تتسارع في الفترة الأخيرة التحركات الدبلوماسية وإعلان المواقف السياسية من الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني صيف العام 2015، في ظل توقع انسحاب الولايات المتحدة منه في وقت لاحق من الشهر الحالي والعودة إلى مسار فرض عقوبات إضافية على طهران بسبب برنامجها النووي والصاروخي وتدخلها في عدد من أزمات المنطقة.
أما الاتجاه الثالث فيتمثل في الموقف الرافض لتعديل الاتفاق أو إلغائه وتمثله إيران وروسيا والصين.
أميركا
ترفض واشنطن الاتفاق النووي الإيراني ووصفه الرئيس دونالد ترامب مرات عديدة بأنه أسوأ اتفاق وقعته بلاده. وكان قد طالب بإصلاح “الثغرات الكارثية” في الاتفاق الذي وعد خلال حملته الانتخابية “بتمزيقه”.
ويرى ترامب ثلاثة عيوب في الاتفاق هي عدم معالجته لبرنامج الصواريخ البالستية، وشروط زيارة المفتشين الدوليين لمواقع يشتبه أنها نووية في إيران، وبند انقضاء القيود المفروضة على البرنامج النووي بعد عشر سنوات.
ووعد بأنه سيعلن قراره بشأن الاتفاق النووي قبل 12 مايو/أيار المقبل، وهو الموعد الدوري الذي يفرضه الكونغرس على الرئيس لإعلان هل إيران ملتزمة ببنود الاتفاق أم لا، وبالتالي هل ستمدد واشنطن تعليق العقوبات المفروضة على طهران أم لا.
وتقول الإدارة الأميركية إن لديها معلومات مؤكدة بأن إيران تمتلك منذ سنوات برنامجا قويا وسريا لامتلاك أسلحة نووية، وأنها سعت لتطوير أسلحة نووية وصواريخ لحملها.
إسرائيل
تنتقد إسرائيل بشدة الاتفاق النووي وتقول إنه يجب إصلاحه أو إلغاؤه، وتدعو إلى إلغاء بند يتضمنه يزيل القيود عن مشروعات إيران النووية بعد عشر سنوات. وتتهم تل أبيب طهران بالكذب على المجتمع الدولي بخصوص طموحاتها النووية.
وقد كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي أن بلاده حصلت على ما مجموعه 110 آلاف صفحة من الأرشيف النووي الإيراني، تحوي وثائق وصورا وفيديوهات تثبت سعي طهران لتطوير سلاح نووي.
وصرح وزير المخابرات الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن الغرب وقع اتفاق 2015 “بشكل عاجل للغاية”، وكان يتعين الإبقاء على العقوبات الاقتصادية التي تم رفعها مقابل موافقة طهران على الحد من التكنولوجيا المتعلقة بإمكانية صنع قنبلة نووية.
بريطانيا
تقول بريطانيا إنها ملتزمة بدعم الاتفاق النووي مع إيران، فهو أفضل وسيلة لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي، مشددة على أنها لم تكن ساذجة فيما يتعلق بالنوايا النووية الإيرانية، ولذلك تم وضع نظام تفتيش تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار الاتفاق النووي؛ هو أحد أكثر الأنظمة شمولا وقوة في تاريخ الاتفاقيات النووية الدولية.
وتشير لندن إلى أن الاتفاق النووي ما يزال وسيلة مهمة بشكل حيوي للتحقق على نحو مستقل من التزام إيران بالاتفاق، وأن برنامج طهران النووي سلمي تماما.
فرنسا
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رغبة بلاده في إجراء محادثات عالمية جديدة بشأن إيران تتناول برنامجها النووي بعد عام 2025.
وتؤكد باريس تأييدها للاتفاق النووي لكن مع إدخال تعديلات عليه عبر التوصل إلى اتفاق تكميلي يرمي إلى تقييدالبرنامج النووي الإيراني على المديين القصير والبعيد، وتقييد أنشطتها المرتبطة بالصواريخ البالستية، وكبح ما يراه الغرب من سلوكها المزعزع للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وقال مبعوثون غربيون إن بريطانيا وألمانيا وفرنسا تقترب من التوصل إلى خطة ستقدمها إلى الرئيس الأميركي لإقناعه بالحفاظ على الاتفاق.
ألمانيا
تقول ألمانيا إنها تدرس بعناية فكرة الاتفاق التكميلي لكنها ترفض تغيير الاتفاق النووي الإيراني. وتشدد برلين على أن الأولوية بالنسبة لها تتمثل في الحفاظ على الاتفاق وتنفيذه بالكامل من كل الأطراف. وتقول الحكومة الألمانية إن الاتفاق جرى التفاوض بشأنه مع سبع دول إلى جانب الاتحاد الأوروبي، ولا يمكن إعادة التفاوض بشأنه أو استبداله لمجرد نزوة.
إيران
ترفض طهران أي تغيير في الاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية الست، وتقول إنه إذا انسحبت أميركا من الاتفاق فإنها ستنسحب قطعا، كما أنها لن تقبل باتفاق نووي لا يجلب لها منافع. وتشدد السلطات الإيرانية على أن الإبقاء على عقوبات مفروضة عليها تحت أي مسمى وبأي ذريعة، لن يكون مقبولا.
وقد اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة بالسعي من جانب واحد لتغيير بنود الاتفاق المتعدد الأطراف، ووصف وزير الخارجية محمد جواد ظريف اتهامات أميركا وإسرائيل لطهران بامتلاك برنامج نووي عسكري سري بأنها مجرد أكاذيب لا أساس لها، وتهدف إلى تبرير الانسحاب من الاتفاق. وتقول طهران إن هذه الاتهامات ادعاءات قديمة سبق أن بحثتها وكالة الطاقة الذرية.
وتضيف أنها قادرة تقنيا على تخصيب اليورانيوم لمستوى أعلى من الذي كان عليه قبل الاتفاق النووي، وتدعو الإدارة الأميركية إلى عدم الانسحاب منه وإلا فإن لإيران خيارات عديدة للتعامل مع الوضع الجديد.
كما ترفض طهران بشدة أي تفاوض بشأن برنامجها للصواريخ البالستية وأنشطتها النووية بعد عام 2025 ودورها الدولي في الشرق الأوسط، مثلما طالب ترامب.
روسيا والصين
ترى موسكو وبكين أنه لا مجال لإدخال تعديلات على الاتفاق النووي الإيران، وطالبتا الدول الأعضاء في الأمم المتحدةبدعم مسودة بيان يعبر عن “دعم راسخ” للاتفاق والإقرار بمساهمته المهمة في الأمن العالمي.
وقال المدير العام لإدارة منع انتشار الأسلحة بالخارجية الروسية فلاديمير يرماكوف إن الاتفاق النووي الإيراني “هش، وأي محاولة لتعديله ستؤثر على نظام منع الانتشار على المستوى العالمي”.
وكالة الطاقة الذرية
لا تخوض الوكالة الدولية للطاقة الذرية علنا في الجدل الدائر بشأن تعديل الاتفاق النووي، إلا أن آخر تقرير فصلي لها أظهر أن إيران لا تزال ملتزمة ببنود الاتفاق الذي وقعته مع القوى الست الكبرى.
وأوضحت الوكالة أن طهران لم تتجاوز القيود على مخزوناتها من اليورانيوم المنخفض التخصيب والماء الثقيل، ولم تخصب اليورانيوم لمستوى نقاء يتجاوز 3.67% مثلما ينص الاتفاق الذي رفع أيضا العقوبات الدولية على إيران.
الجزيرة