طالب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارة لموسكو الاثنين وقبل لقائه مسؤولين أوروبيين ببروكسل الثلاثاء، بضمانات من الدول الموقعة على الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، رغم إقراره بأن انسحاب واشنطن قد أخل بالتوازن.
ويتمسك النظام الإيراني بالبقاء ضمن الاتفاق النووي مهما كانت التكاليف، فيما يكثف التيار المحافظ داخل البلاد ضغوطه على حكومة حسن روحاني من أجل إعلان الانسحاب من الاتفاق.
واجتمع ظريف مع نظيره الروسي سيرجي لافروف بعدما أجرى مشاورات في بكين في نهاية الأسبوع وقبل وصوله إلى بروكسل الثلاثاء، حيث يلتقي نظراءه الفرنسي والألماني والبريطاني.
وقال ظريف إن “الهدف النهائي من كل هذه المحادثات هو الحصول على ضمانات بأن يتم الحفاظ على مصالح الشعب الإيراني كما يكفلها الاتفاق”، فيما ينكب قادة أوروبا على صياغة حزمة من التدابير لمواجهة العقوبات الأميركية التي قد تطال استثماراتهم المرتبطة بإيران. واعتبر لافروف أن على روسيا والأوروبيين “الدفاع بشكل مشترك عن مصالحهم” في هذا الملف، ما يؤكد المخاوف المشتركة من التأثيرات السلبية للعقوبات الأميركية على اقتصاديات الدول المرتبطة بطهران.
وقال الوزير الروسي “أتفهم جيدا سعي إيران لتأمين مصالحها المشروعة، وتوجد لدى روسيا وغيرها من أطراف الصفقة النووية كالصين والأوروبيين مصالح مشروعة أيضا، ضمنها الاتفاق النووي على مستوى الأمم المتحدة، لذلك يجب علينا الدفاع معا عن المصالح المشروعة لكل منا”.
وذكر أن الثلاثي الأوروبي والصين وروسيا وإيران أكدت التزامها بالاتفاق النووي، مشيرا إلى ضرورة بحث الإمكانيات المتاحة للحيلولة دون تقويض هذا الاتفاق وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، إضافة إلى صد التهديدات لنظام عدم الانتشار النووي.
ويرى متابعون أن دعوة وزير الخارجية الروسي إلى ضرورة التصدي لانتشار الأسلحة النووية في حديثه عن إنقاذ الاتفاق النووي بالإبقاء عليه دون واشنطن، تؤكد ضمنيا وجود سعي إيراني لامتلاك الأسلحة الذرية، ما يهدد الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط. والأحد، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن واشنطن لا تزال راغبة بالعمل مع شركائها الأوروبيين بشكل “وثيق” للتوصل إلى اتفاق جديد لمواجهة “سلوك إيران المؤذي”، بينما حذر مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون الأوروبيين من أن شركاتهم قد تواجه عقوبات إذا استمرت في التعامل مع إيران.
ويرى محللون أن روسيا قد تستفيد اقتصاديا من انسحاب الولايات المتحدة، بما أنها أقل عرضة لتداعيات إعادة تفعيل العقوبات من الأوروبيين.
ويؤكد متابعون أن النظام الإيراني لا يمتلك أي ورقة ضغط لمواجهة العقوبات الأميركية التي سيعاد فرضها بموجب الانسحاب من الاتفاق، سوى مواصلة الرهان على استبسال حلفاء واشنطن الأوروبيين في الدفاع عنه، رغم إقرار التيار المحافظ داخل إيران بأن أوروبا عاجزة عن التصدي للعقوبات الأميركية.
وتأتي تصريحات ظريف في وقت تتحرك فيه التيارات المتشددة التي لطالما عارضت خطوات الرئيس روحاني لتحسين العلاقات مع الغرب ضد جهود إنقاذ الاتفاق النووي.
ونقلت وكالة أنباء “فارس” المرتبطة بالمحافظين عن قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري قوله إن “الأوروبيين أعلنوا مرارا أنه لا يمكنهم الوقوف أمام إجراءات الحظر الأميركية، لقد منحنا الأوروبيين الفرصة ولكن عليهم أن يعطوا الضمانات، لكنني أستبعد أن يفعلوا ذلك”.
وأضاف جعفري “لذا، ينبغي علينا متابعة مسار الاكتفاء الذاتي الوطني والصناعة النووية بالاعتماد على الطاقات الداخلية”.
وكان المرشد الإيراني علي خامنئي شكك الأسبوع الماضي في إمكانية منح الأوروبيين الضمانات التي تحتاجها إيران للبقاء في الاتفاق النووي، لكن محللين أشاروا إلى أن إيران تبدو عازمة على عدم فقدان ماء الوجه في الأسابيع المقبلة.
العرب اللندنية