موضع قدم جديد لمئات اليمنيين الذين تقطعت بهم السبل في عالم اللجوء والهجرة. إنها جزيرة نائية بالقرب من الساحل الجنوبي لـ كوريا الجنوبية تُعتبر منتجعا يرتاده السياح للغطس ولعب الغولف وتناول وجبات الأحياء البحرية.
والقصة الأوسع التي تتكشف بجزيرة جيجو هي ما اعتاده أناس كانوا يبحثون بيأس عن ثغرات أو دروب غير مطروقة بالكرة الأرضية للعثور على مكان يرغب في استضافتهم.
إنها نفس قصة الأفارقة الذين يصلون الحدود المكسيكية الأميركية بعد رحلة برية من البرازيل، والسوريين الذين يصلون شواطئ اليونان، أو الإيرانيين الذين يصلون جزيرة ناورو بـ المحيط الهادي.
مأزق سول
هذا ما ورد بتقرير لصحيفة واشنطن بوست عن وصول أكثر من خمسمئة يمني خلال الأشهر الأخيرة إلى جزيرة جيجو الكورية قادمين من ماليزيا، مسببين مأزقا لسول التي وجدت نفسها في مواجهته فجأة.
حتى الربيع كانت الجزيرة بين الأماكن القليلة في العالم التي لا تطلب من اليمنيين وكثير من الشعوب الحصول على تأشيرة دخول. ولذلك وصل قليل من اليمنيين إليها خلال السنوات القليلة الماضية ليطلبوا منحهم حق اللجوء.
وتوقفت الجزيرة عن منح اليمنيين تأشيرة دخول عند وصولهم إليها بأعداد كبيرة الربيع الماضي على متن رحلات مباشرة مخفضة السعر من ماليزيا التي تمنحهم هي الأخرى تأشيرة دخول لدى وصولهم إليها.
القائمة بدون اليمن
ويأتي جميع اليمنيين إلى جيجو على أمل أن تكون محطة قصيرة إلى العاصمة سول ليطلبوا من هناك الحصول على حق اللجوء، لكن السلطات سارعت ومنعتهم من مغادرة جيجو.
وفي الأول من الشهر الجاري، أزالت جيجو اليمن من قائمة الدول المعفاة من الحصول على تأشيرة دخول مسبقة لتنضم إلى كل من سوريا وإيران ونيجيريا.
يقول اليمني أحمد عبده (23 عاما) -الذي غادر إب في أبريل/نيسان الماضي في رحلة كلفته 2000 دولار أميركي ونقلته عبر الأردن وقطر ثم كوالالمبور وأخيرا جزيرة جيجو- إنهم غير مرحب بهم في أي مكان بالعالم “أميركا لا ترغب في وجودنا بها، وأوروبا لا ترغب، والسعودية لا ترغب، وعندما سمعنا عن جيجو قلنا ربما تكون هي المكان الذي ينقذنا من ويلات الحرب الأهلية ببلادنا”.
حق الحياة
وتوقف عبده عن الكلام ليفكر فيما قاله توا، ثم استمر “لا نستطيع مغادرة جيجو. هذه حقيقة، لكننا على الأقل نتمتع هنا بحق الحياة. لا تقلقنا أي حرب، إنه لأمر جيّد”. وأضاف بأنه اضطر للخروج من اليمن، ككثيرين غيره، عندما بدأ الحوثيون تجنيدا إجباريا للشباب.
وكان عبده وغيره من اليمنيين بجيجو قد تُركوا ليعملوا ويتحركوا بالجزيرة -التي يبلغ عدد سكانها حوالي 600 ألف نسمة- لإعاشة أنفسهم بأنفسهم. ولذلك ازدادت أعدادهم بالنزل والمخيمات، وأحيانا يحصل الواحد منهم على وجبة طعام من مطعم أو من متبرع.
يوم الاثنين الماضي حصل أكثر من 200 منهم على فحوصات طبية مجانية من الصليب الأحمر الكوري بالجزيرة، وسجلوا بقائمة للحصول على عمل ستوفره سلطات الجزيرة، منتظرين رد سول على طلباتهم بحق اللجوء خلال أشهر أو أكثر.
وبدأ بعضهم يعمل أعمالا شاقة لا يمتهنها إلا قليل جدا من الكوريين مثل العمل بمزارع الأسماك ليحصلوا على الحد الأدنى للأجور وهو حوالي 1500 دولار أميركي شهريا. والمحظوظون منهم يحصلون على فرص عمل بالمطاعم. كما بدؤوا يتعلمون اللغة الكورية.
المصدر : واشنطن بوست