البصرة (العراق) – تشكل حركة الاحتجاج العراقية على الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة والبطالة والمحسوبية في التوظيف احراجا حقيقيا للنظام السياسي خاصة مع اتساع نطاقها، ما جعل رئيس الوزراء العراقي يتخذ سلسلة من الاجراءات التنموية في محاولة منه لاحتواء نيران الغضب الشعبي المتصاعد وإخماد خطره.
وسارعت الحكومية العراقية مساء السبت لاتخاذ إجراءات تنموية لاحتواء الاحتجاجات في جنوب العراق غداة مقتل شخصين بإطلاق نار لم تتضح ظروفه، ولإعادة فرض الأمن ولا سيما في محافظة البصرة حيث فرضت السلطات حظر تجول ليليا.
وأفاد مصدر مطلع اليوم الأحد بأن وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي قرر إقالة قائد شرطة النجف ماجد حاتم، حسبما أفادت وسائل إعلام عراقية .
ونقل عن المصدر قوله إن الأعرجي كلّف اللواء علاء غريب بإدارة شؤون مديرية شرطة المحافظة.
وخصص رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مساء السبت، 3 مليارات دولار لمحافظة البصرة (جنوب) لتحسين الخدمات العامة في مسعى لتهدئة احتجاجات عارمة بدأت بالمحافظة وامتدت لمحافظات أخرى ذات أكثرية شيعية جنوبي البلاد.
وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء أن “العبادي قرر إطلاق مخصصات البصرة البالغة 3.5 تريليون دينار عراقي (نحو 3 مليار دولار) فورا، واستخدامها لتحلية المياه وفك الاختناقات بشبكات الكهرباء وتوفير الخدمات الصحية اللازمة”.
وأضاف أن رئيس الحكومة اتخذ قرارات “شملت أيضا توسيع وتسريع آفاق الاستثمار للبناء بقطاعات السكن والمدارس والخدمات، وإطلاق درجات وظيفية لاستيعاب العاطلين عن العمل وفق نظام عادل بعيدا عن المحسوبية والمنسوبية”.
كما قرر العبادي، وفق البيان، “زيادة الاطلاقات المائية (مياه الأنهار) وبالأخص إنصاف محافظات البصرة وذي قار والمثنى والديوانية لوقوعها جنوب الأنهار”، دون تفاصيل.
وذكر البيان أيضا أن العبادي قرر “حل مجلس إدارة مطار النجف (جنوب)”، دون تفاصيل أكثر في هذه الجزئية.
وشهدت مناطق عدة في جنوب العراق تظاهرات متفرقة شارك في كل منها عشرات الاشخاص وتخلل بعضها اعمال عنف ولا سيما في مدينة البصرة حيث هاجم متظاهرون مقر منظمة بدر وحاولوا إحراقه ما أدى إلى صدام بينهم وبين القوات الأمنية أسفر عن إصابة ثلاثة متظاهرين على الأقل بجروح.
وعلى الإثر أعلنت السلطات الأمنية في محافظة البصرة فرض حظر تجول من الساعة العاشرة مساء حتى السابعة صباحا.
وانقطعت خدمة الانترنت في جميع انحاء العراق منذ ظهر السبت وكانت لا تزال مقطوعة حتى المساء.
وكان عشرات المحتجين شاركوا في تظاهرات متفرقة صباح السبت بالقرب من حقلي غرب القرنة والمجنون النفطيين في شمال مدينة البصرة، إضافة إلى اعتصام متواصل أمام ميناء أم قصر في جنوب المدينة، وأمام مبنى المحافظة في وسط المدينة، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.
وتواصلت التظاهرات في البصرة السبت، لليوم السابع على التوالي، احتجاجا على البطالة ونقص الخدمات.
وارتفع عدد قتلى التظاهرات إلى ثلاثة ليل الجمعة السبت، بعدما توفي متظاهران متأثرين بجروحهما “جراء إطلاق نار عشوائي في مدينة العمارة” وسط محافظة ميسان الجنوبية، بحسب ما أفاد المتحدث باسم دائرة صحة المحافظة أحمد الكناني.
وبحسب وسائل إعلام عراقية، خرجت تظاهرات أمام مقار الأحزاب في ميسان، وأقدم متظاهرون على إضرام النيران في بعضها، منها مقر حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
ودفعت التظاهرات التي أسفرت أيضا عن عشرات الجرحى، بالعبادي للتوجه الجمعة إلى البصرة حيث اجتمع فور وصوله مع قيادة العمليات العسكرية للمحافظة وشيوخ عشائر ومسؤولين محليين.
وبعد عودته من المحافظة الجنوبية، ترأس العبادي اجتماعا طارئا للمجلس الوزاري للأمن الوطني، وفق بيان رسمي السبت.
وأشار البيان إلى أن المجتمعين حذروا من “مجاميع مندسة صغيرة ومنظمة تحاول الاستفادة من التظاهر السلمي للمواطنين للتخريب ومهاجمة مؤسسات الدولة والممتلكات الخاصة”، مؤكدا أن “قواتنا ستتخذ كافة الإجراءات الرادعة بحق هؤلاء”.
لكن زيارة العبادي لم تنتج هدوءا، بل امتدت التظاهرات إلى محافظاتي ذي قار والنجف. واقتحم متظاهرون غاضبون مساء الجمعة مطار النجف الدولي، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وأقدم محتجون آخرون على إحراق مكاتب لبعض الأحزاب في المدينة المقدسة، قبل أن يعود الهدوء السبت وسط معاينة الأضرار، وسط المصدر نفسه.
وساد الهدوء في مدينة الناصرية في محافظة ذي قار السبت، بعد ليلة شهدت توترا أسفر عن إصابة متظاهرين وأفراد من قوات الأمن بجروح، بحسب ما أفاد مصدر طبي.
وخرجت تظاهرة خجولة بعد منتصف الليل في منطقة الشعلة في شمال العاصمة بغداد، وسط إجراءات أمنية مشددة. ولا يزال التجمع قائما السبت.
وسرت شائعات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي عن دعوات مجهولة المصدر إلى التظاهر بكثافة في العاصمة السبت، وأشار بعضها إلى أن الوجهة قد تكون المنطقة الخضراء الشديدة التحصين، حيث مقار الوزارات والسفارات.
العرب