتها القوة الاستعمارية السابقة، إذ يستقر بعيداً عن جيبوتي لواء تابعة للفيلق الأجنبي الفرنسي بشكل دائم، ويوجد حالياً 1350 من الجنود الفرنسيين على الأراضي الجيبوتية. كما انشأت الولايات المتحدة الأمريكية، في أعقاب حرب الخليج، مقر القيادة الأفريقية التابعة للقوات المسلحة، الذي يعد أكبر قاعدة عسكرية أمريكية بالقارة الأفريقية، في منطقة مطار جيبوتي الدولي وتضم نحو 4 آلاف جندي، حيث واشنطن تنوى توسيع هذه القاعدة.
بينما أنشأت إيطاليا قاعدة عسكرية صغيرة في عام 2009، مع إطلاق العملية الأوروبية “أتالانتا” لمكافحة القرصنة.
ووجدت اليابان موطئ قدم في عام 2011، حيث ينتشر حالياً 180 عنصراً من القوات اليابانية. والصين من جانبها أنشأت في جيبوتي عام 2017 أول قاعدة عسكرية لها خارج حدودها.
أما الممكلة العربية السعودية، فقد توصلت، في شهر يناير 2017، إلى اتفاق مع الحكومة الجيبوتية، يمكن أن يؤدي في المستقبل إلى فتح موقع عسكري لها على الأراضي الجيبوتية، في الوقت الذي نتشط في المنطقة مجموعة من الدول ، في مقدمتها الإمارات العربية المتحدة، التي تشهد علاقاتها مع الحكومة الجيبوتية، نوعاً من البرودة، على خلفية إلغاء جيبوتي امتياز الإمارات في تشغيل ميناء دوراليه.
كما أن تركيا من جانبها وقعت في يناير الماضي اتفاقاً مع السودان يقضي باستئجار جزيرة سواكن، وهي عبارة عن حجر بطول 70 كيلومتر مربع في قلب البحر الأحمر. وتتحدث شائعات عن أن الهند و روسيا لديهما طموحات هي الأخرى في أن تجد لها موطئ قدم في المنطقة، بحسب الصحيفة الفرنسية.
إلى ماذا قد تؤدي عسكرة جيبوتي؟
“لوفيغارو” اعتبرت أن هذا الوجود العسكري الخارجي الغزير، يشكل “عامل توتر”، حيث تبدو جيبوتي أكثر فأكثر كـ”عش للجواسيس″ تراقب فيه الدول بعضها البعض، على غرار ما كان عليه الحال في مدينة طنجة المغربية في الثلاثينيات، حسب ما نقلت الصحيفة عن دبلوماسي لم تذكر إسمه.
كما رأت الصحيفة الفرنسية أن إلغاء حكومة جيبوتي مؤخراً لامتيازات الإمارات في تشغيل ميناء دوراليه، كشف أن بعض الاحتكاكات قد تطفو على السطح قريباً. ناهيك عن أن التواجد الصيني المتصاعد قد يتسبب في توترات بين جيبوتي و فرنسا والولايات المتحدة واليابان.
وأيضاً أوضحت “لوفيغارو” أن هذا الوجود الغربي، قد يجعل من جيبوتي هدفاً للجماعات الجهادية، بما في ذلك جماعة الشباب الصومالية، التي استهدفت في مايو من عام 2014، مطعماً بقلب العاصمة، يرتاده غربيون.
والخطر الأخير، تقول ” لوفيغارو” ، يأتي من النظام الديكتاتوري والمضطرب في الجارة اريتريا والذي ينظر بعين سيئة تجاه وجود القوى “المعادية” على أبوابه.
القدس العربي