تواصلت المفاوضات في شأن مصير مدينة دوما، آخر معقل للفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق، والتي يسيطر عليها فصيل «جيش الإسلام» الذي نفى تقارير روسية عن موافقته على تسليم السلاح ومغادرة المنطقة. وبعد انتهاء عملية الإجلاء من جنوب الغوطة الشرقية بعد إجلاء مماثل شهدته حرستا، تكون دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية، المعقل الأخير للفصائل قرب دمشق.
ويشعر سكان المدينة بالقلق بانتظار نتائج المفاوضات. ويقول أبو أيمن (30 سنة) أحد سكان دوما: «أتخوف من هذه المفاوضات، لا أثق بأي منهم، لا روسيا ولا النظام ولا هؤلاء الموجودين هنا (الفصائل) أثق بالله فقط». ويضيف: «أمضيت حياتي هنا وأتمنى أن أبقى. أتيحت لي فرص عدة للخروج، لكن هنا بلدي وبيتي وحيث استشهد والدي. كيف سأترك قبر والدي؟ وإذا تركته هل يمكن أن أعود يوماً».
وكان الناطق باسم «جيش الإسلام» حمزة بيرقدار قال في تصريحات الأحد إن «المفاوضات الجارية تهدف إلى البقاء في المدينة وليس الخروج منها»، في وقت أفادت اللجنة المدنية التي تشارك في التفاوض بعقد اجتماع مقبل يوم الأربعاء مع الجانب الروسي.
وأشارت مصادر قريبة من النظام إلى أن الجانب الروسي توصّل مساء الأحد إلى «تفاهم أولي» بعد «مفاوضات مكثفة بين الجانبين»، لافتة إلى أن «المفاوضات قد تفضي إلى اتفاق يقضي بحل جيش الإسلام، وتسليم الأسلحة الثقيلة، وعودة مؤسسات الدولة إلى العمل داخل المدينة». وقالت المصادر إن «جميع الأطراف ستقوم بدراسة مضمون التفاهم خلال ثلاثة أيام».
إلى ذلك، نفى «جيش الإسلام» أمس استعداد مقاتليه لإلقاء السلاح ومغادرة مدينة دوما. واعتبر المسؤول السياسي في الجيش محمد علوش أن ما أوردته وكالات روسية نقلاً عن مسؤول في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي من أن مقاتلي المعارضة في دوما أبدوا استعدادهم لوقف القتال والمغادرة، «كاذب وعارٍ من الصحة».
وكان الوكالات الروسية نقلت عن نائب رئيس إدارة العمليات الرئيسية للأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، ستانيسلاف حجي محميدوف تأكيده «استعداد مسلحين في مدينة دوما لإلقاء السلاح ومغادرة المدينة في أقرب وقت».
وقال حجي محميدوف: «إنهم على اتصال بضباطنا من مركز المصالحة، وأعتقد أننا سنخرجهم في أقرب وقت من دوما». وزاد: «المشكلة فقط في عدد وسائل المواصلات التي يمكن أن يوفرها الجانب السوري، ورغبة المسلحين». وأعرب عن اعتقاده بـ «حلّ المسألة قريباً، لأنهم مستعدون بالفعل لإلقاء السلاح في أقرب وقت».
من جانبه، قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد، إن «المفاوضات متواصلة، إلا أنها تأخرت بسبب خلافات داخل فصيل جيش الإسلام»، مشيراً إلى أن «قادة الفصيل المعارض منقسمون، وبعضهم يعارض اتفاق الإجلاء». وبعد خمسة أسابيع على بدء هجوم عنيف لقوات النظام على الغوطة الشرقية، توصلت روسيا تباعاً إلى اتفاقين مع فصيلي «حركة أحرار الشام» في مدينة حرستا و»فيلق الرحمن» في جنوب الغوطة الشرقية، تم بموجبهما إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين إلى منطقة إدلب شمال غربي سورية.
وتطرقت المفاوضات وفق المرصد، إلى بنود تنصّ على «دخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المدينة، وبقاء الموافقين على الاتفاق بداخلها مقابل تسليم أسلحتهم، على أن تعود الدوائر الرسمية التابعة للنظام إلى العمل»، إضافة إلى تأمين الخدمات الأساسية (مياه، كهرباء…)، لكن من دون دخول الجيش إلى المدينة».
وتتواصل منذ أيام عدة حركة النزوح الطوعي من دوما عبر معبر الوافدين شمالاً. وأفادت وكالة أنباء «سانا» بخروج 1092 مدنياً أول من أمس، بعدما خرج خرج 15 ألف شخص في الأيام الخمس الأخيرة، وفق «المرصد».