شبّه المرشد الإيراني علي خامنئي العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة بـ «قصة الفأر والقط»، معتبراً أن الأميركيين «سيُهزمون». في الوقت ذاته، لوّح رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد باقري و»الحرس الثوري» للرئيس الأميركي دونالد ترامب بمصير الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
في المقابل، اعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو امس انه سيلتقي الشهر المقبل حلفاء للولايات المتحدة، لمناقشة الخطوات المقبلة لكبح «تهديدات» ايران، النووية وغير النووية. وأضاف أن إدارة ترامب تعتزم العمل مع «أكبر عدد ممكن من الشركاء والأصدقاء والحلفاء»، مشيراً إلى «مناقشات أُجريت على مستوى أدنى من وزراء الخارجية»، ومعرباً عن ثقته بأن «هناك قيماً ومصالح مشتركة ستقودنا إلى النتيجة ذاتها، في شأن ضرورة الردّ على تهديدات إيران للعالم».
لكن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس شدد على أن «أوروبا متحدة جداً في موقفها إزاء الاتفاق النووي مع إيران، وهذا لن يتغيّر». وأضاف انه أوضح الموقف الألماني والأوروبي عموماً، خلال نقاش صريح في واشنطن مع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، لافتاً إلى ضرورة تجنّب استئناف إيران نشاطاتها النووية.
في باريس، شدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان على أن العقوبات الأميركية الجديدة على طهران «ليست مقبولة، ولا يمكن أن نسمح بأن تصبح مشروعة». ونبّه إلى أنها «لن تسهّل الحوار، بل العكس، ستشجّع موقف المتشددين (في ايران)، وهذا يضعف الرئيس (حسن) روحاني الذي يريد التفاوض». ولفت إلى أن «هذا التموضع يمكن أن يعرّض المنطقة لخطر اكبر مما تواجهه الآن». وكرّر مخاوفه من «انفجار إقليمي»، محذراً من «خطر اندلاع حرب». وتابع أن «كل الظروف اجتمع لاحتمال حدوث انفجار». وزاد: «لدينا مشكلة أخرى، هي سلامة شركاتنا والقدرة على منح إيران المزايا الاقتصادية التي تتوقعها، في مقابل تخلّيها عن تطوير سلاح نووي».
إلى ذلك، اعتبر خامنئي أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني يُظهر أن التعامل معها «ليس ممكناً». وتطرّق إلى خطاب بومبيو قبل أيام، لافتاً إلى أن «كل سياسات أميركا كان يستهدف إسقاط النظام الإيراني، لكنها هُزمت وستُهزم. هذه التصريحات ليست جديدة». واستدرك: «هُزم الأعداء دائماً، مثل قصة الفأر والقط، وسيُهزمون بلا شك. الرئيس الأميركي الحالي سيلقى مصير سابقيه: بوش والمحافظين الجدد وريغان، وسيُمحى من التاريخ».
أما وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فاعتبر أن بومبيو «كان يحلم في كلمته» ويكرر مزاعم قديمة ضد طهران «فقط بنبرة أقوى وأقل تهذيباً… بومبيو ومسؤولون أميركيون آخرون في الإدارة أسرى لأوهامهم الخاطئة وسجناء ماضيهم، باتوا رهائن لجماعات ضغط فاسدة». وشدد على أن تصريحات الوزير الأميركي «لم تكن أساساً للتفاوض، بل تستند إلى شيء آخر».
ووصف الجنرال محمد باقري القادة الأميركيين بأنهم «مجرمون وناكثون للعهود وفاسدون ومرتزقة مأجورون للصهاينة». وتابع: «هذا العدو (الولايات المتحدة) لا يملك الشجاعة للمواجهة العسكرية ولخوض حرب وجهاً لوجه مع إيران، لكنه يحاول ممارسة ضغوط اقتصادية ونفسية على الأمّة الإيرانية». وكرّر ان «القوات المسلحة الإيرانية أكثر استعداداً من أي وقت، ولن تنتظر إذناً من أي قوة لتطوير قدراتها الدفاعية». وزاد ان مصير ترامب «سيكون مثل مصير صدام الذي مزّق معاهدة الجزائر المُبرمة عام 1975» بين طهران وبغداد. في السياق ذاته، رأى «الحرس الثوري» أن «الزعماء الأميركيين تلقوا رسالة مفادها أنهم سيلقون مصيراً مشابهاً لمصير صدام، إذا هاجموا إيران».
وعلى رغم مواقف متشددة في طهران، نقلت وكالة «رويترز» عن أربعة مسؤولين إيرانيين بارزين قولهم إن تصريحات بومبيو تشكّل «استراتيجيا مساومة»، تشبه أسلوب الولايات المتحدة في التعامل مع كوريا الشمالية. وقال أحدهم ممّن شاركوا في المحادثات التي أفضت إلى الاتفاق النووي عام 2015: «أميركا لا تريد التورط بحرب أخرى في المنطقة. وإيران أيضاً لا يمكنها تحمّل مزيد من الصعوبات الاقتصادية. دائماً هناك سبيل للتوصل إلى حلّ وسط. عهد المواجهات العسكرية انقضى». ورجّح مسؤول ثانٍ أن تقبل الولايات المتحدة في نهاية المطاف درجة من نشاطات طهران لتخصيب اليورانيوم، وبرنامجها الصاروخي، لأن هذه هي «الخطوط الحمر لإيران». لكن مسؤولاً ثالثاً مقرباً من معسكر خامنئي، اعتبر أن الأميركيين «يكذبون»، وزاد: «حتى إذا قبِلت إيران كل شروطهم، سيستمرون في طلب المزيد، وهدفهم تغيير النظام. لا يمكن أبداً الوثوق بهم».
في المقابل، لفت ديبلوماسي غربي بارز في طهران إلى أن «الأوضاع الاقتصادية هي القضية الأساسية بالنسبة إلى معظم الإيرانيين، لا ما تفعله (طهران) في المنطقة أو برنامجها النووي». وأضاف: «لذلك سيُظهر القادة الإيرانيون مرونة، على رغم الخطب الرنانة التي تغلب عليها اللهجة الحادة. أبلت إيران بلاءً حسناً في الحروب بالوكالة، لكنها لا تستطيع مواجهة إسرائيل أو الولايات المتحدة في حرب مباشرة. ليست لديها أسلحة حديثة».
الحياة اللندنية