في تطور لافت لسير العمليات العسكرية في سوريا على ضوء قرب حسم ملف الجنوب، وفي هجوم هو الأعنف والأوسع منذ ثلاث سنوات، نفذت مجموعات سورية مسلحة من المعارضة، أمس، ضربات مباغتة على مواقع لقوات النظام السوري والحرس الثوري الإيراني في جبال اللاذقية الشمالية، على الساحل السوري، مما أدى وفق العديد من المصادر إلى مقتل وجرح 80 من تلك القوات، وأسر عدد من العناصر المحلية والأجنبية.
الهجوم الذي نفذته مجموعات تتبع لـ «أنصار الإسلام وفرسان الإيمان»، أدى وفق ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى مقتل وإصابة 70 من قوات النظام والحلفاء الموالين له في منطقة «جبل التركمان» في ريف اللاذقية الشمالي.
بدورها، نعت وسائل إعلامية موالية للنظام السوري في محافظة طرطوس، الثلاثاء، 30 من قواته، قتلوا في الهجوم، مؤكدة أن من بين القتلى ثمانية ضباط برتب عسكرية مختلفة، بالإضافة إلى 22 عنصراً من الميليشيات المحلية والقوات النظامية.
وأسفرت الهجمات المباغتة عن إصابة أكثر من 40 آخرين من عناصر قوات النظام وحلفائها، فيما لا تزال أعداد القتلى قابلة للازدياد لوجود جرحى بحالات خطرة»، وفق المصدر.
الاشتباكات تركزت وفق العديد من المصادر، في منطقة عطيرة القريبة من الحدود السورية مع لواء إسكندرون، واندلعت مواجهات أخرى في محاور كلس، والزيارة، ونوارة، والصراف.
وسيطر الفصيلان الجهاديان على تسع نقاط كانت تتمركز فيها الميليشيات بعد اشتباكات دامت ساعات، استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، حيث تسيطر فصائل معارضة على منطقة محدودة في ريف اللاذقية الشمالي تندرج ضمن اتفاقية خفض التوتر في سوريا بموجب محادثات أستانة، برعاية كل من روسيا وتركيا وإيران.
بدوره، أكد أحد القيادات الميدانية التي شاركت بالهجوم على مواقع النظام السوري، مقتل قائد ميداني إيراني. وأضاف في تسجيل صوتي، أن المجموعات المهاجمة تمكنت من أسر عناصر من الميليشيات في المواقع التي تقدموا نحوها قبل أن ينسحبوا. وهدد القيادي، في التسجيل، الميليشيات بأنها إن واصلت استهداف المنطقة سيتم التعامل مع الأسرى وتصفيتهم.
من جانبها، نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية، عن قائد عسكري ميداني في قوات النظام السوري قوله: «إن المجموعات المسلحة شنت هجوماً مسلحاً كبيراً على بلدة عطيرة في ريف اللاذقية الشمالي». وأضاف القائد العسكري أن «المعلومات لدينا قبل الهجوم كانت تفيد بأن تركيا تستعد لمساندة المسلحين». ونفى القائد العسكري «الأنباء التي نشرت في بعض وسائل الإعلام عن انسحاب الجيش السوري من نقاطه في المنطقة، وقال: «الجيش لا يزال صامداً في مواجهة الهجوم وأوقع عدداً من القتلى في صفوف المسلحين».
وفي تطور عسكري آخر باغت تنظيم «الدولة»، قوات الأكراد المسماة «سوريا الديمقراطية»، المدعومة من التحالف الدولي، في دير الزور شرقي سوريا، بهجمات مفاجئة، أدت إلى أخذ آبار نفطية من قبضة القوات ذات الغالبية الكردية.
ووفق مصادر في المعارضة السورية، فإن تنظيم «الدولة»، سيطر على حقلي السياد والدهش، في ريف دير الزور الشرقي، بعد معارك عنيفة خاضها مع قوات سوريا الديمقراطية، التي لم تعقب على خروج الحقلين النفطيين من قبضتها لمصلحة التنظيم.
تنظيم «الدولة» اعتمد وفق المصادر ذاتها، على حرب العصابات، والهجمات الخاطفة، والتي أدت إلى مفاجأة قوات سوريا الديمقراطية، وانتهت بسيطرته على الحقلين النفطيين.
هجمات التنظيم تأتي بعد خسارته في الأشهر الأخيرة للعديد من المواقع الرئيسية التي كان يسيطر عليها في المحافظات السورية والعراقية، ليقتصر نفوذه على بعض الجيوب في محيط مدينة البوكمال وعلى الضفة الشرقية لنهر الفرات على الحدود السورية – العراقية.
يشار هنا في هذا السياق إلى تحقيق استقصائي لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أمس، قالت فيه: إن المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة، الذين فرّوا من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها بعد الحرب الدوليّة التي شُنّت عليهم، لجأوا إلى الصحراء، وهم يستعدّون الآن لبدء صفحة جديدة من الهجمات في العراق وسوريا.
وبيّنت الصحيفة في تحقيقها أن مقاتلي التنظيم يتّبعون استراتيجية جديدة معتمدين على أسلحة وذخائر مخبّأة. ويتميز التنظيم حاليا بـ«لا مركزيّة» أكبر، ويعتمد أسلوب الهجمات المباغتة مستغلاً الظروف في العراق وسوريا، ونجح في خلق خلايا نائمة تابعة له، كما أن لديه مجموعة كبيرة من الأنفاق في الصحراء الشاسعة التي تمتدّ بين البلدين.
هبه محمد
القدس العربي