روسيا تستثمر الحدث الكروي لتعزيز مكاسبها في الشرق الأوسط

روسيا تستثمر الحدث الكروي لتعزيز مكاسبها في الشرق الأوسط

تحولت روسيا في الفترة الأخيرة إلى محجّ للعديد من الرؤساء والزعماء بمناسبة احتضانها لنهائيات كأس العالم، وتتخذ زيارة رؤساء عرب أهمية استثنائية لجهة الصراعات الدائرة في المنطقة وتعاظم الدور الروسي فيها.

ويقوم الجمعة كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس السوداني عمر حسن البشير بزيارة إلى موسكو حيث سيلتقي الطرفان نظيرهما فلاديمير بوتين الذي نجح وفق مراقبين في استثمار احتضان بلاده للحدث الكروي الذي سينتهي الأحد لتحقيق غايات سياسية ودعائية وعلى رأسها تكريس بلاده كرقم في المعادلة الدولية.

وتأتي زيارة عباس والبشير قبل أيام من حدث سياسي يصفه البعض بالمفصلي وهو لقاء القمة الذي سيجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب في العاصمة الفنلندية هلسنكي والذي سيركز على جملة من الملفات، لمنطقة الشرق الأوسط نصيب الأسد منها.

وبشأن زيارة عباس قال السفير الفلسطيني لدى روسيا عبدالحفيظ نوفل الخميس إن أبومازن سيجري “سلسلة لقاءات أبرزها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول المستجدات السياسية” في المنطقة “وانتهاكات الاحتلال في الاستيطان وحصار غزة ومصادرة الأموال الفلسطينية”.

وشدد نوفل على “أهمية اللقاء خصوصا لأنه يأتي قبيل اجتماع قمة ثنائي بين رئيسي روسيا والولايات المتحدة في هلسنكي في الـ16 من الشهر الجاري”.

وبدا واضحا أن روسيا تريد أن تلعب دورا متقدما في الملف الفلسطيني، وقد استبقت زيارة عباس بعقد مسؤوليها جملة من اللقاءات مع الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خلال الأيام الماضية.

وتواجه القضية الفلسطينية تحديات كبرى على رأسها صفقة القرن التي تعدها الإدارة الأميركية والتي تفيد بعض التسريبات بأنها لن تكون محل قبول لدى السلطة الفلسطينية كما الفصائل، هذا فضلا عن الحصار الذي يتعرض له قطاع غزة، واستمرار السياسات الاستيطانية، وأخيرا وليس آخرا الانقسام الفلسطيني. وبدت روسيا تحاول الإمساك بالعصا من المنتصف، وإن أظهرت تحفظات على اعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها.

وتستثمر روسيا في حالة القطيعة السائدة بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة على خلفية مسألة القدس، وتعمل على طرح نفسها كوسيط قادر على لعب دور متقدم في حلحلة هذا الملف الشائك، دون أن يكون ذلك على حساب الولايات المتحدة التي لطالما احتكرت الملف.

ويقول مراقبون إن اللقاء الذي جمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موسكو الخميس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإن ركز على المسألة السورية والتخوفات الإسرائيلية من الوجود الإيراني في هذا البلد الذي يشهد حربا دموية منذ ثماني سنوات والذي توليه موسكو مكانة خاصة لانخراطها المباشر فيه، فإنه من المرجح أن يكون قد بحث القضية الفسطينية وسبل إحياء المفاوضات، وأيضا صفقة القرن التي تعتزم واشنطن طرحها.

ويشير المراقبون إلى أن الرئيس الفسطيني بالتأكيد سيناقش خلال لقائه المرتقب مع بوتين التسوية الأميركية المثيرة للجدل، قبل التقاء الأخير بترامب.

أما في ما يتعلق بزيارة الرئيس عمر حسن البشير إلى موسكو وهي الثانية له خلال أشهر قليلة، فيرجح مراقبون أن تكون مرتبطة هي الأخرى بلقاء القمة المنتظر بين الرئيسين الروسي والأميركي.

ولا يستبعد مراقبون أن يطرح الرئيس السوداني على نظيره الروسي محاولة التوسط لدى الرئيس دونالد ترامب لسحب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب خاصة مع اقتراب الجولة الثانية من الحوار الأميركي السوداني.

ويقول متابعون إن الرئيس عمر البشير يولي شطب اسم بلاده من القائمة السوداء أهمية استثنائية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها بلاده.

ومعلوم أن وجود اسم السودان في هذه القائمة التي تضم ايضا إيران وكوريا الشمالية يحرمه من المساعدات والمنح الدولية، كما أنه يعسر مهام اقتراضه من البنوك العالمية وينفر المستثمرين الأجانب.

وكانت الولايات المتحدة قد قامت قبل أكثر من أسبوعين برفع الحظر عن التحويلات البنكية السودانية كما خففت القيود على المبادلات التجارية لهذا البلد بيد أن ذلك يبقى غير كاف لإنعاش اقتصادها المنهك.

وتشهد العلاقات الروسية السودانية تطورا واضحا في السنوات الأخيرة، خاصة مع تصاعد نجم بوتين في المنطقة. وكان البشير قد زار موسكو في نوفمبر الماضي.

 أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، عدم وجود “مشكلة” بين بلاده والرئيس السوري بشار الأسد، لكنه شدد على ضرورة إخراج القوات الإيرانية من سوريا، وعلى حق تل أبيب في التحرك “عند الضرورة لحماية حدودها ضد أي تحرك عسكري سوري”. ونقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني عن نتنياهو قوله للصحافيين قبيل مغادرته العاصمة الروسية موسكو الجمعة “ليست لدينا مشكلة مع نظام الأسد فعلى مدى 40 عاما لم يتم إطلاق رصاصة واحدة من مرتفعات الجولان”. وكان نتنياهو قد التقى الخميس في موسكو، بالرئيس الروسي فلادمير بوتين حيث تركز الحديث على التطورات في سوريا، ومطالبة إسرائيل بإخراج إيران من سوريا. وقال نتنياهو إن إسرائيل “لا تعارض إعادة الرئيس السوري بشار الأسد سيطرته على سوريا واستقرار قوة نظامه، ولكن إسرائيل ستتحرك عند الضرورة وكما فعلت في الماضي لحماية حدودها ضد أي تحرك عسكري سوري”.

وأضاف “لقد أوضحت سياساتنا أننا لم نتدخل ولن نتدخل وهذا لم يتغير وما أزعجنا هو (تنظيم) داعش و(المنظمة اللبنانية) حزب الله وهذا لم يتغير”. وتابع نتنياهو قائلا “لب المسألة هو الحفاظ على حريتنا في التحرك ضد أي شخص يتحرك ضدنا، وثانيا إبعاد الإيرانيين عن الأراضي السورية”. وجاءت تصريحات بنيامين نتنياهو بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي قصف ثلاثة مواقع في سوريا فجر الجمعة، بعد اختراق طائرة دون طيار مجالها الجوي. وقال نتنياهو إن الإيرانيين “لم يغادروا المنطقة الحدودية السورية بالكامل وإنما عادوا عدة عشرات من الكيلومترات بعيدا عن حدود الجولان”.

واستدرك “ما زالت سياسة إسرائيل كما هي: انسحاب القوات الإيرانية بشكل كامل وفي ذات الوقت لن تتدخل إسرائيل في جهود الأسد لاستعادة المناطق الحدودية وهو أمر مهم للروس”.ويقوم الجيش السوري بدعم من روسيا منذ 19 يونيو بعملية عسكرية في جنوب سوريا، ونجح في السيطرة على معظم أنحاء محافظة درعا وتمكن الجمعة من رفع العلم السوري في عاصمة المحافظة، التي تحمل دلالة رمزية عميقة لجهة أنها أول مدينة شهدت احتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد. ويرجح مراقبون أن تتجه عمليات الجيش خلال الأيام القليلة المقبلة صوب محافظة القنيطرة المحاذية لهضبة الجولان المحتل، التي تسيطر فصائل معتدلة وإسلامية على أكثر من نصفها.

ويقول مراقبون إن إسرائيل لن تعرقل العمليات في تلك المحافظة رغم القصف الأخير، ولكنها ستتحرك في حال بدت هناك تهديدات موجهة ضدها. ويشير هؤلاء إلى أن العملية التي يقوم بها النظام السوري بدعم من حليفته موسكو في الجنوب ما كانت لتتم لولا وجود ضوء أخضر أميركي وإسرائيلي. وأكد نتنياهو أن إسرائيل “تنسّق مواقفها بشكل كامل مع الولايات المتحدة الأميركية”.

العرب