اكتسبت نتائج الإنتخابات التركية بشقيها الرئاسي والنيابي اهمية كبيرة على صعيد العلاقات السياسية الدولية في منطقة الشرق الاوسط والوطن العربي كونها تشكل منعطفا مهما في تحديد مسارات العلاقات الدولية والاقليمية ومواقف الأقطار العربية من العديد من الازمات التي تعيشها هذه الاقطار والدول المحيطة بتركيا ،ومن هنا جاء الاهتمام البارز والمهم في متابعة نتائجها ومراحل وسياقات الاعداد لها وهي لم تفاجئ أحد من المتابعين للشأن السياسي التركي لطبيعة الفعل الميداني الذي أنتهجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعلاقاته مع جميع أطياف ومكونات الشعب التركي والفهم المتبادل في رسم خطوات المستقبل الواعد للدولة التركية والانعطافة التاريخية التي عاشتها تركيا بعد أحداث الانقلاب العسكري الذي حدث في أب 2016 والخطوات العملية التي تمكن منها أردوغان في معالجة الاسباب الحقيقية التي أدت الى أحداث الآنقلاب ودراسة الواقع الحقيقي لطبيعة التوجهات السياسية للدولة التركية الحديثة .
أهمية الانتخابات ونتائجها سيكون للعرب مجالا واسعا منها في رسم جديد لكيفية التعامل والتعاطي مع الازمات السياسية التي تحيط بالاقطار العربية والموقف الدولي والاقليمي الذي يصارع التوجه التركي نحو اقامة منظومة سياسية واعية للعلاقات التركية -العربية والتي قد تأتي بما لايتلائم والمصالح السياسية الدولية المتبعة في المنطقة العربية .
ولهذا على الجميع الذين يسعون الى تعزيز هذه الاهداف والمواقف خاصة بعد التغيير الدستوري الذي حصل في تركيا والتأييد الذي حظي به من معظم الشعب التركي بالانتقال من النظام النيابي الى النظام الرئاسي الذي يمنح الرئيس المنتخب حاليا صلاحيات واسعة في جميع الميادين والاصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية وضمن المصلحة المشتركة التي عليها أن تتميز بها العلاقات التركية العربية وملامح وآفاق جديدة بعد النتائج الاخيرة للانتخابات والتي نراها بالآتي :
1.تعزيز أواصر العلاقة الاقتصادية وايجاد منظمومة إقتصادية مشتركة وبرامج تنموية بين تركيا وجميع الاقطار العربية ضمن منهاج وإعداد إقتصادي دقيق غايته الوصول الى مراحل متقدمة من التعاون بين جميع الآطراف .
2.وتعزيزا لهذا التعاون الاقتصادي الاستراتيجي يتحتم إحياء منظومة للعمل السياسي المشترك تستند الى قاعدة رصينة لبناء علاقات واسعة أساسها المصالح المشتركة التي تبنى على اعتبار أساسي في توحيد المواقف السياسية من جميع الازمات التي تعيشها المنطقة العربية وتحديد المسارات الصحيحة لحلها خدمة للجميع .
3.قيام تركيا بدورها الفعال في صياغة محور عربي -تركي يقوم على تحديد أهم أوجه الاطر المشتركة في تعزيز العلاقات بين العرب والاتراك قوامه القاسم المشترك في الروابط الدينية والتاريخية المشتركة التي تميز العلاقات بين الطرفين .
4.تكوين رؤية سياسية واضحة وشاملة لجميع الازمات التي تعيشها الاقطار العربية التي لا زالت المعارك والاشتباكات والصراعات السياسية تمثل ملامحها الميدانية في (سوريا-اليمن-ليبيا)والعمل على ايجاد ركائز مشتركة لحل سياسي يكون للاتراك فيه الدور الرئيسي والحاسم في إنهاء هذه الازمات والصراعات وتحديد موقف مشترك يعيد العلاقات التركية-العربية الى سابقها المعروف .
5.تكوين مساحة ورسم أطر العلاقات السياسية بين العرب والاتراك تكون واضحة في ابتعادها عن أطارها السياسي الايديولوجي ،أي أن لا تتدخل النوازع والاهداف التي تشكل عائقا في تحديد المسار المعبر عن طبيعة العلاقات العربية -التركية وخاصة فيما يتعلق بالتوجهات الفكرية التي تشكل ركيزة مهمة في مفهوم الدولة التركية الحديثة .
6.اعطاء جانب مهم وحيوي في العلاقات مع العراق خاصة بعد مشكلة المياه وما آلت إليه الأوضاع في ملف المياه الذي بدأ يتصدر لائحة الهموم المشتركة بين العراق وتركيا ،فبعد الانتهاء من بناء سد “أليسو” بدأت مشاكل عديدة أدت الى ظهور كثير من المعوقات التي تهدد مستقبل الثروة المائية والحيوانية والزراعية في العراق الامر الذي يحتم وضع سياقات جديدة في رسم علاقات متوازنة وحقيقية مع العراق في جميع الميادين يعززها التبادل التجاري بين البلدين الذي وصل الى أكثر من 12 مليار دولار سنويا .
7.إيجاد منظومة أمنية عربية -تركية مشتركة وخاصة مع العراق تتعلق بوجود حزب العمال التركي في الاراضي العراقية وكونه يشكل عائقا مهما ويعتبر من أهم الاشكاليات التي تعكر صفو العلاقات بين البلدين بسبب الهجمات والاعتداءات التي يقوم بها عناصر حزب العمال أنطلاقا الاراضي العراقية .
8.قيام الرئاسة التركية بدورها المؤثر في إحداث التوازنات السياسية الإقليمية واستثمار علاقاتها مع جميع الادراف العالمية والاوربية وايجاد علاقات متوازنة وحلول جذرية تتوافق ومصالح جميع الاطراف كما حدث مؤخرا في المشهد السوري والاتفاق الذي تم بين الاتراك والامريكان حول التواجد في منطقة منبج السورية .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية