الآن، بعد مرور عام ونصف على توليه رئاسة متعبة مليئة بالمعارك، يخوض دونالد ترامب حرباً على ثلاث جبهات: مع الكونغرس حول الهجرة؛ ومع شركائنا التجاريين والشركات الأميركية بشأن التعريفات الجمركية؛ ومع التحقيقات الخاصة دائمة التوسع التي يجريها روبرت مولر في موضوع التدخل الروسي في حملة الانتخابات الرئاسية للعام 2016.
ولا تظهر أي من الحروب الثلاثة أي علامات على الانتهاء في أي وقت قريب. وإذا كان ثمة شيء، فهو أنها تزداد سخونة فحسب وتزيد من تقويض رئاسته.
وضع ترامب نفسه فجأة في موقف دفاعي بممارسته القاسية التي لا تحظى بشعبية، والتي تتمثل في إبعاد الأطفال قسراً عن والديهم المهاجرين على الحدود ووضعهم في أقفاص احتجاز معدنية.
وكانت شبكات الأخبار تعرض في تقاريرها الليلية أطفالاً صغاراً، بعضهم ترتسم على وجوههم تعابير الرعب الشديد، في حبسهم داخل الأقفاص.
وأظهر تسجيل صوتي من مرفق الحدود في براونزفيل، تكساس، أصوات الأطفال وهم يبكون وينادون والديهم. ويُسمَع في التسجيل صوت طفل صغير وهو ينتحب وينادي “بابا! بابا”، على الشريط الذي بثته أول الأمر وكالة أخبار “برو بابليكا” غير الربحية.
بل إن الرئيس، الذي اجتمع مع أعضاء مجلس النواب الجمهوريين مساء الثلاثاء قبل الماضي في مبنى الكابيتول، أخبر المشرعين بأن ابنته إيفانكا ناشدته وقالت له: “هل يمكننا فعل أي شيء لوقف هذا”؟
وعلى الرغم من أنه دافع عن ممارسة فصل الأطفال عن والديهم، فقد قال لمشرعين: “نحن بحاجة إلى التفكير في حل لهذا. إنه وضع سيئ”.
وفقاً لوزارة الأمن الداخلي، تم فصل 2.342 طفلاً عن والديهم في الشهر الماضي، حيث ينتظرون إجراءات الترحيل. ووجد استطلاع جامعة كوينيبياك الأخير أن ثلثي الأميركيين يعارضون سياسة فصل الأطفال المهاجرين عن آبائهم وأمهاتهم.
وفي استطلاع سابق للرأي كانت قد جامعة كينيبياك أيضاً، قال 79 في المائة من الأميركيين إنهم اتفقوا على أن “الحالمين” أو طلاب المدارس الثانوية أو البالغين في سن الجامعات، الذين جلبهم المهاجرون غير الشرعيين إلى هنا منذ سنوات عديدة، عندما كانوا رُضَّعاً أو أطفالاً صغاراً، يجب أن يسمح لهم بالبقاء في الولايات المتحدة.
يبدو أن الرئيس إلى صوابه جزئياً الأسبوع الماضي حين أصدر أمراً بعدم فصل الأطفال عن والديهم. ولكن، إذا كنت تعتقد أن حرب السيد ترامب مع موضوع الهجرة شأن معقد ومليء بالمتاعب في حد ذاته، فقد تحولت تعريفاته التجارية إلى كابوس مكلف وضاغط بالنسبة لآلاف الشركات الأميركية.
أدت التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على شركائنا التجاريين، من الصين إلى المكسيك إلى كندا -وفي أماكن أخرى أيضاً- إلى تدفق الالتماسات التي بلغ عددها عشرات الآلاف من الشركات الأميركية التي تسعى إلى إلغاء الضرائب المفروضة على الصلب والألمنيوم الأجنبيين.
تهدد سياسات التعريفت التجارية اليسارية التي وضعها الرئيس ترامب، من النوع الذي ظل الديمقراطيون الليبراليون يطالبون به لعقود، بفرض تكاليف أعلى على الشركات الأميركية ومنتجاتها، بطريقة أدت إلى تحول وجهات سوق الأسهم الذي كان يشهد اتجاهات صاعدة ذات يوم إلى الهبوط فجأة. وقد انخفض مؤشر “داو جونز” الصناعي يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي بما يقرب من 300 نقطة.
تحت عنوان كئيب يعلن أن “سيولاً من الشركات الأميركية تسعى للحصول على إعفاء من رسوم المعادن”، ذكرت صحيفة “الواشنطن” بوست يوم الأربعاء الماضي أن مسؤولي وزارة التجارة “واجهوا فيضاً غامراً” من عشرين ألف عريضة قدمتها الشركات الأميركية التي ترغب في مواصلة استيراد المعادن من دون رسوم جمركية.
ويقول غالبية مواطنينا –من أولئك الأشخاص الذين يتسوقون في وول مارت- إنهم لا يعتقدون أن سياسات السيد ترامب التجارية هي السبيل إلى “جعل أميركا عظيمة مرة أخرى”. ويعتقد حوالي 60 بالمائة من الذين شملهم الاستطلاع أن حربه الجمركية ستتركهم أسوأ حالاً على الصعيد الشخصي، وفقاً لاستطلاع جديد أجرته محطة “سي. بي. أس”.
ولكن، وعلى الرغم من ذلك، ما يزال السيد ترامب يعبث بطريقة خطرة بالتعريفات الجمركية، ويرفع من مستوى التحدي مع شركائنا التجاريين، وخاصة الصين.
في الأسبوع الماضي، أمر ترامب كبير مفاوضيه، الممثل التجاري الأميركي روبرت إي. لِتايزر، بوضع قائمة بقيمة 200 مليار دولار من المنتجات الصينية التي ستفرض عليها رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة إذا ما رفضت الصين خفض العجز التجاري الذي لدينا معها.
وذكرت صحيفة “الواشنطن بوست” يوم الثلاثاء في الأسبوع الماضي أن “مثل هذه الخطوة ستكون غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة، وستجعل جميع المنتجات التي تبلغ قيمتها نحو 505 مليارات دولار تقريباً، والتي تستوردها الولايات المتحدة من الصين، خاضعة للتعريفات الجمركية”. وإذا كنتَ من زبائن أسواق وول مارت، مثلي، فإن هذا يعني أن أسعار هذه الأسواق سوف تتضاعف ثلاث مرات على الأقل.
من المستحيل التنبؤ بوجهات الجبهة الحربية الثالثة مع السيد مولر، التي تظل الأكثر خطورة على الإطلاق. فمنذ البداية، نفى السيد ترامب أن تكون روسيا قد تدخلت في انتخابنا في هجوم غير مسبوق من الحرب السيبرانية على كل صناعة الإعلام الاجتماعي في أميركا. لكنه لم يعد ينكر ذلك الآن.
دونالد لامبرو
الغد