واشنطن – حذّر ولي العهد وزير الدفاع السعودي، الأمير محمد بن سلمان، من حرب محتملة مع إيران خلال السنوات العشر المقبلة، مطالبا المجتمع الدولي “بالضغط عليها اقتصاديا وسياسيا، لتجنّب مواجهة عسكرية مباشرة في المنطقة”.
وقال محلّلون سياسيون في معرض تعليقهم على هذا التحذير الذي تضمّنته تصريحات الأمير محمّد لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، إنّه بمثابة وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، إزاء سياسة حافّة الهاوية التي تسلكها إيران وتنبيهه إلى مخاطر انفجار الوضع في منطقة بالغة الحساسية والأهمية للعالم بأسره.
وأكثر من أي وقت مضى، يخاطب ولي العهد السعودي المجتمع الدولي، من موقع الصدقية التي منحتها السلوكات الإيرانية لدبلوماسية بلاده، بما في ذلك إيعاز طهران لميليشيا الحوثي في اليمن بتكثيف قصفها للأراضي السعودية بالصواريخ الباليستية التي زوّدتها بها، فيما كان الأمير محمّد يقوم بزيارة تاريخية إلى الولايات المتحدة، حيث كانت له لقاءات ومحادثات مكثّفة مع مسؤولين أميركيين ودوليين كبار من ضمنهم أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، شملت قضايا المنطقة بما في ذلك القضية اليمنية، حيث تلعب إيران دورا بالغ السلبية في تأجيج الحرب وتعطيل إيجاد مخرج سلمي لها.
وقال ولي العهد السعودي إنّ فرض “العقوبات سيخلق المزيد من الضغوط على النظام الإيراني”، مؤكّدا “يجب أن ننجح من أجل تفادي الصراع العسكري”.
وتابع الأمير محمّد “إذا لم ننجح في ما نحاول أن نفعله -في إشارة إلى الضغط على إيران- فعلى الأغلب سندخل في حرب معها خلال 10 إلى 15 عاما القادمة”.
واعتبر المحلّلون أنّ في كلام الأمير رسالة واضحة بأنّ بلاده لن تسعى إلى الحرب، لكنّها ستكون مستعدّة لخوضها في حال فرضت عليها بأي شكل من الأشكال.
وفي الملف اليمني قال ولي العهد إن تدخل التحالف العربي “كان الخيار الأفضل”، شارحا ذلك بقوله “لو لم نتدخل في 2015، لكان اليمن مقسّما اليوم بين الحوثيين وتنظيم القاعدة”.
ووصف إطلاق الحوثيين للصواريخ الباليستية على أربع مدن سعودية بأنّه علامة ضعف، معتبرا أنّ المتمرّدين الحوثيين “يريدون أن يفعلوا أقصى ما يستطيعون قبل انهيارهم”.
وفي سياق حديثه عن الإرهاب الذي يتهدّد المنطقة والعالم، وصف الأمير محمّد بن سلمان جماعة الإخوان المسلمين” بأنّها “حاضنة للإرهابيين” مشدّدا على وجوب “التخلص من التطرف الذي بدونه لا يمكن لأحد أن يصبح إرهابيا”.
محلّلون: في كلام الأمير رسالة واضحة بأنّ بلاده لن تسعى إلى الحرب، لكنّها ستكون مستعدّة لخوضها في حال فرضت عليها بأي شكل من الأشكال
وعلى الصعيد الداخلي شدّد على المضي في عملية الإصلاح الشاملة التي يقودها، كاشفا عن حزمة جديدة من الإصلاحات سيتم تطبيقها مستقبلا.
ويعدّ تطرّق ولي العهد السعودي إلى مختلف هذه القضايا المتعلّقة بالشأن المحلّي والإقليمي والدولي، من صميم أجندة زيارته المطوّلة إلى الولايات المتّحدة، التي هدفت، بالإضافة، لمزيد دعم أركان التحالف السعودي الأميركي بدفع التعاون بين الطرفين إلى مديات غير مسبوقة، إلى شرح سياسات الرياض ومنظورها في معالجة مختلف القضايا، ليس للداخل الأميركي وحده، بل للمجتمع الدولي ككل.
وأولت دوائر سياسية وإعلامية، أهمية لمساعي الأمير محمّد بن سلمان لخلق أوسع جبهة ممكنة في مواجهة السياسات الإيرانية الخطرة على المنطقة والعالم.
وخلال لقائه، الجمعة، في نيويورك، بمندوبي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بحث الأمير محمّد بن سلمان “الأوضاع العامة في الشرق الأوسط، بما فيها تطورات الأزمة في اليمن والانتهاكات الحوثية المدعومة من إيران”، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية السعودية “واس”.
وقالت الوكالة إنّ ولي العهد التقى السفراء فرنسوا ديلاتر مندوب فرنسا، ونيكي هيلي مندوبة الولايات المتّحدة، وفاسيلي نيبيزيا مندوب روسيا، وزاوشو ما مندوب الصين، وجوناثان آلين مندوب بريطانيا، وأكد لهم ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن مسؤوليته إزاء السلوكات الإيرانية وضرورة احترام المعاهدات والمواثيق الدولية والقانون الدولي.
العرب