رفعت منظمة حقوقية يمنية دعوى لدى محكمة باريس المختصة بجرائم الحرب والإبادة ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، واتهمته بـ”التواطؤ في التعذيب” و”قصف أهداف مدنية بشكل متعمد”.
وأكد المحامي الذي قدم الدعوى جوزيف بريهام أن الملف يحوي انتهاكات جسيمة، بينها قتل مئات المدنيين في القصف العشوائي والمتعمد لقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية للأحياء والأسواق والمستشفيات والمساجد والمدارس منذ ربيع 2015.
وأضاف بريهام أن الجيش السعودي استخدم أسلحة محظورة دوليا مثل القنابل العنقودية، وأنه نفذ عمليات خطف وإخفاء قسري شملت أكثر من ألفي يمني اعتقلوا وعذبوا في سجون سرية تجاوز عددها 18 معتقلا تديرها الإمارات.
ولفت بريهام إلى أن تلك الانتهاكات، والحصار المطبق على اليمن والذي تسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة، يدخلان في إطار “ممارسة التعذيب”، وهو ما يفسح المجال للقانون الفرنسي للتحقيق ومتابعة الأشخاص المتورطين، حتى إن كانوا مواطنين أجانب.
وأفاد الخبير في القانون الدولي بأن عهد الإفلات من العقاب ولى، وأنه إذا قرر قاضٍ مختص في جرائم الحرب فتح تحقيق في الملف فإن ابن سلمان سيصبح متهما كباقي المواطنين، وسيتوجب عليه المثول أمام القضاء، وستصدر في حقه مذكرة اعتقال بمجرد دخوله فرنسا.
شراء صمت الغرب
في السياق، أوضح رئيس منظمة التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات محمد إسماعيل الشامي أنه في حال قبول الدعوى القضائية فإن ذلك سيشكل “زلزالا” في العلاقات بين باريس والرياض، لأنه إجراء قضائي مستقل لا يمكن للحكومة التأثير في مساره.
وذكر رئيس المنظمة التي تتخذ من باريس مقرا لها أن الدعوى القضائية نفسها التي وجهت سابقا لرئيس المخابرات المغربية السابق عبد اللطيف الحموشي عام 2014 ساهمت في تأزيم العلاقات بين باريس والرباط، وبلغت حد القطيعة لأكثر من عام.
ورأى الناشط اليمني أن السعودية والإمارات تحاولان الإفلات من العقاب أمام المحاكم الدولية بعدما “افتضح” أمرهما أمام العالم، وذلك من خلال شراء صمت الدول الغربية عبر عقد صفقات تجارية وعسكرية بمليارات الدولارات.
يذكر أن زيارة ابن سلمان لباريس الأخيرة تكللت بتوقيع عشرين اتفاقية تجارية، تجاوزت قيمتها الإجمالية 18 مليار دولار.
لا وجود لضمانات
وتعتبر فرنسا، ثالث أكبر مصدر للسلاح في العالم، والسعودية ضمن أكبر زبائنها في هذا القطاع، إذ اشترت خلال السنوات الأخيرة طائرات حربية ودبابات وسفنا حربية من فرنسا. وفي 2016 أقرت فرنسا صفقة لتوريد أسلحة للسعودية بقيمة 22 مليار دولار.
وجاءت زيارة ولي العهد السعودي لباريس وسط ضغوط متنامية على الرئيس إيمانويل ماكرون من قبل عشر منظمات حقوقية دولية طالبته بحظر بيع الأسلحة للسعودية والإمارات.
وفي تصريح للجزيرة نت، أوضح المتحدث باسم منظمة العفو الدولية في فرنسا إيمريك أيلوان أن المنظمة تواصل حملتها الإعلامية للضغط على فرنسا لوقف تصدير السلاح للسعودية بسبب وجود قرائن وأدلة لارتكابها جرائم حرب في اليمن، حسب تعبيره.
وأضاف أن منظمة العفو الدولية غير مقتنعة بالتطمينات التي قدمها قصر الإليزيه، معتبرا أنه لا توجد هناك ضمانات حقيقية من طرف الرياض بشأن عدم استخدام هذه الأسلحة ضد المدنيين، وهو ما قد يعني توجيه اتهامات خطيرة لفرنسا بالتواطؤ في ارتكاب جرائم حرب.
المصدر : الجزيرة