أن الهجوم الأمريكي على سوريا، هو رسالة ترمز إلى معارضة المجتمع الدولي لاستخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين، غير أن الخطر الذي تمثله سوريا على إسرائيل لازال قائمًا، وأنه على مايبدو ستضطر إسرائيل إلى مواجهته وحدها، مستندًا في ذلك إلى النقاط التالية:
- مع مرور الوقت، يتبين أكثر إخفاق الرئيس أوباما في تعامله مع الملف السوري والرئيس الأسد، ففي أغسطس 2013، كانت لدى الرئيس أوباما، فرصة لتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري في أعقاب استخدامه للغاز ضد المدنيين في الغوطه، إلا أنه فضل المضي قدمًا نحو تسوية لإخراج السلاح الكيميائي من سوريا، وقد اتضح بعد فوات الأوان أن بشار الأسد ضلل الولايات المتحدة ونجح في إخفاء كميات من السلاح الكيميائي يستخدمها حاليًا ضد المدنيين.
- الإشارة إلى أنه لو عمل الرئيس أوباما بجدية على إسقاط نظام الأسد، لأنقذ اليوم حياة مئات الآلاف ومنع ملايين المدنيين السوريين من التحول إلى لاجئين.
- الإشارة إلى أن الرئيس ترامب على العكس تمامًا من أوباما، ففي خلال عام واحد، شن غارتين على سوريا عقب استخدام بشار الأسد سلاحه الكيميائي ضد المدنيين، إضافة إلى أنه في خطابه الذي ألقاه في ولاية أوهايو في 29 مارس الماضي، صرح بشكل مفاجئ اعزام بلاده الانسحاب من سوريا قريبًا، وأصدر أوامره لقادة الجيش الأمريكي بإنهاء العملية العسكرية في سوريا والخروج منها في غضون أشهر.
- بحسب مسئولين أمريكيين، فقد تراجع الرئيس ترامب عن خطته إزاء البقاء لفترة طويلة في سوريا، ومنح مساعدات لإعادة إعمار سوريا وتصفية داعش، وأنه وافق فقط على بقاء قوات الجيش الأمريكي هناك لمنع داعش من استعادة قوته، غير أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن بشار الأسد يشكِل خطرًا يفوق داعش بآلاف المرات.
- الإشارة إلى أن السياسة الأمريكية إزاء نظام بشار الأسد تتطلب تغييرًا، وأنه يستحيل التعامل مع سوريا برفق ولين، نظرًا لأن بشار الأسد يفسر ذلك على أنه ضعف ويسمح لنفسه بعمل كل ما يحول له بدعم روسي – إيراني.
- الإشارة إلى تجنب الضربة الثلاثية المساس برموز النظام السوري، كما أنها لم تصب الجيش السوري، فقط في أفضل الأحوال أوقفت عمل مصانع السلاح الكيميائي لفترة طويلة في سوريا، كما انطوت على رسالة هامة، تتمثل في إعادة الإدارة الأمريكية النظر في سياستها إزاء سوريا، فقد أصدر ترامب أوامره لوزارة الخارجية الأمريكية بتجميد المساعدات الاقتصادية لسوريا والتي تعادل 200 مليون دولار.
- الإشارة إلى أنه في حال نجاح نظام بشار في استعادة سيطرته العسكرية على كل مناطق سوريا، فإنه من المنطقي الافتراض بأن دول الغرب وفي مقدمتها الولايات المتحدة ستتجرع المرار.
- لقد أصبحت سوريا مرتعًا لمحور الشر، المتمثل في إيران وروسيا المكلفان بالدفاع عنها مقابل السماح لهما بالتواجد العسكري عليها، ما يُعد “وثيقة أمان” لنظام الأسد.
- رغم إشادة الرئيس ترامب بأسلوب تعامل إدارته مع داعش في سوريا، إلا أنه ينبغي عليه أن يفهم أن انسحاب بلاده بشكل أحادي الجانت من أي تدخل في سوريا، سيخدم مصالح بشار الأسد الذي أصبح ملقبًا بـ “جزار دمشق”.
- إن إسرائيل ليست مستعدة لقبول الترسخ الإيراني في سوريا الذي يهدف إلى فتح جبهة أخرى في مواجهة إسرائيل على هضبة الجولان، ولذا فهي مصرة على منع هذا بطرق يستحيل معها تفادي التصعيد.
- الرئيس ترامب يعي جيدًا الخطر الإيراني، غير أنه ينبغي عليه أن يأخذ في حسابه أيضًا الخطر الذي يشكِله بشار الأسد على استقرار المنطقة وأمنها.
- إن تنظيم داعش الذي أسسته الخلافة الإسلامية، ومُني بالهزيمة في سوريا والعراق، بات أكثر قوة تحت قيادة بشار الأشد في ظل الحرب الأهلية المتواصلة هناك منذ سبع سنوات.
- على الرئيس ترامب عدم تكرار أخطاء الرئيس أوباما، فقد صدق عندما لقب الرئيس الأسد بـ “الحية”، إلا أنه يتوجب عليه تبني نهجًا ثابتًا إزاء كل ما يتصل بالتعامل مع النظام السوري الحالي، وعليه أن يدرك أن خروج قواته الأمريكية تمامًا من سوريا، سيدفع إسرائيل – الحليفة المخلصة للإدارة الأمريكية – إلى مواجهة الخطر الإيراني – السوري وحدها .
وينهي الكاتب مقاله، بتمني أن تسهم الأحداث الأخيرة التي شهدتها سوريا في إدراك الإدارة الأمريكية، ما تشكِله سوريا تحت قيادة الأسد من خطر إقليمي يفتح الباب أمام إيران لترسيخ تواجدها العسكري في سوريا، خاصة في ظل تصاعد المخاوف من اعتبار الإدارة الأمريكية هجومها الأخير على سوريا بمثابة نهاية للتدخل العسكري الأمريكي فيها، ما يشكِل ضررًا على إسرائيل، لأنها ستضطر بدءًا من هذا الوقت إلى مواجهة التهديدات الإيرانية القادمة من سوريا وحدها.
يوني بن مناحم
المعهد الأورشليمي للشئون العامة
ترجمة: لبنى نبيه عبدالحليم مجاهد
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية