لندن – وضع الرئيس دونالد ترامب الولايات المتحدة في موقف معاكس لغالبية منتجي النفط العالميين، الذين تمكنوا من إعادة التوازن للسوق، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الخام بشكل يراه ترامب “مصطنعا”.
وبعد جهود دولية قادتها منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” على مدار شهور طويلة من خفض مستوى المعروض في السوق العالمي، وصلت الأسعار إلى معدلات “عادلة”، توافقت عليها الدول المنتجة داخل أوبك وخارجها، باستثناء الولايات المتحدة.
وانتقد ترامب الجمعة أوبك، وقال إن الارتفاع “المصطنع” في الأسعار “لن يكون مقبولا”.
وتزامنت تصريحاته عبر موقع تويتر مع اجتماع عقده كبار منتجي النفط في العالم في السعودية لمناقشة إبقاء السقف الذي تم وضعه على الإنتاج.
وقال ترامب “يبدو أن أوبك تقوم بذلك مجددا (…) في ظل وجود كميات قياسية من النفط في كل مكان بما في ذلك في السفن المحملة بالكامل في البحر، فإن أسعار النفط عالية جدا بشكل مصطنع! هذا ليس جيدا ولن يكون مقبولا”.
وأبرم منتجو أوبك مع دول منتجة من خارج المنظمة اتفاقا في 2016 لخفض الإنتاج بـ1.8 مليون برميل يوميا بهدف التقليل من الفائض العالمي في النفط.
ونجح الاتفاق، الذي سيستمر حتى نهاية العام الجاري، في رفع أسعار النفط إلى 70 دولارا للبرميل مقارنة بثلاثين دولارا للبرميل مطلع العام 2016. لكن تصريحات الرئيس الأميركي لاقت رد فعل جماعيا من قبل وزراء النفط والطاقة المجتمعين في السعودية.
وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي إن أسعار النفط ليست مرتفعة على نحو مصطنع، وإن الدول الأعضاء في منظمة أوبك والمنتجين من خارجها يقومون بدورهم من أجل تصحيح السوق.
وأضاف “لن أعلق على ما قاله الرئيس، لكن بالتأكيد نحن نضطلع بدورنا لتصحيح السوق، والسوق كما قلنا ليست متوازنة بعد وأعتقد أن هذه المجموعة عليها واجب ينبغي أن تقوم به ونحن مستمرون في القيام بواجبنا”.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن سياسة “خفض مخزونات النفط يجب أن تستمر وما زلنا بعيدين عن هدفنا”، مضيفا “نواصل مراقبة زيادة إنتاج الدول غير المشاركة في اتفاق خفض الإنتاج مثل النفط الصخري الأميركي”.
وبعد تصريحات ترامب، انخفض سعر خام برنت إلى 73 دولارا للبرميل، بعدما كان وصل إلى 74 دولارا للبرميل. ولعب التحالف الجديد، الذي تعمل السعودية وروسيا على تأسيسه، دورا محوريا في إعادة إطلاق مرحلة جديدة من صناعة النفط التي كانت على وشك الانهيار.
والتحالف السعودي الروسي هو النقلة النوعية التالية بعد اتفاق عام 2016، والذي من المتوقع أن يجعل آلية التحكم في العرض والطلب وحجم المخزونات العالمية بيد قوى عابرة لحدود أوبك.
وتضفي هذه الديناميكية الجديدة المزيد من العدالة على الأسعار، التي ستكون متروكة للسوق كي يحدد متى يكون في حاجة إلى رفع الأسعار، ومتى ستكون معدلات الطلب منخفضة، ومن ثم تتراجع الأسعار.
وأصر الفالح على أن أوبك لا تسعى إلى وضع سعر محدد للنفط. وقال “ليس لدينا سعر نعتبره هدفا على الإطلاق (…) الأسعار يحددها السوق”. لكنه حذر من خطر تذبذب الأسعار مشيرا إلى أن “التقلب هو عدونا”.
وقال وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك “شكلنا أساسا صلبا للغاية للتعاون بين الدول المنضوية في أوبك وتلك التي خارجها في المستقبل يتجاوز حتى إعلان التعاون”.
ويحاول ترامب، الذي بدا أنه ينظر إلى الكثير من الأزمات على الساحة الدولية من منطق ضيق يدرس الربح والخسارة، الإبقاء على قدرة الولايات المتحدة على سد الفارق بين الإنتاج الأميركي من الخام، الذي يصل إلى حوالي 10.5 مليون برميل يوميا، والاستهلاك في السوق المحلي الذي يلامس 20 مليون برميل يوميا.
ويريد ترامب خفض الأسعار إلى مستويات تبقي ميزانية الصادرات الأميركية من النفط عند نفس المستوى، وفي نفس الوقت لا تؤثر على صناعة النفط الصخري الأميركية الواعدة.
ويقول خبراء في صناعة النفط إن “السيناريو الذي يريده ترامب هو السيناريو الوحيد الذي، إن تحقق بالفعل، من الممكن أن يطلق عليه سعرا مصطنعا، في وقت تكافح فيه الدول المصدرة لخلق آلية عادلة لإدارة السوق”.
وتوصل منتجو أوبك مع دول منتجة من خارج المنظمة إلى اتفاق في 2016 لخفض الإنتاج بـ1.8 مليون برميل يوميا بهدف التقليل من الفائض العالمي في النفط.
ونجح الاتفاق الذي سيستمر حتى نهاية العام الجاري في رفع أسعار النفط إلى 70 دولارا للبرميل مقارنة بثلاثين دولارا للبرميل مطلع العام 2016.
وساهمت التوترات الجيوسياسية وتهديد ترامب بإعادة فرض العقوبات على إيران على خلفية برنامجها النووي والمشاكل المتعلقة بالإنتاج في فنزويلا ونيجيريا وليبيا في تعافي أسعار النفط.
العرب