بدأت أعمال المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله بالضفة الغربية أمس، وسط انقسام كبير بين قوى مؤيدة وأخرى معارضة، وعدم اكتراثٍ لافت في الشارع. وحضر الجلسة الافتتاحية للمجلس 70 وفداً تمثل برلمانات وحكومات ودول صديقة للشعب الفلسطيني.
وكشف رئيس المجلس سليم الزعنون أن المجلس الذي يُمثل برلمان الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، سيتخذ قرارات مهمة، بينها قرار ينص على توكيل مهماته إلى المجلس المركزي للمنظمة في الحالات الطارئة. ويرى المراقبون أن هذا القرار يمهد لخلافة الرئيس محمود عباس، البالغ من العمر 83 سنة، في حال مغادرته المشهد لأي سبب كان. وأوضح أحد المسؤولين أن المجلس المركزي الذي يشكل جسماً مصغراً للمجلس الوطني، سيختار رئيساً للسلطة في حال شغور هذا المنصب.
وحسب النظام السياسي للسلطة، فإن رئيس المجلس التشريعي يتولى الرئاسة في حال شغور منصب الرئيس، لمدة شهرين، يُصار خلالها إلى إجراء انتخابات لمنصب الرئيس. لكن قيادة حركة «فتح» ترى أن برلمان منظمة التحرير، بصفتها مرجعية السلطة، هو الذي يختار الرئيس في ظل الانقسام وتعطُل عمل المجلس التشريعي الذي تقوده حركة «حماس».
وتُعد لجان المجلس لاتخاذ سلسلة قرارات سياسية كبيرة، مثل تجميد الاعتراف بإسرائيل لحين الاعتراف بدولة فلسطين، ووقف التنسيق الأمني والعمل بالاتفاقات الموقعة، وبينها الاتفاقية الاقتصادية وغيرها. وكان المجلس المركزي للمنظمة اتخذ قراراً بوقف التنسيق الأمني عام 2015، وعاد إلى تأكيده مجدداً في اجتماع عقد العام الماضي، لكنه لم ينفذ، الأمر الذي يثير كثيراً من الشكوك إزاء إمكان تطبيق القرارات التي سيتخذها المجلس.
ومن أبرز القوى المعارضة لعقد المجلس، «حماس» التي أعلنت رفضها مخرجاته وأطلقت عليه لقب «المجلس الانقسامي»، وكذلك «الجهاد الإسلامي» و»الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين».
واستبق رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية عقد المجلس الوطني، ولمح إلى احتمال تشكيل إطار بديل من منظمة التحرير في حالت بقية أبوابها «مغلقة» في وجه الحركة، معتبراً أن العقوبات على قطاع غزة «ضمن مخطط مرسوم». كما دعا إلى «انتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني فوراً، يشارك فيها كل الشعب لتجديد الشرعيات والبرامج».
ويبدي الشارع الفلسطيني عدم اكتراث لافت إزاء عقد المجلس، الأمر الذي عزاه مراقبون إلى الانقسام، وعدم حدوث انتخابات للممثلين الذين تختار غالبيتهم القوى السياسية. لكن اتساع حجم المعارضة، ولامبالاة الشارع، لم يثنيا الرئيس عباس عن المضي قدماً في عقد المجلس بهدف الحفاظ على النظام السياسي وتعزيز قوته في مواجهة التحديات السياسية، الخارجية منها الناجمة عن المساعي الأميركية لفرض حل سياسي «تصفوي» للقضية الفلسطينية، والداخلية الناجمة عن الانقسام بين السلطة و «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة، وفق عدد من مساعديه.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الدكتور محمد إشتية أن مزيداً من التأخر في عقد المجلس الوطني، يقود إلى فقدان النصاب القانوني في قيادة منظمة التحرير، نتيجة وفاة عدد من الأعضاء وإصابة عدد آخر بأمراض الشيخوخة. وأضاف أن انسداد أفق المصالحة نتيجة رفض «حماس» تمكين الحكومة من أداء عملها، دفع بالقيادة الفلسطينية إلى عقد المجلس الوطني، مشيراً إلى أن التأخير سيؤدي إلى مزيد من إضعاف المؤسسة السياسية من دون وجود أي بادرة لانتهاء الانقسام.
وكشف مسؤولون لـ «الحياة» عن توجه لخفض عدد أعضاء المجلس من 700 إلى 350 عضواً، وخفض عدد أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من 18 عضواً إلى 15 عضواً. وقال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة الدكتور أحمد مجدلاني أن الهدف من تقليص الأعضاء هو تسهيل عقد المؤسسات.
وأكد الزعنون أنه سيتم اختيار ممثل عن «الجبهة الديموقراطية» في هيئة رئاسة المجلس الوطني ليحل محل ممثل «الجبهة الشعبية» تيسير قبعة الذي توفي قبل سنوات. ويرى مراقبون في ذلك مكافأة لـ «الديموقراطية» على حضور اجتماعات المجلس، وعقاباً لـ «الشعبية» التي تُعد الفصيل الثاني في المنظمة، على المقاطعة. وقال مسؤولون في «الديموقراطية» أنها اختارت أحد قادتها، رمزي رباح، لتولي هذا المنصب.